خطوة “عبثية”.. ما إمكانية الغوص بحرا للبحث عن النفط؟

​​​​​​​كشف متخصصون في الطاقة، أن إعلان وزارة النفط عن التوجه لاستكشاف المياه الإقليمية بحثا عن…

كشف متخصصون في الطاقة، أن إعلان وزارة النفط عن التوجه لاستكشاف المياه الإقليمية بحثا عن النفط أو الغاز، هي خطوة “إعلامية وعبثية” فقط ولا جدوى منها، لأن المنطقة مشتركة مع 3 دول، كما أن البلد لا يملك أي مقومات للتنقيب في المياه، بالإضافة إلى وجود نحو 60 حقلا بريا مكتشفا لم يتم استثمارها لغاية الآن.

ويقول مصدر مسؤول في وزارة النفط، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “لدى الوزارة نية لتنفيذ عملية استكشاف في المياه الإقليمية التي تجمع العراق وإيران والكويت للبحث عن تراكيب هيدروكاربونية، تكون عبارة عن نفط أو غاز دائما”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “المنطقة التي يراد استكشافها قد لا تضم أيا من المواد النفطية، فليس هناك ما يثبت وجود تراكيب هيدروكاربونية بهذه المنطقة، كما أن العراق ليس له خبرة في قضية استخراج النفط من المياه، ولذا يجب أن يتعاقد مع شركات عالمية متخصصة بهذا المجال، فللعراق خبرة في الاستخراج البري فقط”.

ويشير إلى أنه “لا يمكن معرفة الأهمية الاقتصادية لهذا الاستكشاف إلا بعد كشف ما يوجد في هذه المنطقة وكميته، وهذا الأمر يتطلب سنوات عدة ربما تصل إلى 7 سنوات أو أكثر من ذلك، ولذا فإن الإعلان يمثل فقط نية الوزارة للتحرك، ولكن لا يوجد تحرك حقيقي في الواقع نحو هذا الاستكشاف”.

وكانت وزارة النفط أعلنت، أمس الثلاثاء، في بيان حمل عنوان “لأول مرة في قطاع النفط العراقي.. وزير النفط يعلن قرب تنفيذ عمليات المسح الزلزالي للرقعة البحرية في المياه الإقليمية”، عن توجهها للاستكشاف في مياه الخليج العربي، بحثا عن تراكيب هيدروكاربونية، عبر التعاقد قريبا مع شركة سينوك الصينية.

وكان وزير النفط إحسان عبد الجبار، أعلن في وقت سابق، أن “الطاقات الإنتاجية الحالية للنفط الخام في العراق تبلغ أربعة ملايين و800 ألف برميل يوميا، ونعمل على زيادتها إلى ستة ملايين برميل قبل حلول العام 2027 وثمانية ملايين برميل يوميا بنهاية العام 2027 وذلك بالتعاون مع الشركات الأجنبية العاملة في البلاد”.

وتنتشر حقول الغاز المصاحب والطبيعي في معظم المحافظات النفطية العراقية، بواقع 70 بالمئة في حقول البصرة (مجنون وحلفاية والرميلة) و10 بالمئة في حقول كركوك و20 بالمئة في المناطق الشمالية والغربية في البلاد، وذلك بحسب إحصائية كاملة حصلت عليها “العالم الجديد” ضمن ملف الغاز، الذي نشرته العام الماضي.

من جهته، يصف الخبير النفطي حمزة الجواهري، خطوة وزارة النفط خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بـ”العبثية”، خصوصا وأن “لدى العراق أكثر من 60 حقل نفط وغاز تم استكشافها من دون استثمار، كما أن من غير المفيد الذهاب نحو هذه المنطقة البحرية المزدحمة تماما بالمنشآت النفطية العراقية للتصدير والناقلات التي تذهب إلى الموانئ الكويتية والسفن الذاهبة إلى الموانئ الإيرانية، فمن الصعب جدا إجراء أي عمليات استكشاف هناك”.

ويبين الجواهري، أن “المنطقة التي يراد الاستكشاف فيها تشهد صراعا وخلافا بين العراق وإيران والكويت، وأي استكشاف فيها سيكون مشتركا بين هذه الدولة الثلاث، فلا يوجد شيء للعراق وحده في تلك المنطقة إذا ما تم استكشاف النفط أو الغاز، ولذا نقول إن خطوة وزارة النفط عبثية ولا جدوى اقتصادية فيها”.

ويتابع أن “عملية استكشاف واستخراج التراكيب الهيدروكاربونية من المياه الإقليمية تحتاج إلى نحو 9 سنوات، ولهذا فإن خطوة وزارة النفط هي إعلامية أكثر منها حقيقية، كما أنه لا يوجد دليل على احتواء هذه المنطقة على نفط أو غاز، وربما يجري العراق عملية استكشاف ولا يجد شيئا، وهنا تكون العملية مجرد خسائر مالية للعراق لأن عليه التعاقد مع شركات عالمية متخصصة بالاستكشاف البحري”.

جدير بالذكر، أن خبراء في الطاقة أكدوا سابقا لـ”العالم الجديد”، أن التأخر بحسم ملف استثمار الغاز يعود لأسباب “سياسية” وتدخلات خارجية، وليست فنية، وهو ما أكده مسؤول في وزارة النفط أيضا.

يذكر أن وزارة النفط، أعلنت في 1 نيسان أبريل 2021، أن شركة “بيكر هيوز” الأمريكية للخدمات النفطية، هي الأقرب للفوز بعقد استثمار الغاز الطبيعي في حقل عكاز بمحافظة الأنبار غربي البلاد، كما أن هناك مفاوضات متقدمة مع الشركة (وهي إحدى أذرع شركة جنرال إلكتريك الأمريكية)، وهناك احتمال كبير أن يتم توقيع العقد مع هذه الشركة وحدها، أو أنها تقود ائتلافا لتطوير الحقل.

ويحتوي حقل عكاز في الأنبار، بحسب التقديرات، على 5.3 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وبذلك يعد من أكبر حقول الغاز في العراق.

وفي السياق ذاته، يفيد الخبير في مجال الطاقة مازن السعد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “استكشاف واستخراج التراكيب الهيدروكاربونية من المياه الإقليمية المؤمل عمله من قبل وزارة النفط، ربما تنتج عنه خسائر للعراق، فيجب دراسة الموضوع جيدا ومعرفة كلفة هذه العملية مقابل مردودات التصدير”.

ويضيف السعد، أن “وجود نفط فقط في المنطقة البحرية غير مهم للعراق، لأن هناك مناطق برية كثيرة تم اكتشاف وجود نفط فيها لكنها غير مستثمرة حتى الآن، ولكن إذا قاد الاستكشاف إلى وجود غاز، فهذا أمر مهم للعراق، إلا أنه يجب الاعتماد على شركات عالمية رصينة متخصصة في هذا المجال، ويجب تغليب مصلحة العراق على مصلحة الشركات، كما يحدث في كل تعاقد تجريه وزارة النفط”.

ويوضح أن “عملية الاستكشاف والاستخراج تتطلب سنوات طويلة جدا، كما أن العراق لا يملك أي خبرة وإمكانية في الاستكشاف والاستخراج البحري، ولهذا يجب أن تكون هناك شركات متخصصة في هذا المجال، ولكن ربما يكون الأمر مكلفا وفيه خسائر مالية إذا كان الخزين الهيدروكاربوني لا يوازي كلف الاستكشاف والاستخراج، ولهذا يجب دراسة الموضوع بشكل جيد قبل الإقدام على هذه الخطوة”.

وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن افتقار حقول النفط العراقية لمعدات جمع الغاز، يؤدي سنويا إلى حرق 18 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب للنفط، وبحسب تقديرات دولية، فان هذا الحرق يكلف العراق 2.5 مليار دولار سنويا، أو ما يعادل 1.55 مليار متر مكعب من الغاز يوميا، وهو ما يعادل 10 أضعاف ما يستورده العراق من إيران.

وبحسب إدارة الطاقة الأمريكية، فإن 70 بالمئة من الغاز العراقي هو غاز مصاحب، و30 بالمائة غاز طبيعي، وأن العراق يتلف 62 بالمئة من إنتاجه من الغاز، أي ما يعادل 196 ألف برميل من النفط، ولو كان سعر البرميل 70 دولارا في المعدل الطبيعي، فإن المبلغ المهدور هو 45 مليار دولار، وهو ما يكفي لإنشاء صناعة غاز جديدة بالكامل.

إقرأ أيضا