تظهر أثناء الزيارات.. أسرار “الحركات المتطرفة” في العراق

تتكرر إعلانات الأجهزة الأمنية عن اعتقال منتمين لـ”حركات دينية متطرفة” يقومون بتوزيع منشورات “تحريضية” وتحتوي…

تتكرر إعلانات الأجهزة الأمنية عن اعتقال منتمين لـ”حركات دينية متطرفة” يقومون بتوزيع منشورات “تحريضية” وتحتوي على أفكار “منحرفة” مع كل زيارة مليونية، لكنها لا تسمي تلك الحركات بأسمائها، الأمر الذي عزاه خبير أمني إلى تجنب إثارة الوضع السياسي، فيما توقع مراقب لشؤون السياسة أن هذه الحركات مدعومة من جهات متنفذة.

ويقول الخبير الأمني فاضل أبو رغيف، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “القوات الأمنية لا تعلن عن أسماء الحركات الدينية المتطرفة التي يتم اعتقال بعض المنتمين لها أثناء الزيارات خصوصا، تلافيا لأي مشاكل قد تطرأ على الوضع السياسي، لأن بعض هذه الحركات متغلغلة في الأوساط السياسية، وهي قد تكون حركات شيعية أو سنية”.

ويبين أبو رغيف، أن “بعض من اعتقلوا كانوا بالأمس القريب ينتمون للمذهب الشيعي، لكنهم مارسوا غلوا في الطقوس والعقائد وراحوا يحاولون نشر أفكارهم بين عامة الناس، مستغلين الجموع الغفيرة في الزيارات لنشر هذه الأفكار”، مؤكدا أن “الأجهزة الأمنية، وخصوصا جهاز الأمن الوطني، لا تنظر إلى خلفيات المتطرفين ومن أي مذهب خرجوا، فهي تعتقل كل من يمارس التطرف”.

ويتابع أن “بعض من تم اعتقالهم ينتمون إلى حركات سياسية معروفة، والبعض الآخر يعملون بشكل منفرد”، مشددا على “ضرورة إنشاء خطاب ديني معتدل في المجتمع يشارك فيه خطباء وأئمة المساجد والحسينيات وأساتذة الجامعات والمدرسون والمعلمون، لجعل البيئة العراقية غير منتجة للتطرف ومتقبلة للآخر أيا كانت عقيدته”.

يشار إلى أن الأجهزة الأمنية اعتقلت خلال الأيام الماضية، أي منذ بدء توافد الزائرين لإحياء مراسم زيارة الأربعينية، العديد من الأشخاص بتهمة توزيع منشورات تهدد السلم الأهلي.

ووفقا للبيانات الأمنية الرسمية، فإن المعتقلين ينتمون لحركات دينية متطرفة، وقد استغلوا التجمعات البشرية في الزيارة لتوزيع منشوراتهم.

وأظهرت صور نشرها جهاز الأمن الوطني للمعتقلين، وجود شعار “جماعة اليماني” في موقع اعتقالهم.

من جانبه، يوضح المحلل الأمني عماد علو خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأجهزة الأمنية متنبهة لخطورة نشر الأفكار المتطرفة بين الناس، لذلك تعتقل كل من ينتمي لحركة متطرفة ويوزع منشورات ذات مضامين طائفية بين الزوار”.

ويضيف علو أن “الإعلام الطائفي الذي تسيطر عليه أحزاب ذات طابع ديني يلعب دورا مهما في تغذية الطائفية والتطرف، فقد يلتمس بعض الأشخاص في بعض وسائل الإعلام وجود هجوم على طائفته، وهو لا يمتلك وسائل إعلام مماثلة للرد، فيلجأ إلى الرد عبر المنشورات”، داعيا إلى “تشديد الرقابة على الإعلام ومنعه من الخوض في مواضيع ذات صبغة طائفية تثير النعرات والتفرقة”.

ويشير إلى أن “من واجب الدولة حماية المجتمع من أي جهة أو حركة تهدد سلمه وأمنه، لذا فإن ملاحقة ناشري التطرف إجراء ضروري لمنع الانزلاق نحو هاوية الصراع الطائفي والمذهبي”، مبينا أن “بعض الحركات المتطرفة قد تمتلك غطاء سياسيا، لذا لا بد من الركون إلى وسائل حوارية تحت إشراف جهات رسمية توقف هذه الممارسات”.

يذكر أن العراق يضم جماعات دينية متطرفة، أبرزها أتباع أحمد اليماني، بالإضافة إلى جماعة محمود الصرخي، وسبق للقضاء العراقي أن أصدر مذكرات إلقاء قبض بحق قادة هذه الجماعات.

وأحمد الحسن اليماني شخصية دينية شيعية يدعو الناس للإيمان به على أنه اليماني الموعود، وأنه يمهد لظهور الإمام المهدي، وأنه أول المهديين الإثني عشر (بعد الأئمة الإثني عشر) المذكور في رواية وصية النبي محمد التي ينقلها الشيخ الطوسي، وظهرت هذه الدعوة علنا على الساحة العراقية عام 2002.

وسبق لهذه الجماعات أن حاولت المشاركة بالتظاهرات التي تجري في البلد بشكل شبه مستمر، واستغلالها لتنفيذ أجنداتها، المتمثلة بخلق صدام بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية، وفقا لبرقيات وزارة الداخلية التي حذرت من هذا الأمر سابقا.

إلى ذلك، يوضح المحلل السياسي أحمد العبادي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق من البلدان التي تنشط فيها الحركات المتطرفة أو المسلحة، في مقابل ضعف في الجهد الاستخباري، ولا يمكن معالجة هذه الحركات من دون أوامر قبض قضائية ضد زعمائها ومريديها، لأن بقاءها وتجاهلها يشكل خطرا بالغا على السلم الأهلي”.

ويؤكد العبادي، أن “أغلب الحركات مدعومة خارجيا أو داخليا، حيث لا توجد حركة نشطة في العراق وتقدم على توزيع منشورات وأعمال أخرى ما لم تكن مدعومة”، مضيفا أن “المزاج العام الحاكم للحالة العراقية هو المزاج السياسي، وإن لم يكن هناك استقرار سياسي تام فلن يكون هناك استقرار في جميع جوانب الحياة، وعليه نحتاج لاستقرار وحكومة متفق عليها لتحريك أدواتها وضبط الإيقاع وفرز الحركات المتطرفة والمسلحة ومعالجتها بطرق قانونية وقضائية”.

ويبين أن “جزءا من الأحزاب الدينية المذهبية يعتاش على هذه الحركات التي تحركها متى ما شاءت لخلق المشاكل، وكذلك بعض الموجودين في الأجهزة الحكومية هم أيضا لهم يد في تحريك ودعم هذه الحركات من أجل البقاء في السلطة”.

وهذه ليست المرة الأولى التي يوزع فيها أنصار اليماني منشورات في الزيارة الأربعينية، فسابقا تكرر الأمر ذاته وجرى أيضا اعتقال العشرات منهم.

ويعود أول ظهور لجماعة اليماني في الجنوب إلى عام 2007، حيث شنوا سلسلة هجمات دامية في المحافظات الجنوبية والنجف، تطورت إلى اندلاع اشتباكات عنيفة أدت إلى مقتل قائد القوات الخاصة آنذاك في الناصرية، قبل أن تتمكن أجهزة الأمن من تصفيتهم جميعا في منطقة الزركة في محافظة النجف، حيث كانوا يخططون لاقتحام مرقد الإمام علي وقتل المراجع الدينية، ولا يزال الغموض يسود القضية حتى الآن.

إقرأ أيضا