يلومون بغداد وأربيل.. إيزيديون يدفعون 6 آلاف دولار للوصول إلى اليونان

مقابل 6 آلاف دولار للفرد، بات أبناء المكون الإيزيدي يهربون من قضاء سنجار نحو الحلم…

مقابل 6 آلاف دولار للفرد، بات أبناء المكون الإيزيدي يهربون من قضاء سنجار نحو الحلم الأوروبي، أو الاستقرار في اليونان، فيما حمل ناشطون ومسؤولون في القضاء، الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان، مسؤولية موجة الهجرة الجديدة، بسبب إهمال القضاء وتحوله لنقطة صراع سياسي وعدم إعادة إعماره.

ويقول رئيس حزب تقدم الإيزيدي سعيد بطوش خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك إهمالا شديدا من الحكومة العراقية تجاه واقع الإيزيديين، فهي تعقد صفقات على حساب أراضيهم ومتفقة مع حكومة كردستان على عدم تعويضهم وإعادتهم إلى مناطقهم، ولذلك لم يتم تنصيب مديري نواح في جميع المناطق الإيزيدية منذ 8 سنوات”.

ويبين بطوش، أن “هناك مهربين يعملون على تهريب الإيزيديين من تركيا إلى اليونان، وعمليات التهريب هذه ما زالت مستمرة على الرغم من صعوبتها”، محملا الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان مسؤولية “هروب الإيزيديين إلى خارج العراق، لأنهما تعملان على إفراغ مناطق المكون الإيزيدي من ساكنيها”.

ويشير إلى أن “عددا من الإيزيديين يضطرون إلى الانتظار سنوات في تركيا أو اليونان لحين حصولهم على إذن بالدخول إلى أوروبا”، مضيفا أن “منطقة سنجار من أهم مناطق الوجود الإيزيدي، لكن هذه المنطقة خاضعة للصراعات السياسية بين الشيعة والسنة والكرد، فكل ذراع من الأذرع السياسية لهذه المكونات يملك مصلحة في الاستيلاء على سنجار، بينما أبناء المنطقة من الإيزيديين متروكون خارج المعادلة تماما ولا أحد يكترث لشؤونهم ومصيرهم”.

يذكر أن منظمة “ألند” لتنمية الشباب، كشفت في إحصائية لها أن أكثر من 4 آلاف شاب إيزيدي أصدروا جوازات سفر جديدة في غضون الشهر الماضي، و90 بالمئة منهم ذكور.

وأظهرت إحصائية المنظمة أيضا، أن 1321 شخصا هاجروا في غضون أسبوع واحد، وصل نصفهم إلى أوروبا، أما النصف الآخر، فبقي جزء منهم في تركيا، فيما أبعد آخرون.

من جانبه، يوضح مدير ناحية الشمال في قضاء سنجار بمحافظة نينوى خديدا جوكي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “السبب الرئيس لهجرة الإيزيديين من العراق هي الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان، فهاتان الحكومتان متسببتان بتهميش كبير لهم، ولم تعملا على تلبية مطالبهم حتى في مخيمات النزوح”.

ويضيف جوكي، أن “قرابة 4 آلاف إيزيدي هاجروا في آب أغسطس الماضي، وفقا لإحصائية لمديرية الأحوال المدنية في نينوى”، مبينا أن “تكلفة الهجرة لكل فرد تبلغ نحو 6 آلاف دولار”.

ويستطرد أن “طريق الهجرة يبدأ من تركيا ومن ثم إلى اليونان، وهو طريق محفوف بالمخاطر، لكن الناس تضطر للمغامرة هربا من واقعها المرير”، مؤكدا أن “استمرار الإهمال الحكومي تجاه الإيزيديين قد يتسبب بإفراغ العراق تماما من هذا المكون في المستقبل البعيد”.

وقد تعرض المكون الإيزيدي في سنجار غربي نينوى، في 3 آب أغسطس 2014 إلى اجتياح من قبل تنظيم داعش الذي قام بتنفيذ إبادة جماعية تمثلت بقتل الآباء والأبناء والنساء، من كبار السن والشباب خلال عمليات إعدام جماعية، فضلا عن سبي (خطف) النساء والفتيات والأطفال.

ومن بين ما يقارب 1.5 مليون إيزيدي في العالم، يعيش أكثر من 550 ألفا في العراق، مع وجود أعداد أقل في تركيا وسوريا، إذ أسفرت عقود من الهجرة عن توجه أعداد كبيرة منهم للهجرة إلى أوروبا، وخصوصا ألمانيا التي تؤوي نحو 150 ألفا من أبناء هذه الديانة، إضافة إلى السويد وفرنسا وبلجيكا وروسيا.

ولكن منذ اجتياح تنظيم داعش سنجار عام 2014، هاجر ما يقارب 100 ألف إيزيدي من العراق إلى أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا، وما يزال نحو 360 ألفا يعيشون اليوم في مخيمات النازحين شمال غرب العراق، ولم يتمكن سوى بضعة آلاف فقط من العودة إلى سنجار، حيث ما تزال معظم المنازل أنقاضا والكهرباء والمياه النظيفة والمستشفيات شحيحة.

إلى ذلك، يفيد الناشط الإيزيدي سيدو الأحمدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “السبب الرئيس لهجرة الإيزيديين، كما أبلغنا عدد من المهاجرين، هو عدم توفير بيئة آمنة في قضاء سنجار ليتمكن سكانه من العودة إليه بعد مغادرتهم مخيمات النزوح، فضلا عن عدم إعمار المناطق الإيزيدية المتضررة من الإرهاب والحروب”.

ويتابع الأحمدي أن “عدم وجود إدارة محلية في سنجار منذ 8 سنوات من الأسباب الرئيسة الأخرى للهجرة، كما أن هناك الكثير من الخريجين لم يحصلوا على فرصة عمل أو توظيف حكومي، ما جعلهم يقررون مغادرة العراق للحصول على حياة أكثر استقرارا”، لافتا إلى أن “من أسباب الهجرة أيضا وجود قوات عسكرية متعددة في سنجار، وعدم الاهتمام بساكني المخيمات”.

ويبين أن “المهاجرين ينطلقون من كردستان إلى تركيا ومن ثم إلى اليونان، ومن يملك أموالا كافية يذهب من اليونان إلى ألمانيا أو بلجيكا، أما من لا يملك المال فيمكث في اليونان”.

يشار إلى أن فريق التحقيق في جرائم داعش التابع للأمم المتحدة، أعلن في 10 أيار مايو 2021، وفي إحاطة له حول اجتياح داعش للعراق، إنه وجد “أدلة واضحة ومقنعة على أن الجرائم بحق الإيزيديين تمثل بوضوح إبادة جماعية”، ونجح الفريق أيضا في تحديد 1444 من الجناة المحتمل تورطهم في جريمة الإبادة الجماعية بحق المجتمع الإيزيدي.

ومنذ سنوات حاولت الحكومة الاتحادية، البدء ببرنامج لإعادة النازحين الإيزيديين إلى مدينة سنجار وإغلاق مخيمات النزوح، وفتحت باب العودة الطوعية، لكن المقومات والبنى التحتية لم تكن متوفرة في المدينة، خاصة بعد دخولها في الصراع الدائر بين أطراف عدة، داخلية وخارجية، إذ وقعت الحكومة الاتحادية في التاسع من تشرين الأول أكتوبر 2020، مع حكومة إقليم كردستان اتفاقا وصف بـ”التاريخي” حول سنجار، تضمن إخراج كافة الفصائل وعناصر حزب العمال الكردستاني منه، وإخضاعه لسيطرة القوات الأمنية الاتحادية، لكن هذا الاتفاق لم يطبق على أرض الواقع بسبب فشل بغداد وأربيل في تنفيذه بذريعة التحديات التي واجهتهما على الأرض.

ويشكل قضاء سنجار، الموطن الأصلي للمكون الإيزيدي في العراق، نقطة خلاف كبيرة، بل ونقطة صراع داخلي ودولي، بداية من صراع إقليم كردستان والحكومة الاتحادية عليه عقب تحريره من سيطرة تنظيم داعش، إلى اتخاذه من قبل حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا مقرا له، فضلا عن انتشار عدد من الفصائل المسلحة فيه، كما أن سماءه ليست له، إذ باتت ملكا للطائرات الحربية التركية التي تنفذ طلعات مستمرة.

وكشفت “العالم الجديد”، في تقرير سابق، عن منح الكاظمي الضوء الأخضر للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال لقائهما في أنقرة، بالدخول إلى سنجار، بسبب عجزه عن تنفيذ اتفاق بغداد-أربيل للسيطرة على القضاء وطرد عناصر حزب العمال الكردستاني منها، بحسب مصادر حضرت اللقاء.

أقرأ أيضا