ظهور جديد.. ما رسالة “داعش” الأخيرة في مدينة الحضر؟

نشاط آخر لتنظيم “داعش”، يظهر في شمال العراق، وتحديدا في منطقة الحضر بنينوى، حيث سقط…

نشاط آخر لتنظيم “داعش”، يظهر في شمال العراق، وتحديدا في منطقة الحضر بنينوى، حيث سقط ضحايا ومصابون في صفوف القوات الأمنية، وهو ما عده مسؤول محلي اشتباكا اعتياديا وقع ضمن عملية عسكرية، فيما حدا متخصصين بالشأن الأمني إلى تكثيف الجهد الاستخباري للحد من حركة التنظيم، مشيرين إلى إرساله رسائل بأنه ما زال قادرا على الضرب.

ويقول مستشار محافظ نينوى رفعت شمو، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “المحافظة مستقرة أمنيا بشكل عام، ولكن هناك خلايا نائمة تلقي القوات الأمنية القبض عليها بين مدة وأخرى، وبالنسبة لاشتباكات جزيرة الحضر فقد توفرت لدى القوات الأمنية معلومات وخرجت لتطهير المنطقة من بعض عناصر داعش، وخلال عملية التطهير تم ضبط عدد من أفراد داعش أحدهم يرتدي حزاما ناسفا، ففجر نفسه على القوات الأمنية”.

ويتابع شمو، أن “هذه الحالة لا تعد خرقا وإنما عملية عسكرية وقعت فيها خسائر”، مؤكدا أن “نينوى تشهد استقرارا أمنيا كبيرا ولا وجود لداعش في مدنها، والاشتباكات وقعت في صحراء كبيرة تبعد عن الحضر بنحو 70 كم”.

ويشير إلى “عدم وجود مخاوف من عودة نشاط داعش والقوات الأمنية مسيطرة على الأرض بشكل تام”، لافتا إلى أن “مزاج الأهالي في نينوى لا يتقبل فكر داعش وتوجهاته بأي شكل من الأشكال”.

وكانت خلية الإعلام الأمني أعلنت، أمس الأحد، أن قوة مشتركة من الجيش العراقي والحشد الشعبي نفذت واجب تفتيش داخل جزيرة الحضر وتمكنت من محاصرة وكر للإرهابيين في منطقة وادي الثرثار، موضحة أنه أثناء محاولة اقتحام الوكر قام أحد الإرهابيين بتفجير نفسه، إلا أن القوة المشتركة واصلت عمليتها واشتبكت مع عناصر عصابات داعش الإرهابية الذين كانوا داخل الوكر، وتمكنت من قتل 8 إرهابيين، ومبينة أن هذه العملية أسفرت عن استشهاد مقاتلين اثنين من اللواء 44 بالحشد الشعبي وإصابة آخرين.

من جهته، يتوقع الخبير الأمني حسين الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العمليات الإرهابية سوف تستمر، وهي بحاجة إلى تكثيف العمليات الأمنية والجهد الاستخباراتي لمتابعة الخلايا النائمة، حيث أن هذه العصابات تستغل الثغرات التي تحصل بين مدة وأخرى”.

ويضيف الكناني، أن “النشاط الداعشي له علاقة بعدم الاستقرار السياسي، خاصة أن هناك جهات لديها أجنحة مرتبطة بداعش وتريد خلق حالة من عدم الاستقرار الأمني للحصول على مكاسب سياسية”، مشيرا إلى أن “ما حصل في نينوى نذير سوء، ولاسيما أن هذه المناطق هشة أمنيا ولم تستقر بشكل تام”.

وما زالت الأزمة السياسية المتعلقة بتشكيل الحكومة قائمة في العراق على الرغم من الهدوء الذي ساد الشارع منذ انسحاب أنصار التيار الصدري من المنطقة الخضراء، حيث كانوا معتصمين حول البرلمان للمطالبة بحله وإجراء انتخابات مبكرة، إلا أن زعيمهم مقتدى الصدر أمرهم بالانسحاب بعد أن تطور التوتر إلى اشتباكات مسلحة امتدت من 29 إلى 30 آب أغسطس 2022.

إلى ذلك، يفيد المحلل الأمني عماد علو، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “خلايا داعش موجودة في محافظة نينوى، وسبق للقوات الأمنية أن ألقت القبض وداهمت العديد من مواقع التنظيم في المحافظة وقتلت قيادات منه، لكن هذا الهجوم هو رد فعل على ما ظهر من قيام مجاميع سياحية بزيارة مدينة الحضر، إضافة إلى العمليات التي قامت بها قوات سوريا الديمقراطية مدعومة من التحالف الدولي بمداهمة مخيم الهول والقبض على أكثر من 226 من قيادات داعش والعثور على أنفاق وخنادق وأكداس أسلحة داخل المخيم”.

ويبين علو، أن “هذه العمليات جعلت التنظيم يرسل رسائل بأنه ما زال رقما فاعلا في المنطقة ويمكنه القيام بعمليات إزاء ما تتعرض له عناصره سواء في العراق أو سوريا، ولكنه بشكل عام لم يعد كما كان سابقا، فهو يخوض حاليا حرب عصابات لإثبات وجوده”.

ويتابع أن “كل الاحتمالات يجب وضعها بالحسبان، وبقاء القطعات العسكرية على أتم الجهوزية ورفع مستوى الجهد الاستخباري لعدم إتاحة الفرصة لعصابات داعش لتنفيذ عمليات في محافظة بذلت دماء وتضحيات لتحريرها، فلا بد من أخذ التحذيرات على محمل الجد وعدم الاستهانة بها، ليس في نينوى فقط، بل في ديالى وغيرها من المدن، خاصة أن أوضاع العراق السياسية غير مستقرة ويحاول التنظيم الاستفادة من هذا الأمر”.

وتعود جذور “داعش” إلى فرع تنظيم القاعدة “قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين” والمعروفة أكثر باسم تنظيم القاعدة في العراق، وهي التي شكلها أبو مصعب الزرقاوي في عام 2004 لقتال القوات التي تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها العراقيون عقب الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003، لكن بعد اضطلاع التنظيم بدور في الحرب الأهلية بسوريا، انشق عن القاعدة، وبات يسيطر على مساحات من العراق وسوريا.

وبلغ التنظيم ذروة قوته عام 2014 عندما احتل محافظة نينوى بالكامل، فضلا عن مساحات واسعة من الأنبار وصلاح الدين وديالى وكركوك، مقابل احتلاله مناطق واسعة في سوريا، بقيادة زعيمه المقتول أبي بكر البغدادي.

وفي 2017 تمكنت القوات العراقية من تحرير معظم المناطق التي كانت خاضعة للتنظيم، ومنها نينوى، ليتقهقر بعدها ويعود إلى أسلوب الكر والفر عبر خلاياه المختبئة في المناطق ذات التضاريس الصعبة مثل التلال والهضاب والصحارى.

إقرأ أيضا