خلافات بين يمينه ويساره.. هل يتجه الإطار التنسيقي نحو التفكك؟

خلافات حادة تضرب قوى الإطار التنسيقي بشأن رؤاها المختلفة حول معالجة الانسداد السياسي القائم، ما…

خلافات حادة تضرب قوى الإطار التنسيقي بشأن رؤاها المختلفة حول معالجة الانسداد السياسي القائم، ما قد يهدد تماسكه الذي استمر نحو عام كامل بفعل مواجهتها لطروحات التيار الصدري الرامية تشكيل حكومة أغلبية، الأمر الذي بات مصدر قلق للداعم الدولي، واستدعى تدخله لأول مرة منذ نشوء الأزمة، بحسب مصدر سياسي مطلع، في حين قلل من شأنه أعضاء في الإطار التنسيقي، وعدوه أمرا طبيعيا كونه مجلسا وليس تحالفا سياسيا.

ويقول مصدر مطلع في الإطار التنسيقي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك خلافات حادة ما بين قادة الإطار حول شكل الحكومة المقبلة وأهدافها ومن يديرها، وهذه الخلافات تصاعدت حدتها خلال اليومين الماضيين، وأصبح هناك شبه انقسام داخل الإطار”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “الإطار التنسيقي أصبح يحتوي جبهتين، الأولى تضم نوري المالكي وعمار الحكيم وقيس الخزعلي، والذين يصرون على المضي بتشكيل حكومة محمد شياع السوداني، حتى وإن رفضها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر”.

فيما تتشكل الجبهة الثانية من هادي العامري وحيدر العبادي وفالح الفياض، كما يكمل المصدر كلامه، مؤكدا رغبتها بـ”ضرورة حصول اتفاق وتفاهم مع التيار الصدري قبل المضي بعملية تشكيل الحكومة مع طرح إمكانية تغيير مرشح رئاسة الوزراء والاتفاق على عمر الحكومة الجديدة، وتحديد مهامها بالإعداد للانتخابات المبكرة خلال عام واحد، وهذا ما سبب خلافات حادة ما بين قادة الإطار”.

ويتابع “حتى الآن ما زالت الخلافات قائمة، وهناك مخاوف من حصول انشقاقات داخل الإطار وانسحاب بعض قواه السياسية من مظلته، مع وجود مساع إيرانية ولبنانية لتهدئة الأوضاع داخل الإطار لمنع أي انسحابات منه وإعادة تماسكه”.

يشار إلى أن الإطار التنسيقي يضم أبرز القوى الشيعية باستثناء التيار الصدري، مثل ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي ومنظمة بدر بزعامة هادي العامري وحركة عصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلي وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وائتلاف النصر بزعامة حيدر العبادي وحركة عطاء بزعامة فالح الفياض.

من جهته، يذكر المتحدث باسم ائتلاف النصر أحمد الوندي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الإطار التنسيقي تشكل على أساس مجلس تشاوري وتنسيقي، ولم يرد له أن يكون جبهة سياسية أو تحالفا سياسيا، وحتى هذه اللحظة، لم يصل الإطار إلى التحالف، بل هو مجلس لتنسيق المواقف ليس إلا”.

ويبين الوندي، أن “الاختلاف في وجهات النظر بين قوى الإطار التنسيقي أمر طبيعي جدا، فكل كتلة لها رؤية سياسية تتعلق بالحكومة الجديدة أو مجمل الأزمة السياسية، والاختلاف موجود بصراحة، لأن الإطار يضم أكثر من كتلة وحزب سياسي”.

ويلفت إلى أن “الاختلاف في وجهات النظر بين قوى الإطار التنسيقي لا يعني تلاشي الإطار، ولا يعني أن هناك من سوف ينسحب بسبب هذا الاختلاف، كما أن هذا الخلاف في وجهات النظر ليس وليد اليوم”.

يذكر أن الإطار التنسيقي تشكل في آذار مارس 2021 في بيت رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، حين اجتمع عنده زعماء وممثلو الكتل الشيعية البرلمانية، وتوافق المجتمعون على أن يجعلوا الإطار التنسيقي تجمعا برلمانيا غير رسمي، يسعى إلى تنسيق مواقف القوى الشيعية الرئيسة الخمس في مجلس النواب.

ولم يكن الإطار ملحوظا منذ لحظة تشكيله حتى ظهور نتائج انتخابات 10 تشرين الأول أكتوبر 2021، حيث بدأ يطعن في النتائج وانضمت إليه القوى الشيعية الخاسرة، ليكون الند التقليدي للتيار الصدري الفائز في الاقتراع.

وفي سياق ذي صلة، يفيد القيادي في كتلة “صادقون” البرلمانية، التابعة لحركة عصائب أهل الحق علي الفتلاوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “الأنباء التي تتحدث عن وجود خلافات ما بين قادة الإطار التنسيقي غير صحيحة، فلا يوجد هكذا خلاف والإطار ما زال متماسكا وبقوة”.

ويضيف الفتلاوي، أن “قادة الإطار التنسيقي ما زالوا يؤكدون على المضي بعملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، والمرشح لهذا المنصب محمد شياع السوداني، وليس للإطار أي مرشح آخر غيره، وهذا باتفاق جميع قوى الإطار”.

ويواصل الفتلاوي، أن “هناك من يحاول بث الشائعات من أجل التشويش على الرأي العام ومحاولة خلط الأوراق وفق أجندات سياسية كمحاولة لإحداث فتنة ما بين قوى الإطار التنسيقي، وهذا الأمر لن يحصل، فهناك تماسك كبير بين قوى الإطار والمواقف التي تصدر عن التكتل هي باتفاق جميع القادة”.

وكان الإطار التنسيقي أعلن، أمس الإثنين، عقد اجتماع بحضور كامل قياداته، فيما جدد تمسكه بمرشحه “الوحيد” لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني، نافيا كل “ما غير ذلك من إشاعات”.

وكان ترشيح السوداني لرئاسة الوزراء الدافع الأقوى لاقتحام أنصار التيار الصدري مبنى البرلمان ومن ثم اعتصامهم حوله في تموز الماضي، إذ أبدوا اعتراضهم على ترشيحه وعلى أي حكومة قد يشكلها الإطار.

من جانبه، يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الإطار التنسيقي يعيش، منذ أحداث المنطقة الخضراء، اختلافا وتقاطعا في وجهات النظر بين قواه السياسية، ولم يعد ينظر إليه على أنه جسد واحد، فهناك تمييز ما بين يمين الإطار المتطرف ووسط الإطار المنتفع والمتردد ويسار الإطار الذي يتمتع بمرونة أكبر”.

ويوضح الشمري، أن “مواقف يمين الإطار (المتطرف) الساعية إلى فرض الرأي في قضية تشكيل الحكومة الجديدة والمرشح لهذه الحكومة وقضية الحوار مع الأطراف السياسية الأخرى، هزت الإطار بشكل كبير جدا، ولهذا بدأت بعض أطرافه الأخرى تطرح مشاريع ومبادرات بمعزل عن مواقف الإطار السابقة، وهذا يدل على انقسام غير رسمي للإطار وقواه السياسية”.

ويرجح “استمرار يمين الإطار في فرض رأيه وتصعيد الأزمة، وهذا من الممكن أن يدفع بعض قوى الإطار التنسيقي إلى الانسحاب منه، وهذا ما هددت به بعض الأطراف السياسية في الإطار، وبالتالي فإنه لم يعد متماسكا كما كان بعد الانتخابات”.

جدير بالذكر، أن الإطار التنسيقي حصل على أغلبية مقاعد البرلمان بعد استقالة الكتلة الصدرية الفائزة بـ73 مقعدا وذهاب معظم مقاعدها إلى مرشحي الإطار، ومنذ ذلك الحين يسعى إلى تشكيل حكومة بقيادته، لكن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر استخدم ضغط الشارع للحيلولة دون ذلك، وما زالت الخلافات قائمة حتى الآن.

إقرأ أيضا