استرداد الأموال المنهوبة.. كيف أحكم “السراق” قبضتهم على القانون؟

يتجدد اللغط حول استرداد الأموال العراقية المنهوبة، وفيما يؤكد نائب أن جهات سياسية متورطة بسرقة…

يتجدد اللغط حول استرداد الأموال العراقية المنهوبة، وفيما يؤكد نائب أن جهات سياسية متورطة بسرقة الأموال حالت دون تشريع القانون في البرلمان، توقع عدم تمرير القانون خلال الدورة النيابية الحالية أيضا، إلى جانب تأكيد خبير قانوني على أن استرداد هذه الأموال لن يكون بحاجة لقانون جديد، بل هناك قوانين نافذة خاصة بهذا الأمر، لكنها لا تطبق.

ويقول عضو اللجنة المالية في الدورتين البرلمانيتين السابقة والحالية جمال كوجر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “عدم تشريع قانون الأموال المهربة والمنهوبة لغاية الآن، على الرغم من تقديمه إلى البرلمان خلال الدورة السابقة، يعود إلى عدم وجود اتفاق وتوافق سياسي بشأنه”.

ويبين كوجر، أن “هناك جهات وشخصيات سياسية متنفذة هي المتورطة بقضايا نهب وتهريب الأموال العراقية منذ سنة 2003 ولغاية الآن، ولهذا تمنع هذه الجهات والشخصيات تشريع هكذا قوانين تكون هي المتضررة الأولى منها”.

ويشدد على أن “تشريع هكذا قانون مهم يحتاج إلى برلمان قوي غير خاضع للتوافقات السياسية وحكومة قوية قادرة على تنفيذ هكذا قوانين، فالمهم ليس تشريع القانون، بل تنفيذه، فهناك الكثير من القوانين ممكن ردع الفاسدين بواسطتها ومنع أي هدر وسرقات في المال العام”.

ويرجح كوجر، أن “قانون الأموال المهربة والمنهوبة لن يرى النور خلال الدورة البرلمانية الحالية بسبب عدم وجود توافق سياسي على تمريره”، مشيرا إلى عدم وجود “أي إحصائيات رسمية للأموال المنهوبة والمهربة من سنة 2003 ولغاية اليوم، فلا توجد أي جهة رقابية أو متخصصة تملك رقما دقيقا أو تقريبيا لهذه المبالغ، وكل الأحاديث بهذا الخصوص هي مجرد تخمينات غير دقيقة”.

يشار إلى أن لجنة النزاهة النيابية، أعلنت يوم أمس، عن عقدها أكثر من اجتماع مع هيئة النزاهة لاستكمال إجراءات قانون استرداد الأموال المنهوية المقدم من رئاسة الجمهورية، عادة القانون “مهما جدا”، لكن يتوجب إنهاء التعديلات الخاصة به ومن ثم تشريعه.

واحتضنت العاصمة بغداد، في أيلول سبتمبر 2021، مؤتمرا لاستعادة الأموال المنهوبة، بحضور مسؤولين عرب، وقد خرج البيان الختامي خاليا من خطوات حقيقية لاستعادة الأموال، بل اقتصر على الدعوات لمساعدة العراق في استعادة هذه الأموال التي تقدر بـ150 مليار دولار، بحسب ما صرح رئيس الجمهورية برهم صالح في حوار متلفز.

وكان صالح، أعلن منتصف العام الماضي عن تقديمه مشروع قانون “استرداد عوائد الفساد” إلى البرلمان، لاسترداد الأموال التي نهبت خلال سنوات ما بعد 2003.

إلى ذلك، توضح الخبيرة في الشأن الاقتصادي والمالي سلام سميسم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “ما يتم الإعلان عنه من قبل بعض الجهات الحكومية أو البرلمانية بشأن إعادة الأموال المهربة والمنهوبة، فهي التي تتعلق فقط بالنظام السابق وليس الأموال المهربة والمنهوبة خلال النظام الحالي”.

وتؤكد سميسم أنه “لا توجد أي إحصائية ورقم دقيق للأموال المهربة والمنهوبة خلال النظام الحالي، لكنها تتجاوز مئات المليارات من الدولارات، ولهذا فإن إعادة الأموال المهربة والمنهوبة تشكل عاملا اقتصاديا مهما من خلال إغناء خزينة العراق بهذه الأموال الطائلة”.

وتضيف سميسم أن “هناك جهات وشخصيات متنفذة بكل تأكيد تقف ضد تشريع أي قانون يعمل على إعادة الأموال المهربة والمنهوبة، كونها هي المتورطة بعمليات الفساد، ولهذا لم ير القانون النور على الرغم من تقديمه منذ مدة طويلة جدا من قبل رئاسة الجمهورية إلى مجلس النواب العراقي، ولا نعتقد أن هناك إرادة حقيقية في تشريع هكذا قوانين رادعة”.

يذكر أن لجنة النزاهة النيابية السابقة قدرت العام الماضي، حجم الأموال المهربة منذ 2003، بنحو 350 مليار دولار، أي ما يعادل 32 بالمئة من إيرادات العراق خلال هذه الأعوام.

ومن بين الأرقام المعلنة حول الأموال المهربة، هو ما طرحه وزير المالية المستقيل علي علاوي، حيث أكد أن قيمة الأموال هي 250 مليار دولار، سرقت من العراق منذ عام 2003.

من جهته، يفيد الخبير في الشأن القانوني علي التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “استرداد الأموال المهربة والمنهوبة من العراق لا يحتاج إلى تشريع قوانين، فهناك قوانين مخصصة لهذه الأغراض، لكن الإشكالية في تطبيقها، فحتى لو شرع أي قانون جديد ولا يطبق فلا فائدة منه، وهذا ما يعاني منه العراق”.

ويبين التميمي أن “استرداد الأموال المهربة يمكن أن يكون من خلال اتفاقية غسل الأموال لعام 2005 والخاصة باسترجاع الاموال المهربة وفق المواد 55 و56 منها، حيث رسمت هاتان المادتان طريق استرداد هذه الأموال، وقد وقع عليها العراق عام 2007 بالقانون رقم 35 لسنة 2007″، لافتا إلى أن “قيمة الأموال المهربة تقدر بـ500 مليار دولار”.

ويتابع التميمي أن “هناك 65 مليار دولار موجودة في البنك الفيدرالي الأميركي تعود للنظام السابق وهي ملك للشعب العراقي ويستطيع العراق أن يطالب بها وفق المادة 28 من الاتفاقية العراقية الأمريكية الاستراتيجية لسنة 2008 التي تتيح للعراق طلب المساعدة الاقتصادية من الولايات المتحدة، كما أنه وفق المادة 50 من ميثاق الأمم المتحدة يجوز للدول التي تحارب جهات تحت الفصل السابع أن تطلب المساعدة الاقتصادية من مجلس الأمن”.

ويشير إلى أن “قانون استرداد الأموال الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية عليه ملاحظات كبيرة وكثيرة، وعلى مجلس النواب الالتفات إليها قبل تمرير القانون، خصوصا أن مشروع القانون لم يشر بأي فقرة من فقراته إلى أموال العراق المهربة إلى إقليم كردستان أو آلية التحري عنها وملاحقتها، كما أن العديد من فقرات القانون مكررة وموجودة في فقرات قوانين عراقية أخرى نافذة، ما يعني انتفاء الحاجة إليها وعدم الحاجة إلى تكرارها وإشغال البرلمان بقوانين مستنسخة”.

ويستهدف مشروع القانون كل من شغلوا مناصب مدير عام وما فوق في كل من الشركات الحكومية والعامة منذ إنشاء النظام الجديد عام 2004، وبموجب القانون، سيتم فحص المعاملات التي تزيد عن 500000 دولار بالإضافة إلى الحسابات المصرفية، ولاسيما تلك التي تحتوي على أكثر من مليون دولار، وسيتم إلغاء العقود أو الاستثمارات التي تم الحصول عليها عن طريق الفساد.

وكانت وزارة العدل أعلنت، في وقت سابق، قرب إعادة الأموال المنهوبة من دول عدة، فيما كشفت عن تشكيل جبهة مشتركة مع دول عدة نهبت أموالها، لاستردادها من البلدان التي تعرقل هذا الملف.

إقرأ أيضا