الكشف عن سر إطاحة “الاتحادية” بشركة النفط الوطنية.. ما علاقة السياسيين؟

فجر قرار إلغاء تأسيس شركة النفط الوطنية من قبل المحكمة الاتحادية، خفايا عدة أهمها سعي…

قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء تأسيس شركة النفط الوطنية، كشف عن خفايا عدة أبرزها سعي بعض السياسيين للاستحواذ على الشركة وتجيير النفط لصالح شركات على صلة بهم، وفقا لمصادر مطلعة، أكدت أن ذلك أحد أسباب إلغائها، وفيما أكد قانوني عدم دستورية تأسيس الشركة بسبب عدم تصويت البرلمان على قانونها، بين خبير نفطي أن الغاء الشركة لن يؤثر على الإنتاج النفطي العراقي أو تصديره.

ويقول مصدر مسؤول في وزارة النفط، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار المحكمة الاتحادية إلغاء تأسيس شركة النفط الوطنية وتكليف وزير النفط إحسان عبد الجبار برئاستها، جاء بعد تقديم تقرير لها من قبل جهات متخصصة طلبت المحكمة رأيها في عمل هذه الشركة وقانونها، فتبين أن هناك خروقات وشبهات كبيرة في عملها“.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “التقرير الذي قدم للمحكمة الاتحادية من قبل جهات وشخصيات متخصصة في مجال النفط، يتألف من 30 صفحة وأكد وجود تلاعب كبير في قضايا الشركات النفطية التي تعمل في حقول النفط بسبب هذه الشركة المزمع تشكيلها، ولهذا جاء قرار الإلغاء لمنع قضايا فساد كبيرة وخطيرة، قبل الرأي القانوني والدستوري بهذه الدعوى“.

ويشير المصدر إلى أن “هناك جهات وشخصيات متنفذة تريد الاستحواذ والسيطرة على بعض الحقول النفطية من خلال شركات تابعة لها، وهذا ما أكده وكشفه التقرير الفني المقدم للمحكمة الاتحادية العليا“.

يشار إلى أن المحكمة الاتحادية، أصدرت يوم أمس قرارا ألغت فيه تأسيس شركة النفط الوطنية، حيث نص حكمها على “عدم صحة الفقرتين 2 و3 من قراري مجلس الوزراء رقم 109 لسنة 2020 والقرار 211 لسنة 2021 وإلغائها الخاصين بإكمال خطوات تأسيس شركة النفط الوطنية وتكليف وزير النفط إحسان عبد الجبار برئاستها“.

وكانت شركة النفط الوطنية، قد أسست في عام 2018، ولم تفعل، وقد أكمل رئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي إجراءات تأسيس الشركة، بعد تسمنه منصبه في عام 2020 مباشرة.

من جهته، يوضح الخبير القانوني سالم حواس، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “سبب إلغاء تأسيس شركة النفط الوطنية وتكليف وزير النفط إحسان عبد الجبار برئاستها، هو قرارا مجلس الوزراء رقم 109 لسنة 2020 و211 لسنة 2021، كما أن مشروع القانون الذي قدم إلى مجلس النواب لم يتم التصويت عليه، وبالتالي فإن الشروع بإكمال تأسيس شركة النفط الوطنية يتعارض مع ذلك“.

ويبين حواس أن “قرار مجلس الوزراء رقم 109 لسنة 2020 والقرار 2011 لسنة 2021 يمثلان خرقا واضحا لنصوص أحكام المادة 27/أولا من الدستور، وعدم تطبيق نصوص القانون والدستور يؤدي إلى غياب العدالة الاجتماعية والانتماء الوطني“.

ويلفت إلى أن “عدم إيجاد السبل الكفيلة بالحفاظ على المال العام، الذي يمثل في حقيقته ملكا لجميع أبناء الشعب، من قبل الجهات المكلفة قانونا، يؤدي إلى ضياع وابتلاع الدولة برمتها، ولهذا جاء سبب إلغاء تأسيس شركة النفط الوطنية، فهو قرار دستوري وقانوني واضح وصريح“.

يذكر أن جلسة مجلس الوزراء في 17 آب أغسطس 2020، تضمنت الموافقة على مشروع قانون التعديل الأول لقانون شركة النفط الوطنية العراقية، وإحالته الى مجلس النواب، إضافة إلى إكمال خطوات تأسيس الشركة من خلال قيام مجلس إدارتها باختيار مكتب استشاري متخصص للعمل على وضع الهيكل الإداري وتصنيف المهمات والمسؤوليات، وتحديد قيمة الموجودات الثابتة للشركات المملوكة، تمهيدا لفك ارتباطها من وزارة النفط، وتمليكها للشركة موضوع البحث دون بدل.

وكان وزير النفط إحسان عبد الجبار، قد أصدر أمرا وزاريا في 13 أيلول سبتمبر 2020، يقضي بتنصيب نفسه رئيسا لشركة النفط الوطنية، بناء على كتاب الأمانة العامة لمجلس الوزراء، الذي صدر استنادا للفقرة الثالثة من قرار مجلس الوزراء رقم 109 لسنة 2020.

يشار إلى أن لجنة النفط والطاقة النيابية السابقة، كشفت في عام 2021، عن قرب إدراج قانون شركة النفط الوطنية على جدول أعمال مجلس النواب لتشريعه، لكن لغاية الآن لم يشرع القانون في البرلمان.

جدير بالذكر، أن عضو لجنة النفط والطاقة النيابية السابقة ريبوار طه، أفصح عن محتوى قانون الشركة سابقا وأكد أنه يحتوي 9 مواد بين أهدافه وشروط تأسيسه والمهام الموكلة بالشركة، والهدف منه هو الاستغلال الأمثل للثروات النفطية والغازية بمجالات الاستكشافات وتعزيز الصناعات التحويلية النفطية والغازية لتوفير عوائد جيدة لخزينة الدولة، كما أن الشركة ستقوم وفق قانونها بتطوير الحقول المنتجة والمكتشفة غير المطورة، بالإضافة إلى إبرام عقود الاستكشاف والإنتاج والتصدير وفق سياسة الدولة، كما سيكون من ضمن مهامها إدارة عقود الخدمات المبرمة لجولات التراخيص.

إلى ذلك، يفيد الخبير النفطي حمزة الجواهري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “قرار المحكمة الاتحادية إلغاء تأسيس شركة النفط الوطنية لن يؤثر على أسعار النفط العراقي ولا يؤثر على عملية إخراج وتصدير وبيع النفط“.

ويتابع الجواهري، أن “جميع الموظفين الذين كان من المفترض أن يعملوا في شركة النفط الوطنية هم موظفون في وزارة النفط، وبعد إلغاء تأسيس الشركة سوف يبقون في أماكنهم في مقر الوزارة، ولهذا لا تأثير بأي شيء لقرار المحكمة الاتحادية“.

ويشير إلى أن “تأسيس شركة النفط الوطنية كان هدفه جعل كل الشركات التي تنتج النفط في العراق تحت مظلة هذه الشركة، وهذا الإجراء يخفف عبئا كبيرا عن وزارة النفط، فالعبء الأكبر على الوزارة هي الصناعة الاستخراجية، وهذه الشركة عملها يتركز فقط على هذه الصناعة“.

ويضيف الجواهري، أن “وجود هذه الشركة مهم، وممكن إعادة تأسيسها وفق التعديلات التي أكدت وشددت عليها المحكمة الاتحادية في قرارها، كما يمكن تشريع هذا القانون من قبل البرلمان وفق النسخة المقدمة من مجلس الوزراء، من دون أي تلاعب يغير هدف القانون“.

تاريخيا، أسس العراق عام 1964 شركة النفط الوطنية، بموجب القانون رقم 80، والذي بموجبه صادر العراق 95 بالمئة من شركة نفط العراق وأعلن تشكيل شركة النفط الوطنية العراقية.

في عام 1967 وقع العراق وروسيا (الاتحاد السوفيتي آنذاك) على بروتوكول يلتزم فيه الاتحاد السوفيتي بإعطاء المساعدات الفنية والمالية للشركة.

وفي عام 1972 تم تأميم النفط العراقي، حيث كانت شركات النفط الأجنبية تملك الحصة الأكبر منه، عبر أسهم شركة نفط العراق المحدودة بما في ذلك كامل احتياطي البلاد من النفط، وفي السنوات الأولى من إدارة شركة النفط الوطنية العراقية للنفط العراقي بصورة منفردة نجحت في رفع الإنتاج في العراق من 1.4 مليون برميل يوميا لأكثر من 3 ملايين برميل يوميا في عام 1980.

وفي نيسان من عام 1987، دمج وزير النفط آنذاك حسين كامل الشركة مع وزارة النفط، والتي أصبحت المشغل المباشر في الصناعة فضلا عن منظم لها، كما تم تقسيم الشركة إلى مجموعة من الشركات، من بينها شركة نفط الشمال ومقرها في كركوك، وشركة نفط الجنوب ومقرها في البصرة، واستحدثت عام 1990، شركة الحفر العراقية ومقرها في بغداد وبفرعين الأول في كركوك والثاني في البصرة.

إقرأ أيضا