استقالة الحلبوسي.. “تكتيك سياسي” أم خطوة للهروب من الضغوط؟

تفاوتت تفسيرات المختصين والمراقبين للشأن السياسي، إزاء الفقرة المفاجئة بجدول أعمال جلسة البرلمان ليوم غد…

تفاوتت تفسيرات المختصين والمراقبين للشأن السياسي، إزاء الفقرة المفاجئة بجدول أعمال جلسة البرلمان ليوم غد الأربعاء، والتي تتضمن التصويت على استقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، لكن الجميع اتفق على عدم تحقق الاستقالة، وأن ما فعله الحلبوسي كان “تكتيكا سياسيا” لفك الضغط عنه وتأمين بقائه في منصبه، بينما أوضح خبراء في القانون سياقات استقالته وما يمكن أن يواجهه إذا ترك المنصب من دون التصويت على استقالته.

وتقول مصادر سياسية مطلعة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “تقديم الحلبوسي استقالته من منصبه جاءت من أجل الخلاص من الضغوطات التي تمارس عليه من قبل التيار الصدري وكذلك الإطار التنسيقي، لكنه يعلم جيدا أن الاستقالة سترفض داخل قبة المجلس من قبل النواب”.

وتضيف المصادر، أن “التيار الصدري يمارس ضغوطا منذ فترة طويلة على الحلبوسي من أجل بقاء البرلمان معطلا وعدم ذهابه مع الإطار التنسيقي نحو تشكيل أي حكومة جديدة، ولهذا قدم الاستقالة للخلاص من هذه الضغوطات تحت حجة أنه قدم الاستقالة ورفضت ولا يوجد شيء آخر ليعمله”.

وتشير إلى أن “الإطار التنسيقي يمارس هو الآخر، ضغطا كبيرا منذ مدة طويلة على الحلبوسي لإعادة عمل البرلمان، وقد وصل الضغط إلى مرحلة التهديد بالإقالة، ولذا هو قدم الاستقالة للخلاص من تلك الضغوط، ومن أجل إثبات أن الإطار غير قادر على تنفيذ تهديده بالإقالة، فهو يدرك جيدا أن نواب الإطار سوف يصوتون على تجديد الثقة له، من أجل عدم تعميق الخلافات ومحاولة الإسراع بعملية تشكيل الحكومة”.

وكان إعلام مجلس النواب نشر، أمس الإثنين، جدول أعمال لجلسة برلمانية من المقرر عقدها غدا الأربعاء، وتضمن التصويت على استقالة رئيس المجلس من منصبه وانتخاب النائب الأول لرئيس البرلمان.

وبعد ساعات قليلة ظهر الحلبوسي في ندوة بثت مباشرة، وعلق على قرار استقالته قائلا إن “قبول استقالتي من عدمه يعتمد على قناعة أعضاء مجلس النواب، ومن حق النواب الجدد اختيار الرئيس الجديد للمجلس، ولن أفرض وجودي على شركائي السياسيين في البرلمان”.

كما أشار الحلبوسي إلى أن “استقالتي من رئاسة البرلمان لا علاقة لها بالتحالف الثلاثي، فالتحالف الثلاثي انتهى باستقالة الكتلة الصدرية، كما أن أحد أسباب استقالتي أنني كنت جزءا من مشروع أغلبية سياسية والمعايير اختلفت وتحولت إلى التوافقية”.

من جهته، يوضح القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحلبوسي يعلم جيدا أن نواب الإطار لم يصوتوا له في السابق كرئيس للمجلس، ولهذا يريد من خلال هذه الاستقالة الحصول على تصويتهم ودعم قوى الإطار له لضمان عدم إقالته خلال المرحلة المقبلة”.

ويتابع الفتلاوي، أن “الحلبوسي يريد من خلال هذه الاستقالة إيصال رسالة إلى التيار الصدري بأنه قدم الاستقالة مثلكم، لكن النواب رفضوها، وهذا أمر قانوني، وهي محاولة لرفع ضغوطات الصدريين عنه، فهي مناورة سياسية من قبل الحلبوسي”.

ويرجح “تصويت أغلبية النواب على تجديد الثقة للحلبوسي، بما في ذلك نواب الإطار، خصوصا أن الأخير ليس لديه خلافات حاليا مع الحلبوسي بعد إعادته الجلسات وعدم عرقلة تشكيل الحكومة الجديدة”.

يشار إلى أن النائب السابق عن تحالف السيادة مشعان الجبوري، نشر تغريدة علق فيها على طلب استقالة الحلبوسي وأكد أن “قصة النظر باستقالة رئيس مجلس النواب هدفها الحصول على تجديد الثقة ودعم الائتلاف الجديد له عندما يتم رفض الاستقالة”.

كما نشر عضو التيار الصدري عصام حسين تغريدة قال فيها، إن “هناك اتفاقا مع الإطار بتقديم الحلبوسي استقالته وسيتم رفضها من قبل الكتل السياسية في البرلمان، وذلك لرفع الحرج عن الحلبوسي أمام التيار الصدري وجمهوره الذي يرفض التحالف مع الإطار.. تصور إدارة الدولة تتم بهذه الفهلوة، أعتقد أنها بداية مشجعة للخراب القادم”.

ويجري الحديث منذ أيام، عن تشكيل ائتلاف “إدارة الدولة” الذي يضم الإطار التنسيقي والحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطي الكردستاني وتحالف السيادة وحركة بابليون وتحالف العزم، لكن لغاية الآن لم يتم الإعلان رسميا عن الائتلاف، وسبق لمكتب رئيس تحالف الفتح هادي العامري أن نفى قبل يومين، وجود أي إعلان عن تشكيله، لكن مكتب رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، نشر بيانا أمس الأول أعلن فيه أن “سفينة الائتلاف أبحرت”.

ونشبت هذه الأزمة السياسية، منذ إجراء الانتخابات في تشرين الأول أكتوبر الماضي، ما حال دون تشكيل حكومة جديدة، إذ تمسك زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في حينها، إلى جانب تحالفي السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني، بموقفه حول تشكيل حكومة “أغلبية وطنية”، فيما أصر الإطار التنسيقي إلى جانب الاتحاد الوطني الكردستاني على تمرير حكومة “توافقية”، وذلك إلى جانب الخلافات والصراعات بين كتل كل طرف من هذه الأطراف، ورفض التحالف فيما بينها للخروج برؤية موحدة تسمح باستكمال تمرير رئاستي الجمهورية والوزراء.

يذكر أن الإطار التنسيقي جدد تمسكه بمرشحه لرئاسة الحكومة محمد شياع السوداني، وقد عقد الأخير اجتماعا مع عدد من النواب في البرلمان ناقش معهم فقرات برنامجه الحكومي.

من جانبه، يرى عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الهدف من تقديم الحلبوسي استقالته، إجراء ما يشبه الاستفتاء على بقائه في هذا المنصب من خلال أصوات نواب الإطار التنسيقي، وهذا تكتيك سياسي من أجل حصوله على أصوات غالبية النواب من جديد”.

ويواصل عبد الكريم، أن “تقديم الحلبوسي استقالته يهدف للخلاص من الضغوط والتهديدات عليه من قبل بعض قوى الإطار التنسيقي، خصوصا أنها وصلت إلى التهديد بالإقالة خلال الفترة الماضية، ولهذا هو سيحصل على أصوات أغلبية نواب الإطار، وهذه خطوة سياسية ذكية تحسب له”.

ويشير إلى أن “غالبية النواب من الكتل السياسية المختلفة سوف تجدد الثقة بالحلبوسي خلال جلسة يوم الأربعاء، ولن تتم إقالته، وهناك إجماع سياسي وبرلماني على ذلك”.

قانونيا، يفيد الخبير القانوني عدنان الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “القانون يلزم رئيس البرلمان بممارسة مهامه وليس من حقه رفضها، وإذا رفض النواب استقالة رئيس البرلمان، فسيكون ملزما قانونيا بتأدية واجباته”.

وفي حال أصر على ترك المنصب، على الرغم من عدم موافقة النواب على استقالته، يوضح الشريفي، بالقول “لن ندخل في مسألة خلو المنصب، بل ستكون هناك إجراءات منها محاولة النواب حثه على تأدية واجباته عبر استضافته أو استجوابه، ومن ثم اللجوء إلى المحكمة الاتحادية ورفع دعوى الحنث باليمين ضده، لأن رئيس البرلمان لديه واجباته التي أدى اليمين الدستورية لتنفيذها”.

وتنص الفقرة الأولى من المادة 12 من قانون مجلس النواب على أنه “عند تقديم أحد أعضاء هيئة الرئاسة الاستقالة من منصبه تقبل بعد موافقة المجلس بأغلبية عدد أعضائه الحاضرين”، فيما تنص الفقرة الثانية من المادة ذاتها على أن “لمجلس النواب إقالة أي عضو من هيئة رئاسته وفق القانون”، بينما تنص الفقرة الثالثة على أنه “إذا خلا منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفا له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقا لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل”.

إلى ذلك، يبين الخبير القانوني جمال الأسدي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك طريقة واحدة فقط لاستقالة رئيس البرلمان، وذلك عبر تقديم الاستقالة والتصويت عليها بأغلبية عدد النواب، وليس هناك أي طريقة أخرى”.

ويضيف الأسدي، أن “خلو منصب رئيس البرلمان يتحقق عندما يتوفى الرئيس أو تقبل استقالته، فهنا يكون المنصب شاغرا، أو إذا فقد ولم يعرف مصيره لأي سبب كان، فلا يمكن إعلان خلو المنصب والرئيس موجود”.

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ذكر، يوم الجمعة الماضي، في حوار مع قناة العراقية الرسمية من نيويورك، أنه سيدعو إلى جولة ثالثة من الحوار الوطني لحل المشاكل.

وأشار الكاظمي خلال كلمته في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى أن “القوى السياسية عجزت عن الاتفاق على تشكيل الحكومة ما أدى إلى خلق انسداد سياسي.. حكومتي دعت إلى حوار جاد وشفاف لجميع القوى السياسية والأحزاب المختلفة لمناقشة سبل الخروج من الأزمة”.

إقرأ أيضا