الفئة النقدية الجديدة.. هل تكون سببا لـ”الفساد” و”التضخم”؟

فسر مستشار حكومي إقدام البنك المركزي العراقي على إصدار فئة 20 ألف دينار بتسهيل المدفوعات…

فسر مستشار حكومي إقدام البنك المركزي العراقي على إصدار فئة 20 ألف دينار بتسهيل المدفوعات النقدية في الأسواق، لكن خبراء في الاقتصاد ربطوا بين هذا الإجراء وبين مستوى التضخم في البلاد، بينما ذهب بعضهم إلى أن الإجراء قد يكون على صلة بالفساد.

ويقول المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “البنك المركزي العراقي يرى، وضمن سياسته في إدارة نظام المدفوعات النقدية في البلاد، ضرورة إصدار فئة عملة وسطية قابلة للقسمة على اثنين لتسهيل المدفوعات النقدية غير الكبيرة داخل نظام التداول النقدي في البلاد”.

ويوضح صالح، أن “التجربة التي تابعتها دائرة الإصدار في البنك المركزي بينت أن البلاد بحاجة إلى فئة ميسرة تعبر من حيث القيمة مرتين فئة 10 آلاف دينار وأربع مرات فئة 5 آلاف دينار، وسيكون مركب النظام النقدي مستقبلا بشكل أقرب إلى فئات 5، 10، 20، 50 ألف دينار بالتتابع، إضافة إلى فئة 25 ألف دينار”، مبينا أن “الفئة الجديدة ستحمل علامات الأمان العالية الجودة ورموز الحضارة العراقية عبر التاريخ”.

وكان محافظ البنك المركزي مصطفى مخيف، أعلن أمس الثلاثاء، أن البنك يعمل على إكمال فئة جديدة بقيمة 20 ألف دينار بناء على دراسة وأبحاث مقارنة مع دول الجوار، ويعمل على استكمال شكل الورقة وخلال الأيام المقبلة سوف يتم الإعلان عنها، مشيرا إلى أن عملية حذف الأصفار من العملة تحتاج إلى تشريع قانون، وإجراء بعض التعديلات.

من جهته، يرى الخبير المالي ناصر الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق ليس بحاجة إلى طباعة أي عملة جديدة له، وهذه الخطوة ستكون لها تبعات سلبية كبيرة، فهي ستكون عامل تضخم في السوق المحلية، وسيكون لها ربما تأثير على عموم العملة العراقية”.

ويشير الكناني، إلى أن “هذا الإجراء قد يكون بابا من أبواب الفساد المستشري، فهذا إجراء يفتقر لكل المعايير الاقتصادية والمالية التي تسهم في دعم العملة العراقية وتقوية هذه العملة، وتقليل التضخم الحاصل في السوق”.

ويضيف أن “الكتلة النقدية الحالية تغطي حاجة البلد، ومن المفترض تسهيل عملية إقراض المشاريع الصغيرة للشباب لغرض دعم عجلة الاقتصاد والاستثمار، بدلا من قرارات طباعة أي فئة جديدة من العملة، لأن هذا الإجراء له تبعات سلبية كثيرة وليس له أي أثر إيجابي”.

وعانى العراق منذ تسعينيات القرن الماضي، وخلال فرض الحصار الاقتصادي عليه، من تضخم كبير في العملة، ما دفع النظام السابق إلى التوجه لطبع العملة محليا، وبعد العام 2003، تم إتلاف العملة السابقة وإصدار فئات بطبعات جديدة، وتم تثبيت سعر صرفها أمام الدولار، بأمر من الحاكم المدني للعراق في حينها بول بريمر، الذي كشف عن شكل العملة الجديدة وسعر صرفها.

في الأثناء، يفيد الخبير الاقتصادي رشيد العزاوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “توجه البنك المركزي العراقي لطباعة فئة جديدة من العملة يأتي بهدف التعويض عن العملة التالفة وتعويض حاجة السوق المحلية بما يوازي المطلوب”.

ويبين العزاوي، أن “الأفضل للبنك المركزي التوجه لفكرة حذف الأصفار والعودة للفئات القليلة القديمة مثل 50 دينارا و100 دينار، وهذه الفئات ممكن أن تقلل التضخم في السوق نتيجة رفع سعر الدولار”.

ويتابع أن “طباعة الفئة الجديدة ربما ستكون عاملا في رفع التضخم في السوق وليس تقليله، كما أن على البنك المركزي إصدار بيان لتوضيح الأسباب الحقيقية وراء هذا الإجراء ومعرفة الكمية التي سوف تطبع من هذه الفئة لمعرفة ما سيكون لها من تأثير اقتصادي على السوق المحلية”.

وكان المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، كشف العام الماضي، أن البنك المركزي العراقي وضع مشروع حذف ثلاثة أصفار من العملة العراقية، بغية إصلاح نظام المدفوعات النقدية الذي تضرر نتيجة الحصار الاقتصادي الذي فرض في تسعينيات القرن الماضي، لكنه رهن حذف الأصفار بالنمو الاقتصادي العالمي والاستقرار السعري والسياسي، مؤكدا أن أهمية حذف الأصفار من العملة وترشيق وحدات العملة، تأتي لخفض الأرقام المحاسبية وتسهيل التعاطي الحسابي.

يذكر أن العديد من الخيارات طرحت للسيطرة على الأزمة المالية، منها طبع فئات نقدية جديدة منها 100 ألف دينار، أو حذف ثلاثة أصفار للسيطرة على ارتفاع قيمة الأرقام في التعاملات النقدية، لكن وفقا لمتخصصين بالاقتصاد تحدثوا سابقا لـ”العالم الجديد”، فإن حذف الأصفار من العملة إجراء “شكلي” ولا يؤدي لحل مشاكل الاقتصاد العراقي، بل أنه سيثقل كاهله بإجراءات طبع العملة الجديدة.

وفي أواخر 2020، أعلنت الحكومة عن تغيير سعر صرف الدينار من 1182 دينارا لكل دولار إلى 1450 دينارا لكل دولار، ما أثار موجة سخط شعبية كبيرة، خاصة بعد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية، وتم تثبيت هذا الأمر في الموازنة الاتحادية التي صوت عليها مجلس النواب في 31 آذار مارس من عام 2021.

إقرأ أيضا