حوارات الرياض وطهران في بغداد.. بماذا ستعود على العراق؟

تفاوتت آراء عدد من المحللين السياسيين بشأن فائدة جولات الحوار بين السعودية وإيران في بغداد…

تفاوتت آراء عدد من المحللين السياسيين بشأن فائدة جولات الحوار بين السعودية وإيران في بغداد للوضع الداخلي العراقي، فمنهم من رأى أن انعكاساتها ستكون إيجابية، فيما أشر الآخر، عدم ظهور أي تأثير لها حتى الآن، لكن الجميع اتفق على أنها تعزز من مكانة العراق الإقليمية والدولية.

ويقول المحلل السياسي جاسم الغرابي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الصراع الإقليمي، وخاصة السعودي- الإيراني، واضح على الساحة العراقية، فهناك تقاطعات سياسية ومذهبية كبيرا انعكست سلبا على الساحة العراقية، والقوى السياسية هي من سمحت بتدخل اللاعب الدولي وتوغله في المشهد الدخلي العراقي”.

ويتابع الغرابي، أن “تحقيق المصالحة بين المتخاصمين الإقليميين سينعكس إيجابا على علاقات القوى والأحزاب السياسية داخل العراق، ويساهم في تقريب وجهات النظر بينها وإزالة خلافاتها، وبالتالي تحقيق الاستقرار المنشود في البلاد”.

ويبين أن “استمرار جولات الحوار بين الرياض وطهران في بغداد ستخضع هي الأخرى لإرادة لاعب دولي آخر وبارز هي أمريكا، فواشنطن لا تريد للسعودية بناء علاقات طبيعية مع إيران بسبب خلافاتها مع الأخيرة، والأمور مرتبطة حاليا بالمحادثات النووية مع إيران، فإذا نجحت هذه المحادثات سيكون من الممكن نجاح جولات الحوار التي تستضيفها بغداد بين الرياض وطهران”.

يشار إلى أن وزير الخارجة فؤاد حسين، أعلن أمس الثلاثاء، أن الحوارات بين الرياض وطهران في بغداد ستخرج للعلن إذا تم الاتفاق على الملفات الأمنية والدبلوماسية، مؤكدا أن 5 جولات عقدت سابقا وأن بغداد تسعى لتحقيق تقدم إيجابي بين السعودية وإيران.

وكان سفير إيران لدى الكويت محمد إيراني، ذكر في تصريحات لصحيفة “الراي” الكويتية الشهر الماضي، أن عقد جولة سادسة من المحادثات بين السعودية وإيران في بغداد سيتم عندما تكون الظروف مؤاتية في العراق، مشيرا إلى أنه “كان من المقرر عقد جولة جديدة من المحادثات الشهر الماضي (تموز يوليو) لكنها تأجلت بسبب التطورات الأخيرة في العراق، وهناك اتفاق على استئناف المباحثات بجولة سادسة لكن علينا انتظار دعوة عراقية بعد الأحداث الجارية في العراق، وهذه المحادثات تهدف إلى التوصل لاتفاق لعقد اجتماع مباشر بين وزيري خارجية السعودية وإيران”.

يذكر أن وزير الخارجية فؤاد حسين، زار العاصمة الإيرانية طهران، في أواخر آب أغسطس الماضي في زيارة رسمية، والتقى فور وصوله نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وبحث هناك عقد الجولة السادسة من المفاوضات.

من جهته، يوضح المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه الجولات لم تساهم حتى الآن في تغيير شيء من الواقع في داخل العراق”.

ويضيف الدعمي أن “السلاح المنفلت ما زال موجودا، والعلاقات بين القوى والأحزاب العراقية متوترة إلى حد كبير على الرغم من هذه الجولات، ولكنها ساهمت في تعزيز موقع العراق الدولي والإقليمي باعتباره راعيا لتقارب الدول المؤثرة في المنطقة، وهذه نقطة تحسب للحكومة الحالية”.

يشار إلى أن العراق، استضاف جولات سرية للحوار السعودي الإيراني على أرضه، منذ انطلاق أولى الجولات في 9 نيسان أبريل 2021، بحضور رئيس المخابرات السعودية خالد حميدان ونائب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني سعيد عرفاني، وتبع هذا اللقاء في بغداد، توجه مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد إلى طهران، ضمن إطار مفاوضات إيرانية مع الامارات، وذلك بحسب ما نقله مصدر عن وزير الخارجية الإيراني السابق محمد جواد ظريف خلال لقائه زعماء القوى السياسية في بغداد يوم 26 نيسان أبريل الماضي.

وتم قطع العلاقات السعودية الإيرانية في كانون الثاني يناير 2016 بعد اقتحام السفارة السعودية في طهران إثر خلاف بشأن إعدام الرياض لرجل دين شيعي.

إلى ذلك، تفيد المحللة السياسية نوال الموسوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “الحوارات بين السعودية وإيران في بغداد كانت مثمرة، والدليل أنها استمرت وعقدت أكثر من مرة وسوف تعقد جولات أخرى منها مستقبلا”، لافتة إلى أن “طرفي الحوار قدما مبادرات لحل المشاكل العالقة سياسيا بعد أن كان يتم التعامل معها برسائل ذات طابع أمني”.

وتشير الموسوي، إلى أن “النية الحقيقية لدى الجانبين بالتوصل إلى تفاهمات، تعكس تقدم الحوارات وتحقيقها نتائج جيدة، إذ أن وزارتي الخارجية السعودية والإيرانية أفصحتا عن وجود نية بإعادة افتتاح السفارات والتبادل الدبلوماسي بعد القطيعة، وهذا يعد نجاحا للعراق الذي استضاف حواراتهما”.

وتتابع أن “التقدم الدبلوماسي بين دول المنطقة سيحقق استقرارا لها على مختلف الأصعدة، ومنها صعيد النفط والطاقة، إذ يمكن أن يكون هذا الملف الاقتصادي الحيوي مستقرا في منطقتنا بعيدا تأثيرات التوترات العالمية وعلى رأسها الحرب بين روسيا وأوكرانيا”.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قال أيضا مؤخرا لمجلة “ذا أتلانتيك” الأمريكية، إن “الإيرانيين جيراننا، وسيبقون جيراننا للأبد، ليس بإمكاننا التخلص منهم، وليس بإمكانهم التخلص منا، لذا فإنه من الأفضل أن نحل الأمور، وأن نبحث عن سبل لنتمكن من التعايش”.

يشار الى أن وزير الخارجية العراقي، علق في مقابلة مع صحيفة “النهار” اللبنانية في وقت سابق، حول الحوار السعودي الإيراني على أرض العراق، بأن “جزءا كبيرا من الصراعات الداخلية العراقية له علاقة بالصراعات الإقليمية، لذا لإدارة الصراع في الداخل نحتاج إلى إدارة الصراع على الحدود، ومن هذا المنطلق بدأنا نبادر ونطرح أفكارا”.

إقرأ أيضا