على إيقاع القصف والاحتكاك.. البرلمان ينعقد و”التيار” يتوعد بصولات لاحقة

على إيقاع قصف المنطقة الخضراء والاحتكاك بين القوات الأمنية والمتظاهرين، عقد البرلمان جلسة أمس الأربعاء،…

على إيقاع قصف المنطقة الخضراء والاحتكاك بين القوات الأمنية والمتظاهرين، عقد البرلمان جلسة أمس الأربعاء، ولم يقع ما كان متوقعا، فقد عقدت الجلسة من دون أن يمنعها التيار الصدري، إلا أن قياديا في التيار عزا ذلك إلى “عدم أهمية” الجلسة، لعدم احتوائها على ما يمهد لتشكيل الحكومة، وبينما أشار قيادي في الإطار التنسيقي إلى أن انعقاد الجلسة وما نتج عنها يدل على وجود الأغلبية البرلمانية، أفاد محلل سياسي بأن انعقادها سيؤدي إلى زيادة تعقيد المشهد، باعتبارها عقدت من دون موافقة الصدريين.

ويقول قيادي بارز في التيار الصدري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إنه “لم تصدر أي قرارات وتوجيهات بالدخول إلى المنطقة الخضراء والاعتصام فيها مجددا لمنع البرلمان من عقد أي جلسة مقبلة، وما يجري من تظاهرات في ساحة التحرير، هو لإعلان رفض الإقدام على تشكيل أي حكومة وفق المحاصصة والتوافق”.

ويضيف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “أنصار التيار الصدري قادرون على الدخول إلى المنطقة الخضراء ومنع عقد جلسة البرلمان، لكنهم لا يريدون ذلك، فجلسة اليوم غير مهمة وهي لا تتعلق بقضية تشكيل الحكومة الجديدة”.

ويبين أن “إقدام الإطار التنسيقي مع باقي القوى السياسية على عقد جلسة برلمانية تهدف إلى انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح الإطار لرئاسة الوزراء، سوف يدفع الصدريين إلى دخول الخضراء، حتى لو كانت الجلسة منعقدة، فالتيار سيعمل بكل الطرق الممكنة له على منع تشكيل أي حكومة إطارية”.

ويتابع القيادي الصدري أن “هناك اتصالات تجري مع بعض القيادات المقربة من الصدر في الحنانة من أجل تهدئة الأوضاع في الشارع ومحاولة سحب المتظاهرين من ساحة التحرير، لكن حتى هذه اللحظة لا يوجد قرار بسحب هؤلاء المتظاهرين، وربما خلال الساعات المقبلة سوف يكون هناك تحشيد كبير لدعم المتظاهرين والاعتصام في التحرير أو الانسحاب الكامل والإبقاء على الجهوزية لمنع أي جلسة مقبلة، فهذا الأمر قيد الدراسة والمناقشة حاليا من قبل قيادة التيار”.

ويشير إلى أن “قصف المنطقة الخضراء تقف خلفه جهات تابعة لبعض القوى السياسية بهدف توجيه الاتهام إلى الصدريين بهكذا أعمال مرفوضة، خصوصا أن هذه الجهات هي دائما ما كانت تقصف الخضراء لتوجيه بعض الرسائل خلال الفترات الماضية”.

وشهد يوم أمس أحداثا عديدة، بدأت بتظاهرات لأنصار التيار الصدري في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، احتجاجا على عقد مجلس النواب لجلسته، وهذا وسط انتشار أمني مكثف جدا لمنع المتظاهرين من عبور جسر الجمهورية نحو المنطقة الخضراء.

ومع اقتراب منتصف النهار، بدأ النواب بالتوافد على مبنى مجلس النواب، تمهيدا لعقد الجلسة المخصصة للتصويت على استقالة رئيس المجلس محمد الحلبوسي وانتخاب النائب الأول لرئيس المجلس.

ظهرا عقدت الجلسة، على الرغم من التظاهرات في ساحة التحرير، وشهدت تصويت 222 نائبا على رفض استقالة الحلبوسي مقابل 13 نائبا وافقوا على استقالته.

وجرى في الجلسة أيضا، انتخاب محسن المندلاوي لمنصب النائب الأول لرئيس مجلس النواب بـ203 أصوات، خلفا لحاكم الزاملي، الذي استقال مع نواب الكتلة الصدرية سابقا.

من جانبه، يذكر القيادي في الإطار التنسيقي علي الفتلاوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “عقد جلسة البرلمان وتجديد الثقة للحلبوسي وانتخاب النائب الأول لرئيس البرلمان هي بداية حراك تشكيل الحكومة الجديدة، ودليل على وجود الأغلبية البرلمانية المطلقة للمضي نحو استكمال الاستحقاقات الدستورية”.

ويلفت الفتلاوي إلى أن “القوى السياسية المتحالفة ضمن ائتلاف إدارة الدولة سوف تعمل على عقد جلسة البرلمان المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية وتكليف مرشح الإطار لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني خلال الأيام القليلة المقبلة، وربما تكون في الأسبوع المقبل”.

ويوضح الفتلاوي أن “ما يؤخر تشكيل الحكومة الجديدة هو الخلاف الكردي-الكردي على رئاسة الجمهورية، ولهذا على البيت الكردي الإسراع في حسم هذا الخلاف وتقديم مرشح واحد يمثل جميع القوى السياسية الكردية أو الذهاب بأكثر من مرشح ويبقى الحسم لتصويت النواب كل حسب قناعته، فلا يمكن تعطيل تشكيل الحكومة بسبب هذا الخلاف”.

ويؤكد أن “حق التظاهر مكفول، بشرط أن يكون سلميا ولا يستهدف مؤسسات الدولة، وواجب الحكومة العراقية الحالية حماية تلك المؤسسات ومنع أي اعتداءات عليها، وإجراءات الحكومة المشددة منعت أي محاولة للاعتداء على مؤسسات الدولة في المنطقة الخضراء”.

وبالتزامن مع هذه الأحداث، ردت المحكمة الاتحادية العليا، الطعن المقدم بعدم صحة استقالة نواب التيار الصدري من مجلس النواب العراقي، وبينت أن قرارها اتخذ لـ”عدم توفر المصلحة العامة لدى المدعين، بعد أ تم رفعها من قبل المحامي ضياء الدين رحمة الله ضد رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي/ إضافة لوظيفته بشأن قبوله استقالة نواب الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي”.

وكان المحامي ضياء الدين رحمة الله البديري رفع في 4 أيلول سبتمبر الماضي، دعوى للطعن باستقالة نواب الكتلة الصدرية، مشيرا إلى أن الحلبوسي تفرد في قراره حين وقع تلك الاستقالات.

كما أصدر الإطار التنسيقي بيانا عبر فيه عن شكره لأعضاء مجلس النواب في استئناف عمل المجلس عقد جلساته، وأكد أهمية استكمال باقي الاستحقاقات الدستورية وإدامة الحوارات بين ائتلاف إدارة الدولة وباقي الكتل الراغبة في تشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات.

وكان صالح محمد العراقي، الشخصية الافتراضية الناطقة باسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، نشر تغريدة مطولة وأبرز ما فيها “لن نشارككم ولن نهادنكم ولن نحاوركم على إتمام صفقة الفساد وإرجاع العراق إلى المربع الأول والمعادلة الفاشلة التي نهى الله عنها لأنها أضرت بالوطن ونهت عنها المرجعية حين قالت: (المجرب لا يجرب)… فوالله إن عدتم كما كنتم فإنها نهاية العراق بل ونهايتكم أيضا.. فاتقوا الله إن كنتم قادرين على ذلك بعد أن أغرتكم الدنيا ولفت حولكم حبائل الشيطان وطابت لكم زخارفه وألاعيبه.. ولات حين مندم”.

ومع التوتر الأمني والسياسي، تعرضت المنطقة الخضراء إلى قصف بمقذوفات، حيث جرى استهداف مجلس النواب بثلاث قذائف، سقطت الأولى في محيطة، بحسب خلية الإعلام الأمني، التي أكدت أن القذيفتين الأخريين سقطتا قرب دار الضيافة وقرب سيطرة القدس، ما أدى الى إصابة 7 من منتسبي القوات الأمنية.

وتجدد القصف عصرا، وأيضا بثلاث قذائف، سقطت إحداها قرب الأمانة العامة لمجلس الوزراء.

وفي هذا، يبين مصدر أمني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الخطة الأمنية التي وضعتها قيادة عمليات بغداد لحماية العاصمة، شهدت خرقا كبيرا، حيث تعاون ضابط كبير في الجيش العراقي برتبة لواء ركن مع القوة التي أطلقت الصواريخ باتجاه المنطقة الخضراء من مدينة الصدر”.

ويتابع أن “هذا الضابط الكبير، أعطى أوامر مغايرة للضوابط الأمنية، وسهل عملية إطلاق الصواريخ، خاصة وأنها جرت على الرغم من انتشار الجيش في مدينة الصدر”.

يشار إلى أن رئيس مجلس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، وجه القوى الأمنية بمتابعة مرتكبي جريمة القصف الصاروخي للمنطقة الخضراء وإلقاء القبض عليهم، داعيا المتظاهرين إلى الالتزام بالسلمية وبتوجيهات القوى الأمنية حول أماكن التظاهر.

وكانت بعثة الأمم المتحدة في العراق (يونامي)، علقت يوم أمس على استهداف المنطقة الخضراء، قائلة “ندعو الجميع إلى الامتناع عن الترهيب والتهديد والعنف. هناك حلول ولكن لكي ترى هذه الحلول النور، فإن الحوار البناء في أقرب وقت مناسب أمر ضروري”.

وفي السياق ذاته، يفيد المحلل السياسي ماهر جودة، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “عقد جلسة البرلمان لا يعني أن طريق تشكيل الحكومة الجديدة سيكون من دون معرقلات من قبل التيار الصدري، فهناك تصعيد شعبي سيكون من قبل أنصار الصدر لمنع الإطار من تشكيل أي حكومة، وكل المعلومات والمعطيات تؤكد ذلك”.

ويضيف جودة أن “القوى السياسية نفسها لا تريد تجاوز الصدر بتشكيل الحكومة الجديدة، فهي تدرك خطورة هذا الأمر إذا ما حصل، خصوصا أن تشكيل أي حكومة من دون موافقة الصدر يعني أنها لن تصمد طويلا أمام التظاهرات الشعبية المليونية للصدريين، والتي ربما تقتحم الخضراء بين حين وآخر”.

ويعبر جودة عن اعتقاده بأن “جلسة البرلمان عقدت المشهد السياسي كثيرا، خصوصا أنها لم تتم بموافقة التيار الصدري، بل كان هناك رفض صدري واضح لها، وهذا ما سيدفع الصدر إلى إلغاء أي فكرة كانت ربما لعقد أي حوار مع بعض الأطراف السياسية المقربة أو الحليفة له، ولهذا فإن المشهد السياسي سوف يشهد الكثير من التصعيد على مختلف الجوانب خلال الأيام القليلة المقبلة”.

ولاحقا لهذه التطورات، حاول أنصار التيار الصدري عبور جسر الجمهورية، ما أدى إلى مواجهات مع القوات الأمنية، التي انسحبت من خط الصد الأول من الجسر، فيما كانت الحصيلة الأولية إصابة 3 منتسبين نتيجة لرمي المتظاهرين للحجارة عليهم.

ومن ثم عمدت القوات الأمنية إلى استعادة خط الصد الذي انسحبت منه بعد إطلاقها قنابل غاز مسيلة للدموع تجاه المتظاهرين الذين حاولوا التقدم وإسقاط الكتل الكونكريتية المتواجدة على الجسر، ما أدى إلى إصابة العشرات من المتظاهرين.

خلية الإعلام الأمني، أعلنت من جانبها، أن عدد المصابين من القوات الأمنية بلغ 4 ضباط و118 منتسبا، فيما أصيب 11 مدنيا نتيجة للاحتكاك الذي حدث بين الطرفين، ودعت الجميع إلى الالتزام بالتوجيهات الصادرة عن الأجهزة الأمنية المتخصصة.

وفي ساعة متأخرة من ليلة أمس، بدأ أنصار التيار الصدري بالانسحاب من ساحة التحرير، بناء على أوامر صدرت لهم من قيادات في التيار، حسبما روجت المنصات التابعة لهم في مواقع التواصل الاجتماعي، التي أكدت على العودة للتظاهر الأسبوع المقبل.

إقرأ أيضا