جرحى “تشرين” يعودون من ألمانيا “بخفي حنين”: تعرضنا للاحتيال

استبشر عدد من جرحى احتجاجات تشرين الأول أكتوبر 2019 خيرا عندما قرر رئيس مجلس الوزراء…

استبشر عدد من جرحى احتجاجات تشرين الأول أكتوبر 2019 خيرا عندما قرر رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، إرسالهم إلى ألمانيا للعلاج، لكنهم اصطدموا بمفاجآت عدة لدى وصولهم، وعاد نصفهم خالي الوفاض، فيما يشير أحد ناشطي الاحتجاجات إلى أن العملية برمتها عبارة عن “نصب واحتيال”، وتنطوي على غاية أخرى غير العلاج.

ويقول الناشط في احتجاجات تشرين محمد عفلوك، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ملف جرحى تشرين من أكثر الملفات التي حدث فيها نصب واحتيال من أجل إسكات الجرحى، حيث لجأت السلطات إلى خطة ماكرة تتضمن إرسالهم إلى ألمانيا للعلاج، ليكتشفوا هناك أن المستشفى التي تم إرسالهم إليه ما هو إلا مستشفى مخصص للتأهيل فقط، وليس فيه أي علاج أو دواء ولا تجرى فيه عمليات جراحية”.

ويضيف عفلوك، أن “شخصا متحزبا تحدث قبل مدة من ألمانيا عبر تطبيق (كلوب هاوس) عن حصوله على عقد معالجة جرحى تشرين من مدير مكتب وزير الصحة، وذكر أنه اتفق مع إحدى الشركات على إرسالهم إلى هذا المستشفى المخصص للتأهيل”.

ويلفت إلى أن “البعض يروج بأن هؤلاء الجرحى لا يمكن علاجهم، ولكن الحقيقة هي أن كثيرين منهم ذهبوا إلى أطباء في ألمانيا خارج المستشفى المذكور وأبلغوهم بأن حالاتهم قابلة للعلاج ووفق نسب نجاح جيدة”.

ويبين عفلوك، أن “الغاية الحقيقية من إرسالهم إلى ألمانيا هي تشجيعهم على البقاء كلاجئين، بهدف التخلص من مطالباتهم وإسكات أصواتهم، أما الرحلة العلاجية فما هي إلّا وهم”، منوها إلى أن “هذا الملف أشرف عليه مستشارون وموظفون في مكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بالإضافة إلى مسؤول رفيع بوزارة الصحة”.

وكان مجلس الوزراء، قرر في 21 كانون الأول ديسمبر 2021، تخصيص ملياري دينار لوزارة الصحة لتغطية علاج جرحى التظاهرات.

يذكر أن الكاظمي، وجه في تشرين الأول أكتوبر 2021، بالإسراع بإجراءات سمة الدخول “الفيزا” لإرسال جرحى تظاهرات تشرين من الشلل الرباعي إلى ألمانيا.

وكانت أول وجبة من جرحى التظاهرات، قد توجهت إلى ألمانيا في نيسان أبريل من العام الحالي، بعد أن استقبلهم الكاظمي وأكد لهم “لقد ودعتكم وأوفيت بوعدي”.

من جانبه، يوضح عادل العصاد، أحد جرحى تشرين المرسلين إلى ألمانيا للعلاج، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “عددنا 12 جريحا، حيث التقى بنا الكاظمي قبل سفرنا وأبلغنا بأن موضوعنا مرتبط بمكتبه مباشرة، وأن لا علاقة لوزارة الصحة به، وتم تخصيص 190 ألف دولار لكل واحد منا لأغراض الإقامة والنفقات والعلاج”.

ويتابع العصاد، أن “الكاظمي أخبرنا أننا سنذهب إلى ألمانيا بالكراسي المتحركة ونعود من دونها، ولكننا فوجئنا هناك بأن المستشفى الذي تم إرسالنا إليه مخصص لكبار السن وإعادة تأهيلهم بالتمارين والمساج، ثم اكتشفنا خلال الأسبوع الأول، أن عقد العلاج موقع من قبل وزارة الصحة، وأن كل شيء نريده يجب أن يكون عن طريقها، خلافا لما أخبرنا به الكاظمي”.

ويشير إلى أن “التقارير التي صدرت عن المستشفى لاحقا، أفادت بأن علاجنا غير ممكن، وبعد مناشدات عديدة استطعنا لقاء السفير العراقي في برلين، لكنه كان بلا حول أو قوة، وأخبرنا صراحة بأن الاتفاق مع أحد مستشاري رئيس الوزراء، هو أن نذهب على نفقتنا الخاصة إلى أطباء متخصصين معروفين في ألمانيا، وذهبنا بالفعل إلى أطباء معينين أخبرونا بأننا بحاجة إلى عمليات جراحية”.

ويواصل الناشط الذي تعرض لإصابة بإطلاقات نارية خلال الاحتجاجات، قائلا “عرضنا تقارير الأطباء على مجلس الوزراء العراقي، وكان ذلك بالتزامن مع اعتصامات التيار الصدري والإطار التنسيقي والأزمة السياسية، فتم إبلاغنا بأن المجلس لا يستطيع فعل شيء، وأن الجرحى مخيرون بين البقاء في ألمانيا أو العودة إلى العراق”.

ويستطرد أن “موضوع العلاج تم تسويفه، وعدت أنا وخمسة جرحى آخرين إلى العراق بعد 4 أشهر قضيناها في ألمانيا، ولازلنا نعاني من نفس الوضع الصحي، فيما اختار الستة الآخرون طلب اللجوء لتتكفل الحكومة الألمانية بعلاجهم وفقا للقوانين السارية هناك”، لافتا إلى أن “بعض الجرحى تم إرسالهم إلى تركيا، لكنهم لم يتلقوا العلاج أيضا”.

يشار إلى أن التظاهرات أدت إلى مقتل أكثر من 600 متظاهر وإصابة أكثر من 20 ألفا، نتيجة للقمع الذي استخدمته القوات الأمنية ضد المتظاهرين عام 2019، حيث استخدمت الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، والتي أدت إلى وفيات وإصابات نظرا لإطلاقها بشكل أفقي.

من جهتها، تفيد الناشطة الاحتجاجية سما السامرائي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “المستشفى الذي أرسلوا الجرحى إليه بمثابة دار للمسنين، ومن نسق هذه العملية هو مكتب الكاظمي، حيث أدارها اثنان من مستشاريه، وهذان خذلا الشباب، فعندما تواصلنا معهم وهم في ألمانيا أخبرونا بأنهم يئنون من الألم من دون أن ينجدهم أحد”.

وتوضح السامرائي، أن “المدة المحددة للعلاج 3 أشهر، وقد انتهت المدة من دون أي جدول”، معتبرة أن “هذه كارثة أن يعجز رئيس حكومة دولة بحجم العراق عن معالجة بضعة جرحى، فكيف يدير بلدا يسكنه أكثر من 40 مليون إنسان؟”.

وتضيف أن “لدينا المئات من الجرحى ممن فقدوا أبصارهم أو أطرافهم”، مشيرة إلى أن “عدد الجرحى الكلي يبلغ نحو 25 ألفا، وإذا افترضنا أن 10 بالمئة منهم يحتاجون إلى العلاج خارج العراق يكون العدد 2500 فقط، ولكن الدولة تتعامل معهم بإهمال على الرغم من الوفرة المالية المتحققة”.

وبحسب إحصائية انفردت “العالم الجديد” بنشرها سابقا، فإن عدد القتلى والجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية وعمليات الاغتيال، في كل محافظة منذ 1 أكتوبر 2019 ولغاية 1 أكتوبر 2020، بلغ في بغداد 283 قتيلا في صفوف المتظاهرين و6 عناصر أمنية، وإصابة 14 ألفا و256 متظاهرا، وفيما يخص عمليات الاغتيال، فقد جرت 12 عملية في بغداد، قتل فيها 9 أشخاص، أبرزهم الباحث والخبير الاستراتيجي هشام الهاشمي.

في حين سجلت ذي قار مقتل 112 متظاهرا وإصابة 2344 آخرين، و18 عملية اغتيال قتل بسببها 5 وأصيب 3، فيما نجا 10 آخرون من دون إصابة.

وفي البصرة، قتل 40 متظاهرا وأصيب 429، فيما شهدت 11 عملية اغتيال، قتل فيها 7 ناشطين وأصيب 4، أبرزهم تحسين أسامة ورهام يعقوب.

وأما في النجف، فقتل 39 متظاهرا وأصيب 828 آخرون، ولم تسجل المحافظة أي عملية اغتيال، أما ميسان فقد قتل فيها 25 متظاهرا وأصيب 226 آخرون، فيما سجلت 12 عملية اغتيال قتل فيها 5 ناشطين وأصيب 4 ونجا 3 من دون إصابة.

وبالانتقال إلى الديوانية فإنها سجلت مقتل 20 متظاهرا وإصابة 197 آخرين، وشهدت عملية اغتيال واحدة التي راح ضحيتها الناشط ثائر الطيب، بعد أن انفجرت عبوة ناسفة كانت موضوعة في عجلة كان يقودها، أما بابل، فقد قتل فيها 11 متظاهرا وأصيب 239 آخرون، فيما شهدت عملية اغتيال واحدة.

وفي كربلاء قتل 9 متظاهرين وأصيب 1911 آخرون، فيما شهدت 6 عمليات اغتيال قتل فيها اثنان وأصيب 4 آخرون، في حين سقط في واسط 6 قتلى و148 جريحا، وعملية اغتيال واحدة، وفي المثنى، سقط قتيلان فقط، وأصيب 17 آخرون ولم تسجل أي عملية اغتيال.

وفي ديالى قتل متظاهران وأصيب اثنان آخران، فيما لم تسجل أي حالة اغتيال.

وبحسب الإحصائية أعلاه، فإن مجموع القتلى يكون 561 قتيلا، فضلا عن إصابة 20 ألفا و597 متظاهرا و4091 من عناصر الأمن، ليكون مجموع الإصابات 24 ألفا و688 إصابة و61 عملية اغتيال.

إقرأ أيضا