بسبب الاستيراد وقلة المبالغ.. قروض العمل لا تحرك ساكن الأسواق

إعلان وزارة العمل والشؤن الاجتماعية، منحها 60 ألف قرض للعاطلين عن العمل، أثار أسئلة حول…

إعلان وزارة العمل والشؤن الاجتماعية، منحها 60 ألف قرض للعاطلين عن العمل، أثار أسئلة حول دور تلك القروض بتحريك عجلة الاقتصاد وخلق فرص عمل، لاسيما وأن نسب البطالة ما زالت مرتفعة، وفيما أكد أحد المستفيدين وجود مراقبة من الوزارة على القروض الممنوحة، أشار خبراء في الاقتصاد إلى أن هذه القروض لا ترتقي لمستوى الطموح بسبب قلة مبالغها، فضلا عن فتح الحدود أمام البضائع المستوردة، ما يعيق إنشاء أي مشروع جديد. 

ويقول سجاد كريم، أحد الحاصلين على قرض العاطلين عن العمل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحصول على القرض يتطلب وجود كفيل مع شرح مفصل عن المشروع المراد افتتاحه”.

ويتابع كريم، أن “لجنة متخصصة تخرج بعد ذلك للكشف عن موقع المشروع وتفاصيله، ومن ثم يحال اسم المتقدم للقرض إلى وزارة العمل، وبعد الموافقة يتم صرف المبلغ وفقا لحجم المشروع، حيث أن أقصى مبلغ هو 7 ملايين و250 ألف دينار”.

ويشير إلى أنه “بعد تسليم القرض يتم إرسال لجان للكشف عن المشروع والتأكد من إنجازه إذا كان يتطلب الكشف كالأسواق أو غيرها، وإذا كان المشروع لا يتطلب الكشف فلن يتم إرسال لجان”، لافتا إلى أنه “في حال اكتشاف وجود مخالفات للمشروع الخاضع للكشف، يتم احتجاز راتب الكفيل واستقطاع مبلغ القرض منه”.

وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، أعلنت يوم أمس، أنه من خلال صندوق الإقراض الذي تأسس بموجب القانون رقم 10 سنة 2012 برأسمال 266 مليارا، تم منح قروض ميسرة للعاطلين عن العمل بدون فائدة بفترة سماح تصل إلى 5 سنوات، وبلغ عددها 60 ألف قرض، وما زالت تمنح من الأموال المستردة من القروض السابقة.

وأعلن وزير التخطيط خالد بتال، في تموز يوليو الماضي، عن مسح جديد أجري في العراق، وتبين فيه أن السكان بعمر 15 سنة فأكثر يشكلون نحو 64 بالمئة من إجمالي السكان، ويشكل الذكور منهم نحو 50 بالمئة والأناث 50 بالمئة تقريبا، وفئة الشباب بعمر 15-24 سنة شكلت 21 بالمئة، وبعمر 25 سنة فأكثر شكلت 43 بالمئة من إجمالي السكان، فيما بلغت نسبة البطالة، وفقا لبتال، 16.5 بالمئة.

يذكر أن مدير عام دائرة العمل والتدريب المهني في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية رائد جبار باهض، أعلن في وقت سابق، أن الوزارة لديها قاعدة بيانات رصينة تضم أكثر من مليون باحث عن العمل من مختلف الفئات ومن خريجي وزارتي التعليم العالي والتربية، تم تسجيلهم خلال المدة الماضية في بغداد والمحافظات ما عدا إقليم كردستان.

وحاولت “العالم الجديد” التواصل مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، لاستيضاح آلية توزيع القروض وكيفية متابعتها، وآثارها على أرض الواقع، لكن لم تنجح بالحصول على رد من المسؤولين فيها.

وفي هذا الصدد، يبين الباحث الاقتصادي ملاذ الأمين خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “سبب عدم ظهور تأثير قروض العاطلين عن العمل على الأسواق هو أن هذه القروض قليلة المبالغ وضئيلة في مقابل إنشاء مشروع من شأنه المساهمة في تحريك عجلة الاقتصاد”.

ويضيف الأمين، أن “سوق العمل في العراق خاملة أصلا، لذا لا يظهر عليها تأثير المشاريع المنجزة بأموال القروض، فضلا عن أن أغلب الحاصلين على هذه القروض لا يستثمرونها في إنشاء مشاريع وإنما ينفقونها لسد نواقصهم”، عازيا خمول السوق العراقية إلى “سيطرة الاستيراد عليها، حيث أن أصحاب رؤوس الأموال يفضلون استيراد البضائع على تصنيعها محليا، لأنها أقل كلفة عندما تأتي مستوردة، وذلك بسبب عدم دعم الحكومة للمنتج المحلي”.

ويواصل أن “الفساد في هذه القروض، إن وجد، فهو أقل من بقية المفاصل، لأن منح هذه القروض يتم بناء على قوائم بأسماء المستفيدين، وبالتي يصعب التلاعب بها أو اختلاسها، إلا إذا تم استخدام أسماء وهمية وبالتنسيق بين الأطراف المعنية”.

ويشهد العراق منذ سنوات طويلة، تظاهرات مستمرة وكبيرة يذهب ضحيتها العشرات من الشباب نتيجة قمع الأجهزة الأمنية، وغالبا ما تنحصر مطالب المتظاهرين بتوفير فرص عمل والقضاء على البطالة وتوفير الخدمات وحياة كريمة للمواطن.

ويواجه قطاع الصناعة في العراق بشكل عام، الذي من المفترض أن يساهم بتشغيل شرائح عديدة من المجتمع، تدهورا كبيرا منذ العام 2003 ولغاية الآن، في ظل توقف أغلب المعامل والتوجه للاستيراد، وقد قدر اتحاد الصناعات العراقية قبل سنوات، نسبة المشاريع المتوقفة بـ40 ألف مشروع، ودائما ما تتضمن البرامج الحكومية المتعاقبة موضوع تنشيط الاقتصاد والصناعة المحلية، لكن من دون تحقيق أي وعد، بل يستمر التبادل التجاري مع دول المنطقة مع إهمال الصناعة المحلية.

وفي السياق ذاته، تذكر الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قروض العمل إيجابية من جهة تحريك الدخول وتقليل البطالة وتحفيز الناس ومنحهم الأمل، لكنها سلبية من ناحية أنها ستساهم في ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، لأن أي ضخ للنقود يسهم في زيادة التضخم بصورة أو بأخرى، ما يؤدي في النهاية إلى خفض قيمة الدينار”.

وتوضح سميسم، أن “حديث الوزارة عن منح قروض لـ60 ألف شخص مشكوك فيه، لأن هذا العدد كبير، ولو كان هناك 60 ألف عراقي تسلموا قروضا وأنجزوا بها مشاريع لظهرت الآثار جلية، بينما لا نرى أي أثر على أرض الواقع”.

وترجح أن “يكون هناك باب من أبواب الفساد في هذه القروض، خصوصا إذا كانت تستلزم وساطات ومعقبين يطلبون نسبة منها، ولذا على ديوان الرقابة المالية متابعة هذا الموضوع والتحقق من عدم تعرض الناس الفقراء للابتزاز مقابل حصولهم على قروض تمكنهم من إنشاء عمل يوفر لهم الرزق الحلال”.

وفضلا عن القطاع الحكومي، فإن مشاريع القطاع الخاص، شهدت توقفا، بل وانهيارا كبيرا نتيجة لعدم توفر البنى التحتية للإنتاج، من تيار كهربائي أو حماية لازمة، خاصة في ظل الأحداث الأمنية التي يعيشها البلد بصورة مستمرة، ما انعكس سلبا على الشارع العراقي الذي تحول إلى مستهلك للبضائع المستوردة.

يشار إلى أن العراق يتصدر بصورة مستمرة، قائمة المستوردين لأغلب السلع التركية والإيرانية، وكان رئيس مصلحة الجمارك الإيرانية علي رضا مقدسي، أعلن مطلع العام الحالي، أن الصادرات السلعية للعراق سجلت 38 مليار دولار في الشهور العشرة الأخيرة، وذلك بنمو 38 بالمئة عن الفترة ذاتها من العام الماضي.

إقرأ أيضا