العين الأممية توشك على الإغماض.. وشرعية النظام على المحك

شكل تلميح ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، إلى عدم قدرة البعثة…

تلميح ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت، إلى اعتذار البعثة الأممية على المساعدة في إجراء أي انتخابات جديدة، شكّل نقطة تحول في العملية السياسية، ففيما احتمل مراقبون أن تكون تمهيدا لعدم الاعتراف الدولي بالانتخابات في حال أجريت من دون مراقبة أممية، أكد الإطار التنسيقي أن إجراءها لن يتوقف على ذلك، وهو ما عارضه التيار الصدري الذي شدد على ضرورة المراقبة الدولية كسبب لإنجاح الانتخابات.

ويقول الخبير القانوني أحمد العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بإن “الأمم المتحدة استشعرت بحصول تدخل وخرق خارج طاقتها فقررت الانسحاب مقدما”.

ويضيف العبادي، أن “اعتذار الأمم المتحدة عن المراقبة قد يعرض الانتخابات العراقية إلى عدم الاعتراف، وطبعا لا يوجد نص قانوني بذلك وإنما يخضع الأمر للآراء السياسية”، موضحا أن “الاعتراف الدولي بالنتائج يخضع أيضا للمراقبة، حيث أن الرأي يؤخذ من بعثة الأمم المتحدة في العراق بالانتخابات التي أجريت، كما أن عدم الرقابة يعرض نتائج الانتخابات للخطورة وعدم الاعتراف بها يكون واردا جدا، وهذا في النهاية يعني أن أي حكومة يتم تشكيلها تكون غير شرعية ولن يتم التعامل معها دوليا”.

وكانت بلاسخارت، قالت في إحاطتها خلال جلسة مجلس الأمن الدولي المخصصة لمناقشة الوضع في العراق، أمس الثلاثاء، إن الخلاف والتفرد بالسلطة ساد في العراق وحملة السلاح زادت حماستهم، وأن أصغر شرارة تكفي لإيصال العراق إلى الكارثة.

كما أشارت إلى أنه “لا أستطيع تأكيد قدرة بعثتنا على المساعدة في انتخابات جديدة، فالانتخابات الجديدة يجب أن تسبقها ضمانات دعم من المجتمع الدولي”، فيما بينت أن “الطبقة السياسية في العراق غير قادرة على حسم الأزمة، ولا شيء يبرر العنف وينبغي الركون للحوار، وندعم الحوار الوطني برعاية رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، ويجب مشاركة جميع الأطراف في الحوار”.

وتأتي هذه الإحاطة في ظل مقاطعة التيار الصدري للحوار مع الأطراف السياسية الأخرى، ولاسيما مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا له الكاظمي وحضرته جميع الأطراف باستثناء التيار.

من جانبه، يوضح عضو ائتلاف النصر حسن البهادلي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأمم المتحدة تشارك في انتخابات العراق بصفة مراقب ولا تتولى الإشراف، فالجهة المشرفة عليها هي مفوضية الانتخابات”.

ويشير البهادلي إلى أن “الأمم المتحدة لا تختلف كثيرا عن بقية المنظمات والمراقبين الدوليين، ولكنها بصفتها مؤسسة دولية تصدر تقارير عن الانتخابات وطريقة إجرائها”، مبينا أن “موضوع الانتخابات المبكرة قائم من حيث المبدأ، ولكنه كما قال الإطار التنسيقي سابقا يحتاج عدم التدويل لأنه مشروع داخلي، كما أنه بحاجة إلى تعديل قانون الانتخابات وتغيير المفوضية”.

ويتابع البهادلي أن “على جميع الكتل السياسية أن تجلس إلى طاولة حوار وتتفق على صيغة موحدة لإقرار قانون الانتخابات المقبل وكذلك المفوضية”، لافتا إلى أن “السلطات العراقية المعنية ستدعو الأمم المتحدة إلى المراقبة شأنها شأن بقية الجهات المراقبة، وإذا اعتذرت الأمم المتحدة عن ذلك فإن الانتخابات ستمضي من دونها على أسس الدستور والقانون”.

وعقب إحاطة بلاسخارت، أصدر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بيانا أعلن فيه “إننا نوافق على الحوار إذا كان علنيا ومن أجل إبعاد كل المشاركين في العمليات السياسية والانتخابية السابقة ومحاسبة الفاسدين تحت غطاء قضاء نزيه، كما نتطلع لمساعدة الأمم المتحدة بهذا الشأن: أعني الإصلاح ولو تدريجيا”.

وكان الصدر، قد طالب بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وهو شرطه الوحيد، وقد حرك أنصاره للتظاهر والاعتصام أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية، بغية تحقيق مطالبه، رافضا تشكيل أي حكومة في الوقت الراهن، وما زال مصرا على عرقلة أي جلسة بهذا الصدد.

وشهدت الانتخابات الماضية، مراقبة دولية كبيرة، إذ بالإضافة لبعثة الأمم المتحدة، أرسل مجلس الأمن الدولي بعثة مراقبة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية، وهذا فضلا عن منظمات المراقبة الأخرى المحلية والدولية، لكن على الرغم من هذا جرى التشكيك بنزاهة الانتخابات من قبل الإطار التنسيقي، الذي أقدم على رفع دعوى أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائجها، لكن الأخيرة ردت الدعوى.

إلى ذلك، يبين قيادي بارز في التيار الصدري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “كلام بلاسخارت أمام مجلس الأمن الدولي عامل ضغط على القوى العراقية من أجل دفعها نحو الحوار وإنهاء حالة الانسداد السياسي من خلال عملية التوافق، وهذا ما يرفضه زعيم التيار مقتدى الصدر، وأبلغ بلاسخارت به بشكل رسمي خلال اجتماعه الأخير معها في الحنانة”.

ويضيف القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “بلاسخارت خلال اجتماعاتها مع كافة القوى السياسية في العراق خلال الفترة الماضية، أكدت أن الأمم المتحدة ستكون داعمة لأي عملية انتخابية جديدة تجري في العراق، بشرط أن يكون هناك اتفاق على دعم نتائجها مهما كانت من قبل الجميع، لعدم تكرار حالة الانسداد السياسي”.

ويبين أن “بعض قيادات التيار الصدري وقوى سياسية عراقية أخرى، سيكون لها تواصل مع بلاسخارت عند عودتها إلى بغداد، لمعرفة إمكانية تطبيق تهديدها بعدم الإشراف الأممي على العملية الانتخابية في العراق، خصوصا أن الكل يدرك عدم إمكانية إجراء أي عملية انتخابية من دون دعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، وهكذا انتخابات قد تدخل العراق في مشاكل كبيرة وكثيرة”.

ومن جملة الاتهامات التي وجهها الإطار التنسيقي بعد إعلان نتائج الانتخابات في تشرين الأول أكتوبر الماضي، والتي أظهرت فوز الكتلة الصدرية بـ72 مقعدا نيابيا، هي أن بلاسخارت أصرت على استخدام جهاز يسمى C1000 وهو بحسب وصفه “أساس التزوير”، فيما طرح الجهاز قبل أسابيع من الانتخابات، وقد أصرت بلاسخارت والمفوضية على استخدامه وسط رفض الشركة الألمانية الفاحصة له، كما جاء في مؤتمر لقادة الإطار.

وقد أثير جدل “المراقبة والإشراف” بعد تحديد موعد الانتخابات المبكرة، وتصاعدت حدة التصريحات حول “الإشراف” الدولي على الانتخابات أو مراقبتها، ما دفع بعض السياسيين إلى رفض الأمر، بعد أن اعتبروه “مسيئا للعراق” لأنه بلد ذو سيادة، لكن “العالم الجديد” كشفت سابقا عن فروق بين هذه المصطلحات، حيث يعني “الإشراف” التدخل المباشر بالإدارة والاعتراض على أي قرار من المفوضية، فيما تقتصر “المراقبة” على متابعة سير العملية الانتخابية من حيث تطابقها مع المعايير الديمقراطية الدولية.

يشار إلى أن الإطار التنسيقي، لم يبد رفضا قاطعا لإجراء انتخابات مبكرة جديدة، لكنه اشترط أن تتشكل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات تشرف عليها، وليس الحكومة الحالية، وهي حكومة تصريف أعمال، وهو ما يرفضه التيار الصدري.

إقرأ أيضا