تحذير من تبعات خطيرة.. هل تتوقف البطاقة التموينية نهاية العام؟

بعد رواتب الموظفين، باتت البطاقة التموينية مهددة بالتوقف في حال عدم تشكيل حكومة خلال العام…

بعد رواتب الموظفين، باتت البطاقة التموينية مهددة بالتوقف في حال عدم تشكيل حكومة خلال العام الحالي، وذلك بسبب عدم توفر سيولة مالية لتوفير مفرداتها بحسب وزارة التجارة، وفيما أكد نائب أن البرلمان قادر على تكرار نسخة أخرى من قانون الأمن الغذائي في العام المقبل لتسيير أمور الدولة، حذر خبير اقتصادي من ارتفاع كبير ستشهده السوق العراقية في حال توقف توزيع مفردات البطاقة، وسيأتي بتبعات خطيرة على الوضع الاقتصادي.

ويقول المتحدث باسم وزارة التجارة العراقية محمد حنون، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قانون الأمن الغذائي كان هدفه توفير الأموال لمواجهة الأزمة الغذائية والمالية خلال العام الحالي، ولذا فنحن نوفر الغذاء خلال هذه السنة وفق التخصيصات المنصوص عليها في القانون”.

ويبين حنون، أنه “في السنة الجديدة 2023 نحتاج إلى توفير أموال من أجل دعم مواد البطاقة التموينية والتي هي 7 مواد توزع ضمن مشروع السلة الغذائية، فقانون الأمن الغذائي وفر لنا الأموال لشراء هذه المواد خلال السنة الحالية فقط، ولهذا نحن نحتاج إلى موازنة مالية خلال السنة الجديدة لاستمرار دعم مشروع السلة الغذائية”.

ويشير إلى أن “قرار قطع الحصة التموينية عمن لا يستحقونها بسبب ارتفاع رواتبهم ما زال ساري المفعول، وأي موظف راتبه يتجاوز مليون ونصف مليون دينار تحجب الحصة التموينية عنه، وهذا يشمل الأطباء والصيادلة، إضافة إلى أعضاء غرف التجارة ورجال الأعمال، وهذا قرار صادر عن مجلس الوزراء ولا يمكن إلغاؤه إلا بقرار آخر من نفس الجهة المصدرة”.

وكان معاون المدير العام للشركة العامة لتجارة المواد الغذائية طالب عباس، قال في تصريح صحفي قبل يومين، إن أكثر من 5 ملايين شخص يتسلمون حصة تموينية وهم لا يستحقونها بسبب ارتفاع رواتبهم، فيما أكد أن هناك خزينا غذائيا للطوارئ يكفي لثلاثة أشهر بعد العام المقبل، وأن قانون الأمن الغذائي وفر أموالا للسلة الغذائية فقط، والوزارة اقترضت من مصرف الرافدين من أجل توزيع الحصة التموينية.

يشار إلى أن مجلس النواب مرر قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، في جلسته الـ11 يوم 8 حزيران يونيو 2022، التي حضرها 273 نائبا، بعد تقديمه من قبل اللجنة المالية النيابية، عقب إصدار المحكمة الاتحادية قرارها بإيقاف تمريره بعد وصوله من الحكومة، لأنه ليس من صلاحيات الأخيرة، كونها حكومة تصريف أعمال.

يذكر أنه في مطلع العام الحالي، كشفت “العالم الجديد”، أن العراق يستورد معجون الطماطم من تركيا بما يقرب من 100 مليون دولار سنويا لتجهيز مفردات البطاقة التموينية، وهو ما عزي في حينها من قبل متخصصين إلى “شبهات فساد” و”سوء تخطيط” حكومي، ودعوا إلى استثمار هذه المبالغ الكبيرة بتطوير المصنعين الوحيدين في كربلاء وواسط، وإنشاء معامل أخرى لإنتاج تلك المادة الضرورية في المطبخ العراقي.

من جهته، يوضح عضو اللجنة المالية البرلمانية جمال كوجر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قانون الأمن الغذائي وفر الأموال الكافية من أجل دعم مواد البطاقة التموينية خلال السنة الحالية فقط، وعند انتهاء السنة الحالية تصبح وزارة التجارة بلا أموال لشراء وتجهيز مواد هذه الحصة، وعليه ستكون الحصة مؤمنة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة”.

ويضيف كوجر أنه “في حال تم تشكيل الحكومة الجديدة، قبل انتهاء السنة الحالية، فسيتم إقرار الموازنة، وهذه الموازنة ستكون فيها تخصيصات مالية كافية لتوفير كامل مواد الحصة التموينية، وبخلاف ذلك سيكون هناك توجه من أجل تشريع قانون ثان تحت عنوان (قانون الأمن الغذائي) لاستمرار تجهيز المواطنين بالحصة التموينية”.

ويتابع أن “مجلس النواب يستطيع إعادة تشريع قانون الأمن الغذائي من جديد إذا بقي الوضع السياسي كما هو حاليا من دون تشكيل حكومة وتشريع موازنة، فلا يمكن قطع الحصة التموينية عن المواطنين، كما أن هناك وزارات تحتاج إلى تخصيصات مالية لتمشية أمور الدولة، ولذا فإن تشريع القانون من جديد أمر وارد جدا”.

يشار إلى أن مسألة توقف رواتب الموظفين وكافة الصرفيات الأخرى مع نهاية العام الحالي، برزت مؤخرا في ظل استمرار الأزمة السياسية وعدم تشكيل حكومة جديدة، وقد قال رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، في أكثر من مناسبة أن العام المقبل لا يمكن فيه الإنفاق وفق قاعدة 1 على 12 حتى لرواتب الموظفين، بسبب عدم وجود منفذ قانوني لها، وهو ما أقره قانون الإدارة المالية.

يذكر أن المادة 13 أولا من قانون الإدارة المالية رقم 6 لسنة 2019 تنص على أنه “في حال تأخر إقرار الموازنة العامة الاتحادية حتى 31 كانون الأول ديسمبر من السنة السابقة لسنة إعداد الموازنة يصدر وزير المالية إعماما بالصرف بنسبة 1 على 12 فما دون من إجمالي المصروفات الفعلية للنفقات الجارية للسنة المالية السابقة بعد استبعاد المصروفات غير المتكررة على أساس شهري ولحين المصادقة على الموازنة العامة الاتحادية”.

وذكر المستشار المالي والاقتصادي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، في تصريح لـ”العالم الجديد” الشهر الماضي، أن رواتب موظفي الدولة والمتقاعدين مؤمنة بالكامل خلال العام المقبل، وتأخير إقرار الموازنة لعام 2023 لن يؤثر على صرف الرواتب.

وفي هذا الصدد، يفيد الخبير الاقتصادي ناصر الكناني، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “قطع الحصة التموينية عن المواطنين، بسبب عدم الوفرة المالية، سوف يخلق مشاكل اقتصادية كبيرة وخطيرة في السوق المحلية، وسيؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية”.

ويبين الكناني، أن “قطع الحصة التموينية عن المواطنين مع الارتفاع الكبير في أسعار المواد في السوق، سوف يؤدي إلى ارتفاع كبير في نسبة الفقر في عموم العراق، ولهذا فإن الحكومة مطالبة بتوفير الأموال الكافية لدعم استمرار الحصة التموينية، فإيقافها حتى لو لفترة قصيرة ستكون له تبعات خطيرة على الوضع الاقتصادي للمواطنين”.

ويشدد على أن “هناك شبهات فساد كبيرة في الحصة التموينية، وإنهاء هذه الشبهات سوف يوفر أموالا لخزينة الدولة، كما سوف يزيد من عدد مواد هذه الحصة ويحسن من نوعيتها، وهذا الملف يجب أن يبقى بعيدا عن الجهات السياسية، التي تحاول جعل هذا الملف مشروعا ماليا خاصا بها”.

جدير بالذكر، أن نسبة كبيرة من العائلات العراقية تعتمد على مفردات البطاقة التموينية، وخاصة تلك التي تقع تحت خط الفقر، لما توفره من مفردات أساسية من مواد الرز والطحين وزيت الطعام.

وشهدت السوق العراقية ارتفاعا كبيرا بأسعار المواد الغذائية منذ عامين، المرة الأولى بعد تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، وهو ما تسبب برفع الأسعار نظرا لأنها جميعها مستوردة، وحتى المحلية منها فإن موادها الأولية مستوردة، والموجة الثانية للارتفاع جرت بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، التي تسببت برفع الأسعار بشكل عالمي، خاصة بعد توجه العديد من الدول لمنع تصدير المواد الغذائية.

إقرأ أيضا