معالجة التجاوزات السكنية.. مشروع قانون أم خطة لإثارة القلاقل؟

واجه مشروع قانون معالجة التجاوزات السكنية، بعد أن قرئ في البرلمان، جملة اعتراضات من أطراف…

واجه مشروع قانون معالجة التجاوزات السكنية، بعد أن قرئ في البرلمان، جملة اعتراضات من أطراف سياسية عدة، ما عده مصدر برلماني نجاحا لخطة رئيس الحكومة المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي، والتي تتضمن زج هذا المشروع في أجندات مجلس النواب بغية إحراجها وإثارة القلاقل تحت قبتها، وفيما شدد خبير قانوني على عدم جواز تأجير أو تمليك أراض غير مخصصة للسكن ضمن التخطيط الأساسي للمدينة، نصح خبير اقتصادي ببناء مدن جديدة وإسكان المواطنين فيها بدلا من اللجوء إلى حلول غير منطقية.

ويقول مصدر برلماني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “مشروع القانون أرسلته الحكومة إلى البرلمان وليس البرلمان هو من اقترحه، كما أن اللجان البرلمانية لم تجتمع لمناقشته حتى الآن”.

ويضيف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “بعض الجهات السياسية سارعت إلى الاعتراض على مشروع القانون وانتقاده بهدف الطعن بعمل البرلمان وإظهاره على أنه يعمل بالضد من مصلحة المواطنين وخصوصا الفقراء، في حين، انتقدته جهات أخرى بغرض تسقيط الكاظمي، كون مشروع القانون جاء من الحكومة”، لافتا إلى أن “الكاظمي من جهته، حاول إحراج البرلمان من خلال إثارة قضية تأجير العشوائيات”.

وكان مجلس النواب، قرأ في جلسته السبت الماضي، القراءة الأولى لمشروع قانون معالجة التجاوزات السكنية، وبحسب محضر الجلسة، فإن القانون يهدف لمعالجة التجاوزات السكنية على أراض مملوكة للدولة أو البلديات ضمن حدود التصاميم الأساسية قبل تاريخ نفاذ هذا القانون، وتصحيح الوضع القانوني للمتجاوزين بتأجيرهم الأراضي التي تجاوزوا عليها بإنشاء دور سكنية ولغرض منع التجاوزات على العقارات العائدة للدولة والبلديات ضمن حدود التصاميم الأساسية للمدن وإزالة التجاوزات التي حصلت عليها وتأسيس صندوق لتمويل مشاريع تطوير تجمعات العمل العشوائي المشمولة بالتطوير.

وقد أثار مشروع القانون هذا، ردود فعل معارضة له، من قبل بعض القوى السياسية داخل البرلمان وخارجه، حيث تركزت الانتقادات حول عدم حل مسألة استيلاء الأحزاب على عقارات الدولة من دون بدل نقدي، وتوجه الحكومة لاستحصال إيجار من هؤلاء الناس، بالإضافة إلى عدم حل مشكلة السكن بشكل جذري.

من جهته، يوضح الخبير القانوني عدنان الشريفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “لا يوجد شيء اسمه قانون العشوائيات، وما يحاول البرلمان القيام به الآن هو تنظيم مشروع قانون بشأن المساكن العشوائية”.

ويشير الشريفي، إلى أن “هناك أناسا متجاوزون على أراض تبلغ قيمتها مليارات الدنانير، فضلا عن متجاوزين على أراض مخصصة ضمن التصميم الأساسي لأن تكون مستشفيات أو مدارس أو مناطق خدمات، وهذا الموضوع يحتاج دراسة معمقة، أما الحل الحالي فهو عبثي وغير علمي، إذ لا يجوز تمليك ما هو مخصص لبناء مدرسة أو مستشفى”.

يشار إلى أنه بعد العام 2003، توجه العديد من المواطنين إلى استغلال أراضي الدولة لبناء منازل عليها باتت تعرف محليا باسم “الحواسم”، ما أدى إلى تكوين مناطق عشوائية، وبدأت تتطور هذه الظاهرة حتى شهدت بناء منازل فخمة، كما شهدت عمليات بيع وشراء بأسعار مرتفعة، لكنها أقل بكثير من أسعار العقارات الرسمية.

وغالبا ما يطرح هذا الموضوع للنقاش في أغلب الحكومات المتعاقبة من دون التوصل لحل جذري، وخاصة مسألة المنازل وليس المحال التجارية، فهي بقيت من دون حلول نظرا لوجود عوائل وأطفال، ما يعيق إزالتها بالقوة مع عدم عمل الدولة على توفير بدائل سريعة.

وشهد العام الماضي، إطلاق الحكومة حملة لإزالة التجاوزات على أراضي الدولة، ومن أبرز ما رافق الحملة حادثة قتل مدير بدلية محافظة كربلاء عبير الخفاجي من قبل أحد المتجاوزين عند الشروع بإزالة تجاوزه.

بدوره، يفيد الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “موضوع العشوائيات سياسي بالدرجة الأساس، فكلما يقترب موعد الانتخابات يتكرر هذا الموضوع منذ عام 2010 ولحد الآن”، موضحا أن “الحل ليس بتمليك هذه البؤر أو تأجيرها، لأنها مناطق غير منظمة وتمليكها غير منطقي، وإنما الحل ببناء مدن جديدة وتوزيع مساكنها بين الشرائح المحتاجة”.

ويبين المشهداني، أن “مدننا لا تتحمل وجود العشوائيات وأعبائها على الخدمات البلدية، فنحن نتحدث هنا عن نحو 4 آلاف منطقة عشوائية في عموم العراق، وفي بغداد والبصرة وحدهما توجد نحو 2000 منطقة عشوائية، وهذا عدد كبير جدا”.

ويتابع أن “تأجير الأراضي العامة لأشخاص هو مقدمة للتمليك، وتمليك هذه المناطق للمتجاوزين عليها غير صحيح، لأنها غالبا تكون مساحات غير مخصصة للسكن ضمن مخطط المدينة، كما أن تمليكها سيمثل تجاوزا على أولوية شرائح كثيرة أخرى لم تحصل حتى الآن على أراض سكنية مثل ذوي الشهداء وذوي الاحتياجات الخاصة وعدد كبير من الموظفين، فضلا عن أننا نشاهد دائما صورا لمنازل عشوائية تقف أمامها سيارات حديثة باهظة الثمن، ما يعني أن ليس كل ساكني العشوائيات من المحتاجين والفقراء”.

وكانت مديرية تخطيط محافظة المثنى، كشفت سابقا، عن وجود 21 ألف مسكن عشوائي في المحافظة، ما يشكل 15 بالمئة من سكانها، وذلك وفقا لمؤشرات صدرت عن الجهاز المركزي للإحصاء بعد مسوحات ميدانية استمرت لعدة أشهر.

يذكر أنه في مطلع تموز يوليو 2021، أعلنت الحكومة عن عزمها توزيع أكثر من نصف مليون قطعة أرض سكنية على المواطنين، ومنحهم قروضا للحد من أزمة السكن، فيما أكد الكاظمي اكتمال إفراز تقسيم أراضي 17 مدينة سكنية جديدة في جميع المحافظات، عدا إقليم كردستان، خلال الأشهر الماضية، وأصبحت 8 مدن منها مكتملة فنيا، وجاهزة للتوزيع بواقع أكثر من 338 ألف قطعة.

وبحسب بيانات لوزارة الإعمار والإسكان، يحتاج العراق إلى 3 ملايين وحدة سكنية لمعالجة أزمة السكن.

إقرأ أيضا