سداد ديون إيران يدفعها لرفع صادرات الغاز.. لماذا يعجز العراق عن استثمار المحلي؟

ما يزال العراق يسعى خلف الغاز الإيراني لتأمين حاجته من الطاقة وتقليل ساعات الانقطاع، وهو…

ما يزال العراق يسعى خلف الغاز الإيراني لتأمين حاجته من الطاقة وتقليل ساعات الانقطاع، وهو ما دفع وزارة الكهرباء للتفاوض مجددا مع إيران بغرض زيادة كميات الغاز المستوردة إلى أكثر من الضعف، الأمر الذي وافقت عليه إيران بعد سداد كامل ديونها، في ظل تأكيد خبير بالطاقة على أن الغاز العراقي المنتج لغاية الآن لا يسد أي حاجة من إنتاج الكهرباء، عازيا سبب عدم استثمار الغاز المصاحب إلى الفساد وانعدام الإرادة.

ويقول المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد العبادي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العراق يستورد حاليا من إيران 20 مليون متر مكعب من الغاز يوميا من أجل تشغيل محطات الكهرباء، وهذه الكمية غير كافية، ولهذا تكون هناك ساعات قطع للتيار الكهربائي في أغلب المدن العراقية”.

ويبين العبادي، أنه “خلال الأيام القليلة المقبلة، سوف يذهب وفد عراقي رفيع المستوى من جهات حكومية متعددة إلى إيران من أجل التفاوض على زيادة كمية الغاز المستورد، حتى يعبر العراق أزمته في توفير الطاقة للمواطنين خلال الفترة المقبلة، سواء في الشتاء أو حتى في الصيف المقبل”.

ويتابع العبادي أن “دفع العراق كامل ديونه لإيران، سوف يكون عاملا مساعدا في تلبية طلبه بزيادة كمية الغاز الإيراني المستورد، وهذا الأمر سيتم حسمه في المفاوضات المرتقبة بين الطرفين خلال الأيام القليلة المقبلة”.

وبشأن الربط الخليجي، يشير العبادي إلى أن “العمل ما زال قائما لإكمال هذا المشروع وتم الوصول إلى نسب متقدمة، لكن إكماله يتطلب مزيدا من الوقت”.

وكانت وزارة الكهرباء، أعلنت قبل يومين عن وجود صيانة لأنابيب الغاز داخل الأراضي الإيرانية، ما تسبب بفقدان 2500 ميغاواط من الكهرباء.

يشار إلى أن الوزارة أعلنت أيضا عن وجود مفاوضات مع الجانب الإيراني لرفع معدلات الغاز والالتزام بالعقد المبرم، خاصة بعد سداد كافة المستحقات المالية.

وبالتزامن مع هذه البيانات، شهدت محافظة البصرة انطفاء تاما بالكهرباء بسبب الصيانة، كما صرح أحد المسؤولين فيها، ومن ثم عادت الكهرباء بشكل تدريجي للمحافظة.

ومنذ العام 2003 ولغاية اليوم، لم تشهد الطاقة الكهربائية في العراق أي تحسن ملحوظ، وفي كل صيف تتجدد التظاهرات في مدن الوسط والجنوب، احتجاجا على تردي تجهيز الطاقة.

كما أن ملف الكهرباء أثار الجدل خلال إقرار الموازنة الاتحادية لعام 2021، حيث تضمنت تخصيصات “كبيرة” لصيانة المحطات، وبحسب أحد النواب، فقد تم رصد “هدر كبير” بأموال الصيانة منذ عام 2005 ولغاية العام الماضي.

وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، قد شارك في قمة جدة بالسعودية، في 16 تموز يوليو الحالي، وعقد اجتماعات ثنائية مع أغلب قادة دول القمة، وعقب اجتماعه مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، أعلن الأخير في مؤتمر صحفي عن الاتفاق على ربط شبكة كهرباء العراق بشبكة مجلس التعاون الخليجي عبر السعودية والكويت، وبعد المؤتمر وقع العراق والسعودية اتفاقية الربط.

من جانبه، يوضح الخبير في شؤون الطاقة مازن السعد، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق حتى الآن لا يستطيع توفير الغاز لمحطات الطاقة الكهربائية، أما الغاز القادم بعض المصافي فهو لا يسد أي جزء من احتياج وزارة الكهرباء، ولذا نرى الاعتماد الكلي والرئيسي على استيراد الغاز الإيراني”.

ويضيف السعد، أن “العراق يستطيع التخلي عن الغاز الإيراني، إذا توافرت إرادة وطنية حقيقية لإنتاج الغاز محليا من قبل المصافي العراقية، لكن سوء التخطيط والإدارة وحتى الفساد، هي أسباب لعجز العراق عن إتمام هذه الخطوة”.

ويواصل أن “إمكانية العراق النفطية تؤهله لأن يكون هو المصدر للغاز في المنطقة والعالم وليس مستوردا، لكن سوء التخطيط والإدارة جعل العراق متأخرا في هذه الخطوة التي يمكن أن توفر له أموالا طائلة تدعم موازناته السنوية”.

وتعاني أغلب المحطات الكهربائية في العراق من التقادم، حيث لجأ العراق إلى استيراد الطاقة الكهربائية من إيران، وحصل بصورة دورية على استثناء من العقوبات الأميركية المفروضة عليها لاستمرار الاستيراد.

وخلال الأشهر الماضية، أبرمت الحكومة الحالية برئاسة الكاظمي العديد من الاتفاقيات، منها مع مصر والأردن وفرنسا، بالإضافة إلى الربط الكهربائي الخليجي ومشاريع الطاقة الشمسية، حيث أبرمت اتفاقيات مع شركات ودول عدة، لكن أغلب هذه الاتفاقيات شهدت انتقادات وإشادات من القوى السياسية الفاعلة، وذلك نظرا للتوجهات السياسية لكل منها.

والأسبوع الماضي، وضع الكاظمي ورئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة حجر أساس لمشروع الربط الكهربائي، الذي من المفترض أن يزود العراق بـ100 غيغاواط.

وكانت شركة نفط ميسان أعلنت سابقا، أن الحقول النفطية تضم كميات كبيرة من الغاز المصاحب للنفط الخام المنتج، وأن شركة بتروتشاينا قامت بتنفيذ العديد من المشاريع التطويرية لمعالجة الغاز وتحليته وتهيئته للاستخدام في مجال الطاقة وبالأخص تجهيز محطات توليد الطاقة الكهربائية.

يذكر أن العراق يتجه لتطوير قطاع الطاقة، متخذا خطوات في هذا الصدد، منها إعلان شركة غاز البصرة، خلال حزيران يونيو الماضي، عن تصدير شحنتها الأولى من الغاز شبه المبرد عبر مرفأ أم قصر، ووصفت الأمر بأنه “لحظة تاريخية وإنجاز عظيم لها وللعراق”، مؤكدة أن هذه الخطوة تمنح فرصة مضاعفة صادرات العراق عالميا إلى ثلاث مرات عبر الناقلات، كما أنها ستضاعف الكمية المصدرة في الشحنة الواحدة.

ويعد العراق ثاني دولة بعد روسيا في حرق الغاز المصاحب، وذلك وفق تصنيف عالمي، وقد قدرت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.

إقرأ أيضا