مركب الحكومة انطلق.. ماذا بعد أن كسر الصدر صمته؟

بعد أن كسر التيار الصدري صمته إزاء تكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة المقبلة من…

بعد أن كسر التيار الصدري صمته إزاء تكليف محمد شياع السوداني بتشكيل الحكومة المقبلة من خلال منع أتباعه من المشاركة فيها، كشف قيادي في التيار عن سعيه في الأيام المقبلة لمنع تشكيلها، فيما أبدى الإطار التنسيقي والديمقراطي الكردستاني تفاؤلهما بمحاولات السوداني فتح قنوات تواصل مع الصدر لضمان استقرار الحكومة.

ويقول قيادي بارز في التيار الصدري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “السوداني يحاول حاليا فتح أي حوار وتواصل مباشر مع الصدر من أجل إقناعه بالمشاركة في حكومته وإعطائه حقائب وزارية مهمة، لكن الصدر يرفض ذلك جملة وتفصيلا”.

وينفي القيادي، الذي طلب عدم ذكر اسمه “كل الأنباء والمعلومات التي تتحدث عن وجود تواصل بين الصدر وبعض قوى الإطار، حيث وافق بموجبه على تشكيل الحكومة مقابل إعطائه بعض المناصب المهمة فيها، وأنه لا يوجد أي تواصل على الرغم من سعي قادة الإطار لذلك، وهو رفض الكثير من العروض خلال الأشهر الماضية وما زال رافضا لها”.

وكان صالح محمد العراقي، الشخصية الافتراضية الناطقة باسم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد نشر تغريدة أعلن فيها الرفض “القاطع والواضح والصريح لإشتراك أي من التابعين لنا ممن هم في الحكومات السابقة أو الحالية أو ممن هم خارجها أو ممّن انشقوا عنّا سابقاً أو لاحقاً سواء من داخل العراق وخارجه أو أي من المحسوبين علينا بصورة مباشرة أو غير مباشرة بل مطلقاً وبأي عذر أو حجة كانت في هذه التشكيلة الحكومية التي يترأسها المرشح الحالي أو غيره من الوجوه القديمة أو التابعة للفاسدين وسلطتهم ممن لا همّ لهم غير كسر شوكة الوطن وإضعافه أمام الأمم.. كل من يشترك في وزاراتها معهم ظلماً وعدواناً وعصياناً لأي سبب كان فهو لا يمثلنا على الاطلاق بل نبرأ منه الى يوم الدين ويعتبر مطروداً فوراً عنّا (آل الصدر)”.

ويشير القيادي الصدري، إلى أن “الفريق المقرب من الصدر لديه لا يتواصل إطلاقا مع الإطار التنسيقي، ويتواصل مع بعض الأطراف السياسية، وتحديدا الديمقراطي الكردستاني وتحالف السيادة، بهدف معرفة كافة التحركات السياسية”، لافتا إلى أن “الصدر لا يعترض على انتخاب رئيس للجمهورية، لكنه لا يريد مضي الإطار في تشكيل أي حكومة، وفي قادم الأيام ستكون هناك خطوات لمنع هذه الحكومة بالطرق السياسية أو الشعبية، والصدر حاليا في موقف المتابعة والمراقبة فقط”.

وكان مجلس النواب، انتخب يوم أمس الأول الخميس، عبد اللطيف رشيد رئيسا للجمهورية، بعد جولتين من التصويت، حيث لم يحصل في الجولة الأولى أي من المرشحين على عدد ثلثي الأصوات، وتنافس رشيد في الجولة الثانية مع برهم صالح، ومن ثم فاز بواقع 162 صوتا مقبل 99 صوتا لصالح.

وعقدت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بحضور 269 نائبا، وهو أكثر من النصاب القانوني المطلوب لعقدها والبالغ 220 نائبا، ويمثل ثلثي عدد مجلس النواب.  

وبعد انتخاب رشيد رئيسا للعراق، سلم بدوره كتاب التكليف بتشكيل الحكومة لمرشح الكتلة الأكبر (الإطار التنسيقي)، محمد شياع السوداني. 

يشار إلى أن ترشيح السوداني لتشكيل الحكومة، فجر موجة احتجاجات كبيرة واعتصامات، نفذها التيار الصدري، لمنع عقد جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف السوداني، تمثلت باقتحام مجلس النواب والاعتصام فيه لأكثر من شهر، وخلالها طرح الصدر مطالبه وهي حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

ورفع التيار الصدري من سقف تحركاته سابقا، وحاول اقتحام مجلس القضاء الأعلى، بغية الضغط عليه لحل البرلمان، وذلك بعد أن اقتحم أنصاره القصر الحكومي، قبل أن يأمرهم الصدر بالانسحاب من المنطقة الخضراء وإخلاء مبنى البرلمان.

في 29 آب أغسطس الماضي، وهو اليوم الذي أمر فيه الصدر أنصاره بالخروج من الخضراء، عادوا مساء وحاولوا اقتحام المنطقة بقوة السلاح، ودخلوا باشتباكات مع القوات الأمنية واستمرت ليلة كاملة، كانت من أسوأ الليالي في العاصمة بغداد، وتسببت بسقوط ضحايا من التيار الصدري والقوات الأمنية، حتى انتهت في اليوم التالي بعد أن طالب الصدر أتباعه بإيقاف الإشتباكات.

وفي هذا الصدد، يقول القيادي في الإطار التنسيقي محمود الحياني خلال حديث لـ”العالم الجديد” أمس الجمعة، بأن “الصدر ما زال رافضا للحوار مع القوى السياسية، على الرغم من محاولات الكثير من الأطراف فتح باب الحوار والتفاوض معه”.

ويواصل الحياني، أن “السوداني سيعمل على إيجاد قنوات حوار وتواصل مع التيار الصدري، من أجل دفع التيار للمشاركة في الحكومة لما يملكه من ثقل سياسي وشعبي، وهذا الأمر ترغب به كافة القوى السياسية العراقية، لضمان استقرار الحكومة الجديدة والوضع السياسي بصورة عامة”.

ويلفت إلى أن “حراك تشكيل الحكومة الجديدة انطلق من قبل السوداني، وهو يجري حاليا اجتماعات مع مختلف القوى السياسية بهدف الإسراع بإكمال مهمته قبل انتهاء المدة الدستورية البالغة 30 يوما”.

يشار إلى أن الصدر رفض مرارا، عقب سحب نواب كتلته من البرلمان، الدخول بأي حوار أو القبول بأي مبادرة، وكان آخرها مؤتمر الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي.

لكن الصدر، وعقب إحاطة ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة جينين بلاسخارت، خلال جلسة مجلس الأمن الدولي في مطلع الشهر الحالي، والتي قالت فيها إن “الطبقة السياسية في العراق غير قادرة على حسم الأزمة، ولا شيء يبرر العنف وينبغي الركون للحوار، وندعم الحوار الوطني برعاية رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، ويجب مشاركة جميع الأطراف في الحوار”، أعلن الصدر عن عن موافقته على الحوار، وحسب بيانه “إذا كان علنيا ومن أجل إبعاد كل المشاركين في العمليات السياسية والانتخابية السابقة ومحاسبة الفاسدين تحت غطاء قضاء نزيه، كما نتطلع لمساعدة الأمم المتحدة بهذا الشأن: أعني الإصلاح ولو تدريجيا”. 

في السياق ذاته، يوضح القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مهدي عبد الكريم، خلال حديث لـ”العالم الجديد” أمس، أن “الصدر ما زال يرفض الحوار والمشاركة في الحكومة الجديدة، وأي حديث عن إعطائه مناصب مقابل سكوته على تشكيل الحكومة غير حقيقي وبعيد عن الواقع، كونه رفض كل العروض التي قدمت له”.

ويبين عبد الكريم، أن “سكوت الصدر وعدم اعتراضه على انتخاب رئيس الجمهورية الجديد كان أمرا متوقعا لأن هذه القضية تخص القوى الكردية، وخلافه كان مع الإطار التنسيقي الشيعي، ولهذا ربما ستكون له مواقف في قادم الأيام من حراك تشكيل الحكومة، خصوصا أن الجميع يترقب حاليا ما سيصدر عن الصدر، أو ربما قد يبقى منعزلا عن السياسة لفترة أطول”.

ويضيف أن “استقرار العملية السياسية في العراق، وكذلك استقرار حكومة السوداني، يعتمد على مشاركة التيار الصدري في المشهد السياسي والحكومي المقبل، فللتيار قواعد شعبية كبيرة، وإذا تحولت هذه القواعد إلى معارضة سوف تكون معرقلا حقيقيا لكامل العملية السياسية، ولذا فالكل ما زال يعمل على إقناع التيار الصدري بالمشاركة في الحكومة الجديدة”.  

يذكر أن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس تحالف السيادة خميس الخنجر والقيادي في الإطار التنسيقي فالح الفياض والمرشح لرئاسة الحكومة محمد شياع السوداني، زاروا في 10 تشرين الأول أكتوبر الحالي، أربيل والتقوا رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، أي قبل 4 أيام من جلسة انتخاب رئيس الجمهورية.

إقرأ أيضا