الاعتقالات ازدادت.. كيف تعاملت الحكومة الحالية مع ناشطي الاحتجاجات؟

في الذكرى الثالثة للموجة الثانية من تظاهرات تشرين، شن ناشطون هجوما على الحكومة الحالية برئاسة…

في الذكرى الثالثة للموجة الثانية من تظاهرات تشرين، شن ناشطون هجوما على الحكومة الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، بسبب ارتفاع معدل الاعتقالات والاغتيالات بعد وصولها للسلطة، وفيما أكدوا أنها لم تسهم بتهدئة الأزمة التي كانت قائمة، وصفوها بـ”العدو الأول” للناشطين والمتظاهرين، في ظل اتجاهها لسرعة تنفيذ أوامر القبض التي تصدر بدوافع كيدية ضدهم، في مقابل بطء الإجراءات ذاتها بقضايا أخرى. 

ويقول الناشط المدني ليث الحيالي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “القائد العام للقوات المسلحة أيا كان، سواء الكاظمي أو عبد المهدي أو العبادي أو المالكي، يتحمل المسؤولية الكاملة في حفظ الأمن والاستقرار بجميع مناطق العراق، ونحن لا نتهم القائد العام الحالي بالتواطؤ مع القتلة ولا نقول إنه يعرفهم، ولكن على أقل تقدير فإنه المسؤول الأول عن دماء العراقيين التي سالت في عمليات الاغتيال، كما أنه يتحمل مسؤولية عمليات التغييب التي طالت الكثير من الناشطين في عهد الحكومة الأخيرة”.

وبشأن ما يقال بأن الكاظمي محسوب على انتفاضة تشرين، يؤكد الحيالي بأن “ذلك أمر مفروغ من عدم صحته، حيث أن الكاظمي جاء من خلال عملية محاصصاتية حزبية، فالأحزاب السياسية الحالية هي التي جاءت به ولم يكن لمحتجي تشرين أي دور في ذلك، فهؤلاء شبان بسطاء خرجوا للمطالبة بحقوقهم وهم لا يملكون صلاحية تنصيب رئيس وزراء”، لافتا إلى أن “بعض الأشخاص الذين يدعون أنهم جزء من الحراك الاحتجاجي ثم انخرطوا في تشكيلات الحكومة، يمثلون أنفسهم فقط ولا يمثلون الحراك”.

ويردف “أنا شخصيا وكثير من الناشطين لا نتهم حكومة الكاظمي بتنفيذ عمليات اغتيال أو تغييب، لكن الأجهزة الأمنية الحكومية هي المسؤولة عن الاعتقالات بحق الناشطين، فهذه الأجهزة عندما تصدر مذكرة إلقاء قبض بحق شخصيات حزبية أو عناصر تابعة لأذرع مسلحة، تتباطأ في تنفيذها أو لا تنفذها بالأساس، ولكن عندما تصدر مذكرة بحق ناشط استنادا إلى دعوى كيدية تقدم على تنفيذها بشكل سريع جدا”، مشيرا إلى “أننا نشاهد بين مدة وأخرى استعراضات مسلحة لجهات غير حكومية، وهذه الاستعراضات غير قانونية لأنها تمثل تلويحا باستخدام أسلحة خارج نطاق الدولة، ولكن على الرغم من ذلك لا تصدر مذكرات اعتقال مع أن الفاعلين معروفون”.

ويبين الناشط البارز “في البصرة مثلا، خاضت بعض الجماعات المسلحة اشتباكات روعت الأهالي وأخلت بالأمن، ولكن لم يحاسبها أحد، بينما قبل عشرة أيام شاهدنا اقتحام منزل الناشط المدني نقيب اللعيبي بطريقة بشعة جدا وتم اعتقاله واحتجازه في مركز شرطة بناء على دعوى قضائية كيدية، على الرغم من أنه حكم بالبراءة عن الدعوى ذاتها عام 2018″، مضيفا أن “الناشط اللعيبي من المتظاهرين السلميين والمحتجين القدامى في البصرة ومعروف بسلميته، لكنه في عام 2018 اتهم بحرق مقر إذاعة تابعة لجهة سياسية، ولا نعرف ما هي الآلية أو الكيفية القانونية التي تم من خلالها إصدار أمر قبض في قضية برأه منها القضاء قبل أربع سنوات”.

ومنذ نحو أسبوعين، اعتقل المتظاهر نقيب اللعيبي، بعد تحريك دعوى قديمة ضده تعود إلى تظاهرات البصرة عام 2018، ليطلق سراحه بكفالة أمس الأول الأحد، مع اقتراب تظاهرات 25 تشرين الأول. 

يشار إلى أن تظاهرات تشرين الأول أكتوبر في 2019، جوبهت مبكرا بقمع مفرط، حيث استخدمت القوات الأمنية كافة الأسلحة التي كانت كافية لقتل العشرات، فتبعه هدوء نسبي استمر لنحو ثلاثة أسابيع حتى الـ25 من تشرين الأول أكتوبر، وهو اليوم الذي انطلقت فيه شرارة الانتفاضة مرة أخرى، وفيه عمد المتظاهرون إلى تحويلها لاعتصام مفتوح حتى تحقيق المطالب، وهذا ما جرى في 10 محافظات عراقية بما فيها العاصمة، حيث تحولت الساحات الرئيسة فيها إلى أماكن اعتصام ونصبت فيها الخيام، قبل أن تزال بأوامر حكومية منتصف العام الماضي.   

يذكر أن حملة اعتقالات واغتيالات كبيرة نفذت ضد الناشطين، بعد الربع الأول من عام 2020، وبالتزامن مع انخفاض حدة التظاهرات، وكان رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ينتقل من مجلس عزاء لآخر، ويؤكد أن دماء المتظاهرين لن تذهب هدرا، كما التقى عائلات المعتقلين والمختطفين ووعد بإطلاق سراحهم، لكن من دون جدوى. 

من جهته، يفيد الناشط الاحتجاجي واثق لفتة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “موضوع الاعتقالات بعيد عن سيطرة مجلس الوزراء، وهو مبني على أساس الدعاوى الكيدية، والقضاء ينظر في جميع الشكاوى بغض النظر عن أطرافها، فهذه الدعاوى فن من الفنون السياسية التي تمارسها بعض الأحزاب لشيطنة الناشطين المميزين داخل محافظاتهم”.

ويشير لفتة، إلى أن “حكومة الكاظمي احتسبت على أنها جزء من نتائج تشرين، إلا أنها لم يكن لها أي دور بالحفاظ على الناشطين وحمايتهم، حيث تم اغتيال أبرزهم خلال فترتها، لذا فهي حكومة امتصاص أزمة ليس إلا، وقد تم تشكيلها بتوافق حزبي لتهدئة الشارع إلى حين إجراء انتخابات”، عادا إياها “من أسوأ الحكومات في تاريخ العراق، حيث اشتهر فيها الاغتيال والاعتقالات للناشطين بشكل كبير”.

وشكلت هذه “الانتفاضة” نقطة فارقة في تاريخ العملية السياسية بعد عام 2003، وأصبحت أيقونة عراقية جمعت كل أطياف المجتمع ووحدت مطالبهم، خاصة بعد القمع الذي رافقها، وأدى الى مقتل أكثر من 600 متظاهر وإصابة 26 ألفا آخرين، وأدت إلى استقالة حكومة عادل عبد المهدي، بناء على دعوة المرجعية الدينية العليا في النجف، التي ساندت مطالب المتظاهرين، ما أدى إلى تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة فيما بعد. 

وقد خفت بريق “الانتفاضة” نسبيا بعد تفشي وباء كورونا في العراق في شهر آذار مارس 2020، إلا أن خيام الاعتصام بقيت شاخصة في الساحات من دون المساس بها من قبل القوات الأمنية لفترة وجيزة، ومن ثم جرت حملات لإزالتها بالكامل في عهد حكومة الكاظمي، ودخلت بعض المدن مثل الناصرية بصراعات مع بعض الجهات المسلحة التي حاولت إزالة خيام الاعتصام، ومن ثم تم التوصل لقرار يقضي بإزالتها بشكل نهائي.

إلى ذلك، ينفي الناشط المدني بشير الحجيمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أي “حديث عن كون حكومة الكاظمي منبثقة من حراك تشرين، إذ لا صحة لذلك إطلاقا، بدليل أن الحكومة لا تزال مستمرة بعمليات القمع ضد الناشطين والتشرينيين بالذات، لأن تشرين تعارضهم وتقاطعهم جميعا، وبالتالي لا توجد غرابة من هذه الاعتقالات”.

ويضيف الحجيمي أن “الغرض من الاعتقالات والاغتيالات توجيه رسالة إلى المعارضين بأن أحزاب السلطة هي الأقوى وأنها باقية، ولكنهم لا يعلمون أن أفعالهم القمعية هذه ستقصر من أعمارهم الزمني”، لافتا إلى أن “حكومة الكاظمي كانت من ألد أعداء تشرين، والدليل أنها غطت على قتل 800 متظاهر وإصابة آلاف آخرين”.

ووفقا لإحصائية خاصة نشرتها “العالم الجديد”، في الذكرى الأولى لتظاهرات تشرين، فإن عدد المعتقلين من 1 اكتوبر 2019 ولغاية 1 أكتوبر 2020، بلغ حسب المحافظات كالتالي: بغداد: اعتقال 903 متظاهرين و12 عملية اغتيال، ذي قار اعتقل فيها 471 متظاهرا وشهدت 18 عملية اغتيال، البصرة اعتقل 384 متظاهرا وشهدت 11 عملية اغتيال، النجف اعتقل فيها 135 متظاهرا، ميسان اعتقل فيها 21 متظاهرا وسجلت 12 عملية اغتيال، الديوانية سجلت اعتقال 143 متظاهرا وشهدت عملية اغتيال واحدة، أما بابل، فقد اعتقل فيها 166 وشهدت عملية اغتيال واحدة.

وفي كربلاء اعتقل 434 متظاهرا فيما شهدت 6 عمليات اغتيال، وواسط سجلت اعتقال 151 متظاهرا وعملية اغتيال واحدة، والمثنى سجلت اعتقال 19 متظاهرا، وديالى لم تسجل أي حالة اعتقال أو اغتيال.

إقرأ أيضا