دعوى قضائية ضد المحاصصة.. هل تنهي زمن “تقاسم الكعكة”؟

في خطوة احتجاجية جديدة، رفع ناشطون قانونيون دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية ضد تشكيل حكومة…

في خطوة احتجاجية جديدة، رفع ناشطون قانونيون دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية ضد تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، بدعوى خضوعها لـ”المحاصصة” غير الدستورية، أشر خبير قانوني وجود خلل فيها، لكنه بين أن “الاتحادية” في حال حكمت لصالح الدعوى فسيكون حل الحكومة أمرا حتميا، بينما وصف محلل سياسي هذه الخطوة بأنها “الأفضل” في ظل عدم استماع السياسيين لصوت المتظاهرين.

وفي هذا الصدد، يقول الناشط البارز في حراك تشرين، واثق لفتة، وأحد أعضاء الفريق صاحب الدعوى، بأنه “تمت إقامتها ضد المحاصصة، استنادا إلى قرار سابق من المحكمة الاتحادية يقضي بعدم تشكيل الحكومات وفقا لنظام المحاصصة، وقد ارتأت اللجنة المركزية للاحتجاجات إقامة هذه الدعوى ضد كتل سياسية وشخصيات حكومية بعينها لأنها شرعت بتشكيل حكومة خارج إطار الدستور”.

ويوضح لفتة، أن “الدعوى قبلت وننتظر النظر فيها، كما أن لدينا فريقا قانونيا سيتابع هذه الدعوى التي تمثل نوعا جديدا من أنواع الاحتجاج”، لافتا إلى أنها “استندت إلى تصريحات نواب وكتل سياسية تتحدث عن عدد النقاط في توزيع الوزارات، وهذا التوجه مخالف للقانون الذي ينص على تشكيل الحكومة وفقا للنظم الديمقراطية وليس على أساس طائفي ومحاصصاتي”.

وكانت “العالم الجديد” انفردت يوم أمس الثلاثاء، بالكشف عن التوجه لرفع هذه الدعوى أمام المحكمة الاتحادية، وذلك قبل رفعها بساعات، في الملف الخاص بتظاهرات 25 تشرين.

وقد استندت الدعوى إلى قرار رقم 89 اتحادية 2019 نص جزء منه وفقا لما ورد في الدعوى، على أن “السير في خلاف ما نص الدستور عليه قد خلق ما يدعى بالمحاصصة السياسية في توزيع المناصب التي ورد ذكرها، وما نجم عن ذلك من سلبيات أثرت على مسارات الدولة وفي غير الصالح العام…”.

يذكر أن 3 محامين، من المنتمين لتظاهرات تشرين، رفعوا دعوى يوم أمس، أمام المحكمة الاتحادية، ضد رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان والمكلف بتشكيل الحكومة محمد شياع السوداني، بتهمة تشكيل حكومة محاصصة، مستشهدين ببيانات صدرت عن الإطار التنسيقي والسوداني.

وتزامنت هذه الدعوى مع تظاهرات إحياء الذكرى الثالثة للموجة الثانية من تظاهرات تشرين، التي انطلقت في ساحة التحرير ببغداد وسط إجراءا أمنية مكثفة.

من جهته، يرى الخبير القانوني هاشم العقابي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “المحكمة الاتحادية تستقبل أي دعوى تخص موضوع الدستور، وهذه الدعوى أقيمت استنادا إلى مخالفات دستورية، ولكن يبقى القرار النهائي للمحكمة نفسها”.

ويبين العقابي أن “هناك قرارا قانونيا ينص على عدم تشكيل حكومة محاصصة، ولكنه ينص على أن الحكومة تتشكل وبعدها يتم تقديم دعوى ضدها، أي بعد التشكيل وليس قبله”.

ويوضح “إذا جاء حكم المحكمة لصالح الدعوى بعد تشكيل حكومة السوداني، فسيؤدي حتما إلى حلها وتشكيل حكومة جديدة، لأن قرارات المحكمة ملزمة للجميع”.

وكان كتاب رسمي نشر، بعد منتصف ليل الثلاثاء، أظهر طلب السوداني من رئيس البرلمان تحديد غد الخميس، موعدا للجلسة البرلمانية للتوصيت على الكابينة الوزارية والبرنامج الحكومي.

يشار إلى أن الإطار التنسيقي، أصدر في 20 تشرين الأول أكتوبر الحالي، بيانا أعلن فيه تفويض المكلف باختيار الوزارات التي تتعلق بوزن الإطار الانتخابي بعد تقديم القوى السياسية قوائم بأعدادها ونوابها بتواقيع حية ومرشحين وحسب معايير رئيس الوزراء المكلف على طيف من الوزارات، كما فوض السوداني الاختيار بين المرشحين أو اقتراح مرشحين جدد، وتدوير الوزارات بين المكونات أو داخل المكون، واستثناء وزارات الداخلية والدفاع من المحاصصة وترشيح شخصيات مدنية أو عسكرية.

وقد رد السوداني، على بيان الإطار، بعد 24 ساعة، عبر بيان أكد فيه أن “الاتفاق بين الكتل السياسية المكونة للإطار يتضمن منح الفرصة لكل كتلة لطرح مرشحيها لكل الوزارات، ويُترك أمر اختيار المرشحين لشخص رئيس الوزراء المكلف بناء على الكفاءة والنزاهة والقدرة على إدارة الوزارة، وفقا للأوزان الانتخابية لكل كتلة”.

إلى ذلك، يرى المحلل السياسي راجي نصير، أن “اللجوء إلى القضاء والقانون حالة إيجابية تؤكد ارتفاع مستوى الوعي لدى متظاهري تشرين، وخصوصا بعد أن تخلصوا من العناصر التي تحاول إثارة الصدام مع القوات الأمنية، ما اعتبر دليلا على نشوء نخبة تشرينية واعية مثقفة لديها وجهات نظر محترمة من حقها أن ترفع دعاوى إلى القضاء”.

ويتابع نصير، أن “العودة إلى مربع التوافقية، أو ما تسمى المحاصصة، بعد الدورة التي شهدها العراق في تشرين 2019، تدل على أن هذه الكتل السياسية لا تستمع إلى الآخر، وأنها غير مستعدة للاعتراف بالآخر، ويبدو أنها لم تتعض من تجربة تشرين، وبالتالي فإن هذه الكتل لن تهتم بأي دعوى ترفع ضدها لأنها منشغلة الآن بتقاسم الوزارات وغنائم الدولة”.

ويلفت إلى أن “الطريق الأفضل للتشرينيين الآن اللجوء إلى القضاء، لأنه سينصفهم أمام القوى السياسي التي لا تستمع إليهم ولا إلى المرجعية ولا إلى أي صوت وطني”.

يذكر أن الحقائب الوزارية، تخضع لنظام المحاصصة منذ أول حكومة عراقية بعد 2003، ومن ثم تطور الأمر وبات مرهونا بعدد المقاعد والثقل السياسي الذي تمثله كل كتلة.

وتعد الوزارات السيادية (الخارجية والمالية والدفاع والداخلية والنفط)، من أهم الوزارات التي تدخل الكتل السياسية في صراع لأجلها، وتقسم في النهاية بين المكونات، وجرت العادة أن تكون وزارة الدفاع من حصة المكون السني ووزارة الداخلية من حصة المكون الشيعي، فيما تذهب وزارة الخارجية للمكون الكردي والمالية تخضع للتوافق، وكانت في حكومة مصطفى الكاظمي من حصته وليست من حصة الكتل السياسية.

إقرأ أيضا