قضية إبعاد 300 ضابط من المخابرات.. هل يعيد السوداني النظر بها؟

يثار مجددا ملف الـ300 ضابط في جهاز المخابرات، الذين نقلوا إلى دوائر مدنية بقرار من…

ملف الـ300 ضابط المنقولين من جهاز المخابرات إلى دوائر مدنية أخرى بقرار من رئيس الحكومة السابق، يحضر بقوة على طاولة محمد شياع السوداني بهدف النظر في قضيتهم وإمكانية إعادتهم، والذي يختلف فيه المراقبون حول مصيرهم، فمنهم من ذهب إلى حتمية إعادتهم لو ثبت أن قرار نقلهم كان سياسيا، وليس إداريا أو فنيا، ومنهم من استبعد ذلك بسبب انخراطهم بأعمال أخرى كشفت هويات بعضهم، في ظل مساعي الكتل السياسية للاستحواذ على الدرجات الوظيفية، يأتي ذلك بالتزامن مع محاولة رئيس الجهاز رائد جوحي إلى تقديم خطة لتطوير عمل الجهاز، تقنع السوداني بإبقائه في منصبه.

ويقول الخبير الأمني عدنان الكناني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قرار نقل ضباط المخابرات كان سياسيا من أجل إجراء عملية تغيير ديموغرافي، وقد تم نقلهم تحت ذريعة التصفية الإدارية، بينما كانت هناك رغبات في أن يتحول الجهاز إلى جهات أخرى، حيث أن هذا الجهاز هو من يرسم السياسات الأمنية للبلاد، وبالتالي يمتد نفوذه وعمله حتى إلى خارج العراق وليس بداخله فحسب”.

ويشير الكناني إلى أن “جهاز المخابرات جهة حيوية وفعالة، وواجباته كثيرة وشائكة، لذلك حاولت بعض الجهات أن تؤثر عليه وتبقيه معطلا ومشلولا عن أداء مهامه”.

ويتابع “يفترض أن تكون هناك دائرة تحت مسمى الأمن الوقائي مسؤولة عن الأفراد وتدقيق هوياتهم، وحتى المتقاعدين من الجهاز يجب متابعتهم، فربما يحتفظون بأسرار كثيرة قد تستفيد منها دول أو جهات أخرى”.

يشار الى أنه في آذار مارس 2021، تم الكشف عن إصدار رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، أمرا بنقل 300 ضابط من جهاز المخابرات إلى هيئة المنافذ الحدودية، من دون أي توضيح حول أسباب صدور القرار.

وأثار القرار في حينه لغطا كبيرا، وصدرت الكثير من الاتهامات، منها ارتباط هؤلاء الضباط بالحشد الشعبي، فيما تم نفي الأمر من قبل أولئك الضباط، مؤكدين عدم ارتباطهم بأي حزب أو جماعة، وأن ما يجري بحقهم عنوانه المحسوبية والولاء، وخلال ذلك اللغط، اتهم زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، الإمارات بالوقوف وراء التلاعب بالمؤسسة الأمنية المذكورة، والتحكم بمناصبها.

إلى ذلك، كشف مصدر مقرب من الضباط المنقولين خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تحركا بدأ به الضباط المنقولون من جهاز المخابرات، حيث رفعوا كتاب تظلم إلى رئيس الحكومة الجديدة محمد شياع السوداني، بغية إعادتهم لمواقعهم السابقة”.

ويتابع المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “الضباط يحاولون أن يوضحوا للسوداني حقيقة الأمر وما تعرضوا له، عبر طرق عدة، عسى أن يعيد النظر في قضيتهم، ولاسيما أنهم يؤكدون أن قرار نقلهم كان سياسيا وليس إداريا، وأوضحوا في تصريحات عديدة عدم صلتهم بأي جهة سياسية، فضلا عن كون بعضهم مسؤولين عن ملفات مهمة تخص عمل الجهاز”.

وكانت “العالم الجديد”، قد كشفت في الخامس من أيار مايو 2021، عن رفع 170 ضابطا دعوى قضائية ضد قرار الكاظمي، وكشف ضابط من الذين تم نقلهم لـ”العالم الجديد” سابقا، عن حصولهم على طمأنة من قبل قانونيين ونواب بكسب القضية في ظل وجود ثغرات قانونية رافقت الأمر الإداري “المجحف”، بحسب كلامه آنذاك، لكن بقي مصير الدعوى مجهولا.

من جهته، يفيد المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “أسباب نقل هؤلاء الضباط غير معروفة حتى الآن، ولكن على الرغم من ذلك فإن هكذا خطوة سياسية الدوافع بالتأكيد، خصوصا أن حكومة الكاظمي كانت مكلفة بتفاصيل معينة ويجب ألا تغوص بشكل أعمق في قضايا أخرى تفسر على أنها انتقامية”.

ويطالب البيدر حكومة السوداني، بـ”التعامل بشكل مهني مع هذا الملف، وإذا كان النقل سياسيا فتجب إعادتهم، أما إذا كانت هناك ضرورة مهنية لنقلهم فالأجدر أن يبقوا في أماكنهم”.

ويلفت إلى أن “تقييم الضباط يتوقف على رؤية الجهاز ومعرفة ما هي أسباب النقل، وبحسب اعتقادي لا يمكن اختراقهم خلال هذه الفترة”، مشددا على “إبعاد السياسة عن هكذا مؤسسة لأنها ستفقد قيمتها”.

يذكر أن عضو لجنة الأمن النيابية، والنائب عن ائتلاف دولة القانون، كاطع الركابي، قال لـ”العالم الجديد”، في وقت سابق، “أنا شخصيا وجهت سؤالا مباشرا إلى رئيس الوزراء حول هذا الموضوع وكان تبريره أن بعضهم كان لديه تقصير، فأخبرته أنه في حال وجود تقصير، فيجب أن يحاسبوا عليه، لا أن يتم نقلهم إلى هكذا مكان، فهذا إجراء إداري غير صحيح”.

من جانبه، يبين المحلل الأمني معتز محيي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أمر النقل فُسر في حينها بتفسيرات عدة، منها تفشي الفساد الإداري ومنها أن بعضهم محسوب على أحزاب، وكان الكاظمي على اطلاع جيد بالجهاز ولمن ينتمي أعضاؤه فقام بهذا الإجراء”.

ويواصل محيي أن “إعادة هؤلاء الضباط إلى مواقعهم السابقة صعبة، لأن هناك عوامل كثيرة تحول دون ذلك، حيث أنهم يجب أن يكونوا غير مكشوفين، في حين يعمل بعضهم الآن بوظائف مدنية وارتباطهم مع المواطنين والمراكز الأخرى، وهذا يعرضهم للكشف”.

ويشير إلى أن “جهاز المخابرات يحتاج للتجديد بين مدة وأخرى على غرار ما يجري في أجهزة العالم التي تعيد النظر في عناصرها كل خمس سنوات تحت مسمى دورة استخبارية لجمع المعلومات عن الضباط وحتى المنتسبين”، مبينا أن “الجهاز يجدد عناصره حاليا ومن الصعب إعادة الضباط المنقولين”.

ويلفت إلى أن “ما يصعب من قضية إعادتهم هو أن الكتل السياسية الحالية تريد السيطرة على الجهاز، من خلال تعيين وجوه جديدة تابعة لها”، مشيرا إلى “وجود تدخلات سياسية في الأجهزة الأمنية مثل وزارة الداخلية والمخابرات وغيرها، حيث أنها كلها مخترقة من قبل الأحزاب ولها تأثير كبير في التعيين والنقل وحتى العمليات”.

وكان رئيس هيئة المنافذ الحدودية اللواء عمر عدنان الوائلي، قد أعلن في 16 تشرين الثاني نوفمبر 2020، عن موافقة الكاظمي على تعزيز الموارد البشرية لهيئة المنافذ بنقل الموظفين من جهاز المخابرات إلى ملاك الهيئة.

إلى ذلك، يشير مصدر مطلع في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “مدير الجهاز رائد جوحي يسعى من خلال موظفيه إلى إعداد خطة شاملة لتطوير العمل وتقديمها لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني”.

ويوضح المصدر، أن “الأمر تطلب عدم نزول المنتسبين في إجازات حتى إكمال هذه الخطة التي يسعى جوحي من خلالها إلى إقناع السوداني بنجاعتها وضرورة إبقائه في منصب للإشراف على تنفيذها”.

يشار إلى أن رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، أسند في تموز يوليو الماضي، مهمة إدارة الجهاز الذي كان يرأسه بين 2016 و2020، إلى مستشاره السابق رائد جوحي بشكل رسمي.

إقرأ أيضا