الأسواق المركزية.. حاجة ملحة تعطلها “التجارة”

يتجدد الحديث عن الحاجة للجمعيات الاستهلاكية والأسواق المركزية، ومدى انعكاسها إيجابا على المستهلك العراقي، ففيما…

يتجدد الحديث عن الحاجة للجمعيات الاستهلاكية والأسواق المركزية، ومدى انعكاسها إيجابا على المستهلك العراقي، ففيما شن متخصصون بالاقتصاد هجوما حادا على وزارة التجارة بسبب تفريطها بهاتين المؤسستين، أكدوا أن إعادة إحيائهما سيخلق عشرات الآلاف من فرص العمل كما ستقدم دعما كبيرا للطبقات الفقيرة.

ويقول نائب رئيس غرفة تجارة بغداد حسن الشيخ خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الجمعيات الاستهلاكية الموجودة حاليا شكلية وليست حقيقية، بمعنى أنها جزء من القطاع الخاص وتقدم فرقا بسيطا في الأسعار لأنها غير مدعومة، على عكس الجمعيات الحقيقية الحكومية المدعومة والتي تبيع بسعر التكلفة لأن هدفها ليس ربحيا”.

ويضيف الشيخ أن “هذه الجمعيات الموجودة الآن هدفها ربحي، وكل ما تقدمه هو البيع بالأقساط وبأسعار السوق ذاتها، بينما جمعيات الدولة غير المفعلة حاليا، خاضعة للاستيراد بأسعار التكلفة من دون هدف ربحي، وليس كما يتصور البعض بأنها جمعيات تشبه التي كانت موجودة قبل 2003”.

ويلفت إلى أن “الأسواق المركزية يمكن أن تساهم في دعم الشرائح الفقيرة وحتى القطاع الصحي، فهي ذات حظوة كبيرة في استقرار الأمن الغذائي”.

وكانت وزارة التجارة، أعلنت أمس الأول الأحد، عن مخاطبة مجلس الوزراء من أجل تفعيل البيان التأسيسي لها، الذي ينص على منع افتتاح جمعيات استهلاكية إلا من خلال الأسواق المركزية، وفيما بينت أن الجمعيات الحالية تصل أسعارها إلى 5 أضعاف السعر الحقيقي، أكدت أنه لا يوجد في الوقت الحالي أي منفذ للجمعيات الاستهلاكية الحكومية التابعة للأسواق المركزية، وأن هناك مساعي لعودة الأسواق المركزية، ومن ثم العمل على إعادة الجمعيات الاستهلاكية المرتبطة بها.

وتأسست الأسواق المركزية في العراق عام 1981، وحملت تسمية “الأورزدي باك”، وضمت بضاعة في حينها من مختلف المناشئ العالمية، وتنوعت بين المواد الغذائية والأثاث والساعات والمواد الاستهلاكية الأخرى.

وفي هذا الصدد، يفيد الخبير الاقتصادي ضياء المحسن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأنه “إذا عدنا إلى قبل 2003 كانت هناك جمعيات تعاونية لكل وزارة وهناك جمعيات مختلطة، منها جمعية المنصور، وهي لا تقتصر على المواد الغذائية، بل حتى الإنشائية، وبعد 2003 خرق القانون، فانتشر الهرج في كل مكان”.

ويبين المحسن أن “حديث وزارة التجارة عن ارتفاع الأسعار يمثل عذرا أقبح من الذنب، لأن لديها الشركة العامة للأسواق المركزية وتستطيع السيطرة على السلع والمنتجات وإيجاد الحل بدلا من اتهام هذه الجمعيات، فيجب تفعيل الأسواق المركزية لكي يلجأ إليها المواطن ويشتري بأسعار مدعومة”.

ويشير إلى أن “لدينا عددا كبيرا من الأسواق المركزية في بغداد، ولكن هذه الأسواق منحت التجارة لمستثمرين، وهنا نسأل هل أن الدولة لا تمتلك القدرة أو المال لإنعاش الأسواق المركزية؟ فهي أملاك دولة يجب إحاطتها بالاهتمام وليس التفريط بها”.

وتعرضت مباني الأسواق المركزية إلى التدمير في عام 2003، نتيجة لأسباب عديدة منها السرقة والقصف الذي تعرضت له من قبل قوات التحالف الدولية آنذاك.

وكان المتحدث باسم وزارة التجارة محمد حنون، أعلن في كانون الثاني يناير 2021، أن الوزارة عملت على منح عدد من الأسواق المركزية إلى شركات الاستثمار العالمية بغية استغلالها وإعادة تأهيلها لتعاود مجددا تقديم الخدمات للمواطنين، ومنها أسواق الصالحية والشعب والمستنصرية والعدل في بغداد، فيما بين أن الإحالة تمت إلى شركة “دايكو” العالمية.

وعلى صعيد متصل، يوضح الخبير الاقتصادي جليل اللامي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الجمعيات التعاونية الاستهلاكية هي جمعيات تهدف إلى تحسين حال أعضائها المنتمين إليها من خلال النقابات والدوائر والمؤسسات اجتماعيا واقتصاديا، وتنمية المصالح المشتركة بينهم مع تنظيم وترشيد الاستهلاك ورفع مستوى طاقات العمل التعاوني الاستهلاكي لأعضاء الجمعية، وكذلك توفير البضائع والسلع والمواد المنزلية والحاجات المادية بأسعار وشروط مناسبة، وشراء وبيع وتأجير واستئجار واستيراد ما يحتاجه أعضاء الجمعية، وكذلك المساهمة في المشاريع التعاونية الإنتاجية والتسويقية والزراعية وغيرها، واستثمار موارد ونشاطات الأعضاء المادية والفنية”.

ويواصل اللامي أن “الأسواق المركزية تعد واحدة من الملفات الشائكة والمعقدة، حيث كانت تمثل العصب الأهم للسوق في العراق وكانت التجربة الأولى من نوعها في المنطقة العربية على مستوى المراكز التجارية، وهناك العديد من بنايات الأسواق المركزية في مختلف أنحاء العراق، إلا أن هذه الأسواق تعرضت إلى إهمال لسنوات طويلة، فتحول بعضها إلى ثكنات عسكرية، وبعضها الآخر إلى مخازن أو بنايات مهملة”.

ويضيف أنه “بسب الخلاف على ملكية هذه العقارات بين مختلف الجهات الحكومية وعدم القدرة على استثمارها، أهملت لمدة طويلة، وعلى الرغم من التوقيع خلال السنة الماضية مع شركة داماك الإماراتية لاستثمار خمسة مواقع على أساس هدم تلك المراكز بالكامل وبناء مراكز تجارية أخرى بدلا منها، على الرغم من أن هذه المراكز هي مراكز حديثة ومبنية بأساليب جيدة وتحتاج إلى إعادة تأهيل فقط، إلا أن الشركة تلكأت في إنجاز الاستثمار بسبب ضعف تجاوب أمانة بغداد معها”.

ويتابع الخبير الاقتصادي “أما من ناحية دعمها للاقتصاد العراقي، فإن الأسواق المركزية بإمكانها توفير ما لا يقل عن 45 ألف فرصة عمل وتعزيز إيرادات الدولة من خلال إيجار المحال والساحات والمخازن وغيرها من مواقع العمل، بالإضافة إلى تعزيز قدرة الدولة على إيصال الأسعار المدعومة للمواطنين وإقامة سوق تنافسي بين التجار والمستوردين”.

وشهدت السوق العراقية ارتفاعا كبيرا بأسعار المواد الغذائية منذ عامين، المرة الأولى بعد تغيير سعر صرف الدينار أمام الدولار، وهو ما تسبب برفع الأسعار نظرا لأنها جميعها مستوردة، وحتى المحلية منها فإن موادها الأولية مستوردة، والموجة الثانية للارتفاع جرت بعد الحرب الروسية-الأوكرانية، التي تسببت برفع الأسعار بشكل عالمي، خاصة بعد توجه العديد من الدول لمنع تصدير المواد الغذائية.

إقرأ أيضا