“الفريق الخدمي” على المحك.. هدر وسوء تخطيط أم خطوة للنهوض؟

في ظل غموضها وعدم وضوح أهدافها لدى النواب، تلاقي خطوة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني…

في ظل غموضها وعدم وضوح أهدافها لدى النواب، تلاقي خطوة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بتشكيل فريق مكون من عدة وزارات للنهوض بالواقع الخدمي، ردود أفعال متباينة بين المراقبين، فمنهم من وصف الأمر بأنه “سوء تخطيط وهدر إضافي”، وأن الفريق سيواجه مصير لجنة مكافحة الفساد التي شكلها سلفه مصطفى الكاظمي، بينما رأى آخرون بأن الخطوة إيجابية، وأنها من الصلاحيات الدستورية لرئيس الوزراء وواجباته الأساسية لتقديم الخدمات للمواطنين.

ويقول عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الدولة العراقية لا يوجد فيها أي قانون مالي غير الموازنة، لذا فإن أي قضية بحاجة إلى أموال يجب أن تدرج في الموازنة، والفريق الخدمي الذي شكله السوداني ستكون أولى مهامه تقدير الحاجة إلى المشاريع وغيرها ومن ثم ستدرج في الموازنة”.

يذكر أن مجلس الوزراء، قرر في أول جلسة له الثلاثاء الماضي، تشكيل فريق للجهد الخدمي والهندسي برئاسة شخصية يختارها رئيس مجلس الوزراء وعضوية محافظ المحافظة المعنية، وكيل وزارة الكهرباء لشؤون التوزيع، الوكيل الفني لوزارة الصحة، مدير عام التخطيط في أمانة بغداد، المعاون الفني لمدير عام البلديات/ وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة، موظف قانوني متخصص/ وزارة الإعمار والإسكان والبلديات العامة، موظف مالي في مكتب رئيس مجلس الوزراء، متخصص بشؤون الخدمات في هيئة المستشارين، مدير بلديات المحافظة المعنية، مدير عام الطرق والجسور، استشاري فني في شؤون الإعمار، المدير التنفيذي للمنطقة المحررة، مدير الجهد الهندسي في هيئة الحشد الشعبي، مدير الهندسة العسكرية، ممثل عن دائرة الموازنة في وزارة المالية، مدير عام المديرية العامة للتربية في المحافظات/ وزارة التربية، مدير عام دائرة التنمية الإقليمية والمحلية/ وزارة التخطيط.

وتضمن القرار، أن يتولى هذا الفريق معالجة الواقع الخدمي في المناطق التي تعاني نقص الخدمات في قطاعات (البلديات، والماء والمجاري، والكهرباء، والصحة، والبيئة، والمدارس) وأي قطاعات أخرى، وأخذ الإجراءات اللازمة بإعلام الجهات المتخصصة بشأن التجاوزات التي تعيق عمل الفريق، ومتابعة مشاريع البنى التحتية المتلكئة ذات المساس بحياة المواطنين واقتراح المعالجات، واقتراح مشاريع جديدة لتحسين الخدمات في المناطق المحرومة.

كما تم منح الفريق صلاحيات تشكيل الفرق الفنية لتنفيذ مهامه من موظفي وملاكات وزارات الدولة والجهات غير المرتبطة بوزارة، وإعارة الآليات التخصصية والمعدات والعجلات من وزارات الدولة والجهات غير المرتبطة بوزارة لأغراض مهام الفريق، وتتولى وزارة المالية توفير التمويلات المالية اللازمة لتنفيذ مهام وأعمال الفريق المذكور وتخصيص المبالغ اللازمة لعمل الفريق في السنوات المقبلة، ويخول مدير مكتب رئيس الوزراء صلاحية الصرف لتنفيذ مهام الفريق وسد احتياجاته الضرورية لتسيير الأعمال وشراء المواد الأساسية غير المتوفرة لدى الجهات الحكومية، كما اشترط القرار أن يعرض فريق الجهد الخدمي والهندسي تقاريره وإنجازاته على مجلس الوزراء بشكل دوري.

ويضيف كوجر أن “الحديث بشكل مفصل عن هذا الفريق صعب جدا، لأنه نحن في اللجنة المالية لم يصلنا أي شيء رسمي بشأن هذا الفريق ولم نطلع على تفاصيله بشكل دقيق حتى نعرف طبيعة عمله بالضبط وما سيحتاجه، لذا لا يمكن الحديث عن مسألة تخويل وزارة المالية بالصرف ولأي سبب، فكلها مجهولة لنا”.

إلى ذلك، يبين المحلل الاقتصادي عبد السلام حسن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هذه اللجان والفرق، سواء شُكلت أم لا، فهي لن تغير شيئا، طالما أنها قادمة من الحكومة ذاتها، وهذا ينطبق عليه المثل القائل: أنت الخصم والحكم، وعليه يجب أن تتشكل اللجان من شرائح خارج الوزارات لتتولى المراقبة”.

ويشير حسن إلى أن “هناك هدرا في بعض مؤسسات الدولة يقدر بمليار دينار يوميا، وهذا الهدر هو الذي يحتاج إلى لجان من خارج الحكومة ومن أصحاب الاختصاص لتراقبه وتوقفه”، موضحا أن “تشكيل الفريق الخدمي يدخل في خانة سوء التخطيط”.

ويلفت إلى أن “هذه اللجان والفرق هي من داخل الوزارات نفسها، وكان الأجدر مراقبة الوزارات وجعلها هي من تعمل، أما تشكيل فريق ومنحه تخصيصات مالية إضافية، فهذا هدر للمال”، مشددا على أن “من غير الصحيح إثقال خزينة الدولة بتخصيصات إضافية تذهب إلى لجان وفرق يمكن للوزارات أن تؤدي عملها”.

وتشهد أغلب مدن البلد، ترديا كبيرا بالواقع الخدمي، وعلى كافة القطاعات، سواء الطرق والجسور أو المياه والمجاري أو التخطيط العمراني، وغيرها الكثير، على الرغم من وجود تخصيصات كبيرة للجهات والوزارات الخدمية.

في السياق ذاته، تبين المحللة السياسية نوال الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “فريق الجهد الخدمي والهندسي المشكل من قبل حكومة السوداني يشبه إلى حد كبير لجنة مكافحة الفساد التي شكلها الكاظمي، فهذا الفريق يهدف إلى متابعة المشاريع المتلكئة وإنجاز ما تبقى منها”.

وتعبر الموسوي عن اعتقادها بأن “هذا الفريق، وإن كان يتمتع حاليا بنوع من المقبولية والتحفيز لأجل إنجاز الهدف لمن أنشأه، لكنه لاحقا سيصطدم بأي شكوى تثار ضده قضائيا، ولربما أيضا يواجه عرقلة في عمله من هذه الناحية إن لم تكن هناك صلاحيات كاملة ومعفية من البيروقراطية”.

وتتابع أن “آلية المحاصصة فرضت على المؤسسات مناصب متعددة ومتقاطعة تؤثر سلبا على عملها، فمثلا يوجد في كل وزارة 4 وكلاء، وكل وكيل له صلاحيات تتضارب ربما مع البقية، وكذلك الحال بالنسبة للمديريات العامة، وهذا التضارب سبب رئيس في عرقلة أي منجز للوزارة أو المؤسسة”.

وتعد مسألة المشاريع الوهمية وشبهات الفساد، من أبرز ما يعرقل إتمام البنى التحتية، إذ غالبا ما يعلن عن مشاريع عديدة أو يتم وضع أساسها لكن تهمل سريعا وتصنف كمشاريع متلكئة، وبعضها مضى عليه عشر سنوات ولم ينجز لغاية الآن.

وفي الجانب القانوني من الموضوع، يوضح الخبير القانوني أحمد العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الدستور العراقي اعتبر رئيس الوزراء هو رئيس السلطة التنفيذية، وعليه فإن الوزراء ومؤسسات الدولة جميعها تحت سلطته”.

ويضيف العبادي أن “السوداني لديه صلاحية التعيين وتشكيل اللجان وتقديم الخدمات للشعب، وتشكيل اللجنة أو الفريق مسألة طبيعية وهي ضمن واجباته الأساسية”.

وكانت المحكمة الاتحادية، قد أصدرت قرارا في آذار مارس الماضي، يقضي بإلغاء اللجنة المتخصصة في قضايا الفساد والجرائم المهمة المعروفة باسم “لجنة أبو رغيف”، المشكلة وفقا للأمر الديواني رقم 29 لسنة 2020 المتضمن تشكيل لجنة دائمة للتحقيق في قضايا الفساد والجرائم المهمة، اعتبارا من تاريخ صدور الحكم لمخالفته أحكام المادة (37/ أولا/1) من الدستور، التي تضمن حماية حرية الإنسان وكرامته ولمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليها في المادة 47 من الدستور ولمبدأ استقلال القضاء واختصاصه بتولي التحقيق والمحاكمة المنصوص عليها في المادتين 87 و88 من الدستور ولكون الأمر المذكور يعد بمثابة تعديل لقانون هيئة النزاهة، كونها هيئة دستورية تتخصص في التحقيق في قضايا الفساد المالي والإداري.

إقرأ أيضا