مشاركة العراق في قمة المناخ.. كأنّ شيئا لم يكن!

قلل متخصصون بالبيئة والمياه من جدوى مشاركة العراق في قمة التغير المناخي المنعقدة في مصر،…

قلل متخصصون بالبيئة والمياه من جدوى مشاركة العراق في قمة التغير المناخي المنعقدة في مصر، ووصفوا المشاركة بـ”البروتوكولية”، وفيما انتقدوا مشاركة العراق بالصندوق الأخضر المرتبط بالقمة من دون توجيه هذه الأموال إلى داخل البلد لغرض التخلص من آثار التصحر، أكدوا أن الوفد العراقي يخلو من المتخصصين الذين يمكن أن يقدموا رؤى، بل إنه يضم موظفين وإداريين ومصورين، وسط وعود نيابية بمناقشة هذا الملف بناء على ما ستطرحه الحكومة.

ويقول الخبير البيئي حمزة رمضان في حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هذه القمة تقام سنويا في مثل هذا الوقت، والسنة المقبلة ستقام في الإمارات، وهدفها المعلن هو أن الدول الغنية تساعد الدول الفقيرة على التخلص من آثار التغير المناخي، باعتبار أن الدول الغنية هي المتسببة بالاحتباس الحراري وانبعاث الغازات، لأنها دول صناعية، ولكن في الحقيقة لا توجد نتائج ومساعدات ملموسة لهذه القمة”.

ويلفت رمضان إلى أن “رئيس الجمهورية السابق برهم صالح كان قد وقع على انضمام العراق إلى ما يُعرف بالصندوق الأخضر، الذي يجمع 100 مليار دولار سنويا من الدول المساهمة فيه من أجل مساعدة الدول الفقيرة المتضررة من التغيرات المناخية، وبذلك يدفع العراق سنويا أموالا لهذا الصندوق من دون أن يستفيد شيئا منه أو يستفيد من الأموال في معالجة مشكلاته البيئية والمناخية، وقد كان هذا الصندوق من ضمن توصيات إحدى القمم المناخية السابقة، كما صدرت توصيات عن قمة العام الماضي ولم يتم تنفيذها حتى الآن”.

ويبين أن “حلول التغيرات المناخية موجودة ولا تحتاج مؤتمرات دولية، ولكن الدول العظمى تعمل على تهويل موضوع الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية واتخاذه ذريعة للتدخل في شؤون الدول المنافسة مثل الصين والهند ومنعها من إنشاء المعامل بحجة أن معاملها تساهم مساهمة كبيرة في تلويث البيئة”.

ويشارك العراق في مؤتمر قمة المناخ COP27 المنعقد في شرم الشيخ بمصر، عبر رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، وقد ألقى رشيد كلمته في المؤتمر يوم أمس، وأكد فيها أن “التحدي الأبرز الذي يواجهه العراق هو ملف المياه، ونأمل تعاونا في ملف المياه مع دول الجوار، خاصة وأن أزمة المياه أجبرت السلطات على تقليص المساحات الزراعية”.

كما أشار رشيد إلى أن مشكلة شح المياه تفاقم ظاهرة التصحر في العراق، حتى بات التصحر يهدد 40 بالمئة من مساحته، وأن البلد من أكثر الدول تضررا من الاحتباس الحراري، مشددا على أهمية تبادل الخبرات بين الدول بشأن ملف المناخ، فيما أكد أن العراق سيعمل على توسعة المساحات الخضر.

على الصعيد ذاته، يفيد الباحث في الشؤون المائية جمعة الدراجي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “مقررات قمة التغير المناخي في غلاسكو 2021 لم تقر حتى الآن، وإذا أقرت مقررات قمة غلاسكو والقمم السابقة لها فقد يكون من الوارد إقرار مقررات القمة الحالية في شرم الشيخ”.

ويرجح الدراجي “عدم تحقيق قمة شرم الشيخ تقدما يذكر في ملف التغير المناخي، كما هو الحال بالنسبة للقمم السابقة، فهذه القمم ليست سوى شكليات وبهارج إعلامية، وخصوصا إذا لم يتم تحقيق أهدافها وتنفيذ مخرجاتها”.

ويوضح أن “مشاركة العراق في قمة شرم الشيخ بروتوكولية لا تتضمن بحثا أو مقترحا أو مبادرة، وكل ما هنالك هو أن أعضاء الوفد العراقي سيحصلون على مبالغ مالية عن إيفادهم”، مشيرا إلى أنه “لم يتم الاتصال بالمتخصصين والباحثين في الشأن البيئي والمناخي ليكونوا جزءا من الوفد، وإنما اقتصر على مجموعة من موظفي رئاسة الجمهورية وبعض الإعلاميين والمصورين”.

جدير بالذكر أن مؤتمر المناخ غلاسكو COP26 عقد في تشرين الأول أكتوبر 2021 وجمع 120 من قادة العالم وأكثر من 40,000 مشارك مسجل، بما في ذلك 22,274 مندوبا و14.124 مراقبا و3.886 من ممثلي وسائل الإعلام، ولمدة أسبوعين، للبحث عن حلول لأزمة التغير المناخي التي تضرب العالم.

يشار إلى أنه في مؤتمر غلاسكو العام الماضي، أعلن أن العراق خامس أكبر دولة متضررة من الجفاف العالمي، بحسب ما ذكر خبير مائي في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”.

يذكر أن العراق ومنذ العام الماضي، قلص المساحات المزروعة إلى 50 بالمئة بسبب شح المياه، ما أدى إلى تراجع كبير في الإنتاج الزراعي وتقليص المساحات الخضر، كما يعاني البلد من العواصف الترابية، التي تؤدي إلى مئات الإصابات بالاختناق، وغالبا ما تطول المدن الوسطى والجنوبية.

وتعاني أغلب مدن العراق في الوقت الحالي من فقدان الأراضي الخضر لأسباب عدة، من بينها تحويلها إلى أراض سكنية أو هجرها بسبب الجفاف ونزوح الفلاحين إلى المدن، فضلا عن عدم البدء بإنشاء مساحات خضر جديدة في المناطق الصحراوية التي تحد المدن، وخاصة العاصمة التي كانت محاطة ببساتين نخيل كبيرة، وبالتحديد في منطقة الدورة جنوبا، لكن جرى تجريفها منذ سنوات عدة من دون معرفة الأسباب الحقيقية لذلك.

وفي سياق متصل، يذكر النائب مهدي عبد الكريم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “في الجلسة البرلمانية المقبلة ستتم مناقشة التصحر وتغيرات المناخ بحضور وزير الموارد المائية والمتخصصين، ومناقشة المعالجات والخطط المستقبلية من أجل التخلص من هذا الخطر”.

ويضيف عبد الكريم أن “الحكومة ستنجز رؤيتها في هذا الملف، وبعد ذلك تمر على مجلس النواب لمناقشتها، ومن ثم التصويت على ما يلزم التصويت عليه”.

جدير بالذكر، أن مبادرات إنشاء الحزام الأخضر، بدأت في سبعينيات القرن الماضي، كجزء من حملة قامت بها الدول العربية وبمساعدة منظمة الأغذية والزراعة (فاو) في مرحلتها الأولى، يعمل كمصد للرمال الصحراوية التي تجتاح المدن والأراضي الزراعية، فضلا عن عمله للحد من الرياح الصحراوية نحو المدن، لكن المشروع توقف بسبب الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988، ومن ثم حرب الخليج، والخلاف العراقي الخليجي.

وتتلخص أزمة المياه في العراق، بسبب تقليل تركيا لإطلاقات نهري دجلة والفرات وقطع إيران لمنابع الأنهر الواصلة للعراق، ما أثر بشكل كبير على الخطة الزراعية، فضلا عن تأثيره على الأسماك، حيث ارتفع اللسان الملحي وأدى لنفوق كميات كبيرة في أحواض محافظة البصرة (550 كلم جنوبي البصرة)، مطلع شهر آب أغسطس 2021.

إقرأ أيضا