عودة مجالس المحافظات.. هل تنهي “ديكتاتوريات” المحافظين؟

أجمع نواب ومحللون سياسيون على أهمية إجراء انتخابات مجالس المحافظات، لما تمثله من دور رقابي،…

أجمع نواب ومحللون سياسيون على أهمية إجراء انتخابات مجالس المحافظات، لما تمثله من دور رقابي، بعد أن وصفوا ما جرى عقب إلغائها بـ”الديكتاتوريات” في المحافظات، وفيما عدوا الإلغاء بأنه أثر سلبا على توفير الخدمات للمواطنين، أكد خبير قانوني أن إلغاءها بشكل تام بحاجة إلى تعديل دستوري.

وتقول النائب زينب الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “انتخابات مجالس المحافظات ضرورية في الوقت الراهن بسبب تردي الواقع الخدمي في المحافظات”.

وتضيف الموسوي أن “غياب مجالس المحافظات سنوات عدة عن المشهد السياسي العراقي ولأسباب منها فنية وأخرى سياسية، أدى إلى تردي الخدمات في عموم المحافظات”.

وتتابع أنه “أصبح من الضروري عودة هذه المجالس إلى المشهد السياسي، ولاسيما أنها مثبتة في مواد الدستور العراقي”.

يذكر أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، أكد في البرنامج الحكومي ومن ثم في مؤتمر صحفي عقده مؤخرا، أن انتخابات مجالس المحافظات ستجري في تشرين الأول أكتوبر من عام 2023.

وكان مجلس النواب، قد صوت في 26 تشرين الثاني نوفمبر 2019، على إنهاء عمل مجالس المحافظات غير المنتظمة في إقليم ومجالس الأقضية والنواحي الحالية التابعة لها، ويكلف أعضاء البرلمان بمهمة مراقبة عمل المحافظ ونائبيه في كل محافظة على حدة، وذلك استجابة للتظاهرات التي كانت منطلقة في وقتها، وجوبهت من قبل القوات الأمنية بالعنف، ما أدى الى سقوط نحو 600 قتيل ونحو 25 ألف جريح.

وكانت المحكمة الاتحادية، أصدرت في حزيران يونيو 2021، قرارها القاضي ببطلان تشريع نيابي بإلغاء مجالس المحافظات، بالإضافة إلى عدم قانونية استمرار عمل مجالس المحافظات بعد انتهاء دورتها الانتخابية.

من جهته، يوضح الخبير القانوني علي التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “يتوجب إجراء انتخاب مجالس المحافظات لأن الدستور ينص على ذلك، أما إلغاؤها فيتطلب تعديلا دستوريا”.

ويبين التميمي أنه “وفق المادة 20 من القانون 21 لسنة 2008 الخاص بمجالس المحافظات، فإنه يمكن حل مجلس المحافظة بطلب من ثلث أعضائه أو المحافظ أو بطلب يرفع إلى رئاسة البرلمان من ثلث أعضاء البرلمان، ويكون التصويت على ذلك من البرلمان بالأغلبية المطلقة للعدد الكلي للنواب، لأسباب منها الإخلال بمهام العمل ومخالفة القانون أو فقدان ثلث أعضاء مجلس المحافظة شروط العضوية، وعند انتهاء مدة الـ4 سنوات لمجلس المحافظة يحق للبرلمان حله أو تمديد عمله”.

ويشير إلى أنه “وفق قرار المحكمة الاتحادية 80 لسنة 2017 فإن للبرلمان رقابة وولاية عامة على عمل هذه المجالس وفق المادة 61 من الدستور، لكن مجالس المحافظات باقية بحكم المادة 122 من الدستور ولا يمكن إلغاؤها إلا بتعديل الدستور”.

وجرت آخر انتخابات لمجالس المحافظات في العراق (الانتخابات المحلية) في 30 نيسان أبريل عام 2013، في 12 محافظة من أصل 18، حيث تم استثناء محافظات إقليم كردستان وكركوك المتنازع عليها بين بغداد والإقليم، فضلا عن استثناء نينوى والأنبار، إذ كانتا تشهدان تظاهرات معارضة للنظام السياسي في العراق، وذلك قبل عام من سيطرة تنظيم داعش على ثلاث محافظات عراقية.

يشار إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2013، بلغت نحو 50 بالمئة، وهو ما أرجعه سياسيون وبرلمانيون عراقيون في وقتها، إلى “حالة إحباط عام” من المجالس السابقة بسبب عدم وفائها بوعودها في تقديم الخدمات.

إلى ذلك، يفيد المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “أهمية مجالس المحافظات تأتي في إطار التمثيل الشعبي داخل الإدارات المحلية، وهي مهمة لمكافحة الفساد ومتابعته، ولكن أسيء استخدامها ووقعت ضمن خطط الأحزاب والأفراد والعشائر لتعظيم مواردها على حساب الخدمة العامة”.

ويلفت البيدر إلى أن “الخلل ليس في فكرة مجالس المحافظات وإنما في التطبيق وطريقة التعاطي مع الأحداث والتفاعل مع المشهد، إذ أن كل ذلك ساهم في خلق واقع جديد من الفساد وتشتت الإدارة المركزية”، مبينا أن “إدارة المحافظات بالطريقة الحالية خلق نوعا من الدكتاتوريات المحلية التي لا يمكن مواجهتها”.

ويضيف أن “مجالس المحافظات مؤسسات دستورية لا يمكن تجاوزها، ولذا يجب تعزيز الوعي الشعبي إزاء هذه المجالس وإيضاح فكرة أن أعضاء مجالس المحافظات ممثلون للأهالي، والتعامل معهم يجب أن يكون على هذا الأساس”.

وبحسب الدستور، فإن مدة مجالس المحافظات هي أربع سنوات، كما هو حال مجلس النواب، ومن المفترض أن تجري الانتخابات المحلية في عام 2017، لكنه تم تأجيلها، رغم إجراء الانتخابات التشريعية في العام 2018، ولغاية اليوم ما زال قانون إجراء انتخابات مجالس المحافظات بعيدا عن المباحثات السياسية.

وكان نواب وقياديون شددوا في تقارير سابقة لـ”العالم الجديد”، على ضرورة إجراء تعديل بتشريعات مجالس المحافظات وإعادة تنظيم إدارتها، طارحين فكرة أن يشكل المجلس من كافة الأقضية والنواحي، من دون إرهاق موازنة الدولة بتكاليف إضافية، حيث سيكون التمثيل للجميع، وبالتالي فإن تشكيل مجالس المحافظات من الأقضية لن يتضمن أعضاء جددا.
 

إقرأ أيضا