بعد عبورها أراضيه.. هل يخضع العراق لعقوبات أمريكية بسبب الصهاريج الإيرانية؟

تباينت ردود الأفعال بشأن موقف العراق من تعرض رتل صهاريج تحمل مشتقات نفطية إيرانية، للقصف…

تباينت ردود الأفعال بشأن موقف العراق من تعرض رتل صهاريج تحمل مشتقات نفطية إيرانية، للقصف داخل الأراضي السورية قرب حدوده، بين من لا يرى الأمر خرقا من قبل العراق للعقوبات المفروضة على إيران، وخاصة تصدير النفط، كونه مجرد معبر وغير ملزم بتطبيق قرارات واشنطن الأحادية، وهو ما عارضه آخرون أكدوا إمكانية تعرض العراق للعقوبات بسبب تعاونه مع إيران.

ويقول الخبير القانوني جمال الأسدي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “سماح العراق بمرور المساعدات الإيرانية عبر أراضيه إلى سوريا ولبنان أمر طبيعي، فهو أرض (ترانزيت)، وهذا ما يمنع فرض أي عقوبات عليه من قبل المجتمع الدولي، خصوصا أن العراق غير ملزم بتطبيق القرارات الأمريكية إذا لم تكن صادرة عن مجلس الأمن الدولي، لكن إذا كانت قرارات لمجلس الأمن الدولي والعراق يخالفها فسوف يعرض نفسه إلى المحاسبة الدولية بكل تأكيد”.

ويضيف أن “سماح العراق بمرور المساعدات الإيرانية عبر أراضيه إلى سوريا ولبنان شأن عراقي داخلي ويخص دول الجوار وفق الاتفاقيات في ما بينها، وليس بالضرورة الالتزام بأي قرار أحادي يصدر عن الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا أن دخول العجلات من إيران عبر العراق، ثم إلى سوريا أو لبنان يتم وفق موافقات رسمية أصولية ويكون عليها رسوم دخول”.

ويشير الخبير القانوني إلى أن “سماح العراق بمرور المساعدات الإيرانية عبر أراضيه إلى سوريا ولبنان ليس جديدا، بل هو قرار معمول به منذ سنين طويلة، والولايات المتحدة لم تبلغ بغداد يوما أنها تعترض على جعل الأراضي العراقية (ترانزيت)، كونها تدخل وتخرج بشكل أصولي ورسمي”.

يذكر أن ليلة أمس الأول، تعرض رتل صهاريج بعد تجاوزه الحدود العراقية بمئات الأمتار، داخل الأراضي السورية إلى عملية قصف مجهول بطائرة مسيرة، أدت إلى تدمير صهريجين منه واحتراقهما بالكامل.

ووفقا للمعلومات التي أعلنت في حينها، فإن الصهاريج تحمل مشتقات نفطية وهي إيرانية متجهة إلى لبنان عبر سوريا، وقد دخلت العراق بشكل رسمي عبر منفذ زرباطية الحدودي، وخرجت منه بشكل رسمي وأصولي.

يذكر أن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، أعلن قبل أيام عن رفض الولايات المتحدة، وصول شحنة مادة “الفيول” زيت الوقود إلى لبنان من إيران، محذرا من أنها ستكون تحت طائلة العقوبات الأمريكية.

كما تطرق زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، في كلمة له نهاية الشهر الماضي، إلى أن “الأميركيين لا يسمحون للغاز المصري ‏والكهرباء الأردنية بالوصول إلى لبنان، وسترون غدا ما سيكون ‏موقفهم من هبة الفيول التي عرضت الجمهورية الإسلامية في إيران تقديمها للبنان، وإن غدا لناظره قريب”.

وبحسب وسائل إعلام لبنانية، فأن واشنطن أبلغت لبنان بشكل صريح أنه “ليس في إمكانه قبول الهبة الإيرانية، كون النفط الإيراني يخضع للعقوبات الأميركية، أيا يكن الشكل الذي يجري تبادله به، سواء مجانا أو تجاريا”.

من جهته، يرى المحلل السياسي فلاح المشعل خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “سماح العراق بعبور شاحنات إيرانية عبر أراضيه متوجهة إلى سوريا أو لبنان مع وجود العقوبات الأمريكية على إيران، خصوصا المشتاقات النفطية، ربما يدفع واشنطن إلى فرض عقوبات أو اتخاذ مواقف سياسية أو اقتصادية تجاه العراق”.

ويتابع أنه “وفق المعلومات المتوفرة، لم تكن العجلات التي تم استهدافها على الحدود العراقية-السورية تحمل مشتقات نفطية فقط، بل مواد دعم لوجستي وأسلحة، ولهذا تم استهدافها، وهذا يؤكد أن الجو العراقي ما زال تحت سيطرة القوات الأمريكية، وهي تراقب بدقة كل ما يخرج من العراق عبر كافة منافذه الحدودية”.

ويلفت إلى أن “على الحكومة العراقية التعامل بحذر مع هذا الملف حتى لا يكون العراق تحت العقوبات الأمريكية جراء جعله ممرا لعبور المواد الإيرانية نحو سوريا ولبنان، خصوصا أن هناك مناطق حدودية تحت سيطرة بعض الفصائل وهي تعمل على تهريب ونقل بعض المواد من العراق إلى سوريا ولبنان، وهذا الأمر تعرفه جيدا الحكومة العراقية وكذلك واشنطن، وهو يشكل تهديدا على وضع العراق أمام أمريكا وعموم المجتمع الدولي”.

جدير بالذكر، أن العراق يحصل بشكل دوري على استثناءات من واشنطن، لغرض استمرار استيراده الغاز الإيراني لتشغيل محطات الكهرباء، ويوم أمس، جرى اجتماع جديد بهذا الصدد. 

يذكر أنه في ما يخص تحول العراق إلى معبر بين إيران ولبنان، فقد كان وزير الأشغال العامة والنقل اللبناني علي حمية، بحث في شباط فبراير الماضي في بغداد، حركة الترانزيت عبر الأراضي العراقية ودعم إدراج لبنان في خطوط الترانزيت ولاسيما مع الكويت وإيران، انطلاقا من المنافذ الحدودية العراقية- السورية والحدود العراقية- الأردنية إلى منطقة الخليج، بالإضافة إلى مناقشة دخول الشاحنات اللبنانية التي يكون مقصدها النهائي الأراضي العراقية إلى داخل المدن والمحافظات العراقية بحيث لا تبقى عملية تفريغ الحمولة أو شحن المقطورة في ساحات التبادل عند الحدود العراقية- السورية.

في المقابل، يفيد المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي كاظم الحاج خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “العراق غير ملزم بما تقرره الولايات المتحدة، خصوصا أن السماح بعبور المساعدات من إيران إلى لبنان لا يتم خلاله أي تعامل مالي بالدولار الأمريكي حتى تفرض واشنطن عقوبات على العراق جراء هذا العمل”.

ويردف أن “العراق بلد صاحب سيادة كاملة وهو المعني الوحيد بقضية السماح بعبور أي مساعدات من أي دولة لأي دولة، وهذا الشأن لا يخص الولايات المتحدة، والعراق ملتزم بكافة القرارات الدولية، أما القرارات الأمريكية فهي أحادية الجانب ولا تمثل رأي المجتمع الدولي، والعراق ليس جزءا من الخلاف الأمريكي-الإيراني”.

ويضيف المحلل السياسي أن “عملية قصف الصهاريج عند الحدود العراقية-السورية تأتي ضمن الخطط الأمريكية-الإسرائيلية لفرض الحصار على شعوب المنطقة، وخصوصا الشعوب التي ترفض الاحتلال والتطبيع مع الكيان الصهيوني”.

يذكر أن حادثة استهداف الصهاريج، جرت بعد 24 ساعة من اغتيال مواطن أمريكي وسط العاصمة بغداد، من دون الكشف عن تفاصيل الجريمة لغاية الآن من قبل الجهات العراقية، فيما أكدت السفارة الأمريكية في بيان لها عقب الاغتيال، أنها تتابع التحقيق مع العراق بهذه الجريمة.

إقرأ أيضا