في بداية موسم الأمطار.. تطلعات إلى السيول ترفع وتيرة التفاؤل

أبدى متخصصون في شؤون المياه والزراعة تفاؤلهم ببداية موسم الأمطار في العراق، كون ترطيب الأراضي…

أبدى متخصصون في شؤون المياه والزراعة تفاؤلهم ببداية موسم الأمطار في العراق، كون ترطيب الأراضي الجافة مفيد في كل الأحوال، لكنهم أكدوا أن التشبع الإروائي للأراضي الزراعية والغمر المُرضي للأهوار لا يتحقق إلا عند حدوث سيول وليس بسبب كميات دون المتوسطة من الأمطار، مشيرين إلى أن من السابق لأوانه تحديد ما إذا كان بالإمكان زيادة المساحات المزروعة.

ويقول الباحث في الشؤون المائية جمعة الدراجي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك أراضي ديمية وشبه ديمية، وهذه الأمطار تعد مبكرة نوعا ما بالنسبة لمحصول الحنطة والشعير، فالأراضي المروية الآن بحاجة إلى رية أولى، ولكن وزارة الموارد المائية لحد الآن لم تعلنها (الرية الأولى)، فهذه الأمطار غير قادرة على تحقيقها أو تحقيق ري المزروعات التي تعتمد على المياه السطحية، لكنها بالتأكيد تساهم في استفادة وزارة الموارد المائية لتعزيز الخزين المائي، واستفادة الفلاح نفسه أيضا، إذ أنها تساهم في ترطيب الأرض”.

ويضيف الدراجي “إذا أصبحت هناك كميات كبيرة من المياه، فسوف يستفيد منها المزارع، والفائض من القنوات والأنهار الإروائية يذهب إلى الأهوار، لكن لحد الآن لم نصل إلى درجة انسيابية من المياه، ولم تحدث لدينا سيول أودية أو جريان أنهار، وخاصة جنوب سدة الكوت فهي لحد الآن لم تشهد حدوث سيول، لأن السيول يمكن أن تجد طريقها إلى الأهوار، ولكن لحد الآن الكميات دون المتوسط”.

ويلفت إلى أنه “لو كانت هناك سيول بعد سدة الكوت، فإنها ستجري إلى مجاريها الطبيعية من خلال تفرعات نهر دجلة المتجهة للأهوار، ولن تهدر حينها، بل تذهب إلى أماكنها الأصلية وهي الأهوار”، موضحا أن “نسبة إغمار الأهوار قليلة جدا حاليا ووصلت تقريبا إلى 7 بالمئة، ولذلك فكميات الأمطار المتساقطة أمس، ليست كافية لإغمار الـ93 بالمئة المتبقية من الأهوار”.

وكان وزير الموارد المائية عون ذياب، أعلن يوم أمس السبت، أن الأمطار التي هطلت على مناطق عدة في محافظات الوسط والجنوب كافة وكان أعلاها 67 ملم في موقع سدة الكوت، سيكون لها تأثير إيجابي في تخفيف حدة التنافس على المياه، خصوصا للأراضي الزراعية، كما سيكون لدى الوزارة الفرصة لمعالجة شح المياه في المناطق الجنوبية وتأمين جزء من احتياجات مناطق الأهوار.

يشار إلى أن الأنواء الجوية، أعلنت يوم أمس، أن بغداد وواسط سجلتا أعل معدل لهطول الأمطار، بواقع 30.9 ملم في العاصمة و43.2 ملم في الكوت، فيما كانت النسب بالمحافظات الأخرى ما دون الـ20 ملم.

يذكر أن المتنبئ الجوي صادق عطية، أوضح يوم أمس، أن الحالة الجوية الحالية ستستمر لليومين المقبلين، وستشهد بغداد وواسط أمطارا أيضا، مبينا أن موسم الأمطار يبدأ عادة منتصف شهر تشرين الأول أكتوبر وينتهي تقريبا منتصف أيار مايو.

وفي هذا الصدد، يفيد مدير جمعيات الفلاحين في البصرة عبد الحسن كاظم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “جميع الفلاحين في العراق كانوا ينتظرون هذه الأمطار، حيث أن وفرة الأمطار تساعد على إنبات المزروعات لهذا الموسم الزراعي الشتوي للحنطة والشعير، ولاسيما أن مساحات العراق أغلبها تزرع بالحنطة والشعير، وهي تعتمد بالدرجة الأساس على الأمطار”.

ويبين كاظم أن “الفلاح يستفيد لري الأراضي ابتداء من الشهر الحالي الذي يمثل بداية زراعة الحنطة والشعير، ونترقب موسم أمطار جيد للعراق”، مشيرا إلى أن “زيادة المساحات المزروعة تحددها وزارة الموارد المائية، والتي خفضتها لهذا العام من 10 ملايين دونم إلى مليون ونصف مليون دونم، لكن ازدادت الآن إلى 4 ملايين دونم، بما فيها المساحات الصحراوية التي تروى عن طريق الآبار الجوفية، حيث كان من المتوقع عدم هطول أمطار، ولكن حدث ما هو غير متوقع”.

ويردف أن “هذا الموسم الشتوي نعتمد عليه في زراعة الحنطة والشعير بنسبة 90 بالمئة للحنطة و10 بالمئة للشعير، ويقتصر الموسم الشتوي على زراعة الحنطة والشعير والطماطم التي يعتمد في إروائها على المياه الجوفية”، لافتا إلى أن “الأهوار أعظم الخزانات في جنوب العراق، وبالتالي فإن كمية المياه الفائضة تذهب إليها، وهذه الأمطار لن تذهب هدرا لأنه كما نعلم أن اللسان الملحي يتقدم عندما تكون الإطلاقات المائية قليلة باتجاه محافظة البصرة، ولكن عندما تكون الإطلاقات قوية سيندفع اللسان الملحي، وعندما تهطل الأمطار لن يستخدم الفلاح مياه الأنهار، ما يتيح توجيهها نحو البصرة ودفع اللسان الملحي، وهذه من الفوائد المهمة للمطر”.

وأعلن رئيس لجنة الزراعة والأهوار النيابية ثائر مخيف، أمس السبت، شمول 3 ملايين دونم بالخطة الشتوية، معللا تأخر الخطة الزراعية الشتوية إلى شحة المياه وانتظار تشكيل الحكومة الجديدة.

وتوقعت وزارة الزراعة في تقرير سابق لـ”العالم الجديد”، هبوط الخطة الزراعية الشتوية إلى 25 بالمئة، بناء على المعطيات المائية الحالية، موضحة أن المقصود بنسبة الخطة الزراعية هي النسبة التي تحددها وزارة الموارد المائية للمساحات المقدمة من قبل وزارة الزراعة، أي أن الأخيرة إذا اقترحت -مثلا- زراعة مليون دونم وحددت الموارد المائية نسبة 25 بالمئة للخطة فإنه تتم زراعة 250 ألف دونم فقط.

وكانت خلية الإعلام الحكومي، أعلنت في أيلول سبتمبر الماضي، عن إقرار وزارة الموارد المائية خطتها الإروائية للموسم الشتوي المقبل، وفق الخزين المائي ومعطيات السنة المائية، وتضمنت تأمين الإرواء لـ1.5 مليون دونم من المياه السطحية لصدور الأنهر الرئيسة والمساحات الزراعية مضمونة الإرواء، إضافة إلى تأمين الإرواء لـ2.5 مليون دونم من المياه الجوفية للمناطق الواعدة، وتأمين الإرواء لـ1.100 مليون دونم من البساتين، مؤكدة أن الخطة ستتضمن تأمين الإرواء لـ5.100 مليون دونم.

ومنذ العام الماضي، برزت أزمة الجفاف بشكل جلي في العراق، فبعد أن تم تقليص المساحات الزراعية إلى 50 بالمئة في العام الماضي، تفاقمت الأزمة مؤخرا عبر فقدان أغلب المحافظات مساحاتها الزراعية، وأبرزها ديالى وبابل، حيث أعلن مسؤولون فيها عن انعدام الأراضي الزراعية بشكل شبه كامل، بسبب شح المياه.

على الصعيد ذاته، يوضح رئيس الجمعيات الفلاحية في ديالى رعد التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “أمطار الأمس هي بداية موسم الأمطار ولكنها قليلة بالنسبة للجفاف الحاصل في المحافظات الزراعية، ولا يمكن الحديث عن زيادة المساحات المزروعة من خلال المطرة الأولى، خاصة وأن الأرض عطشانة، وعليه فإنها ستمتص هذه المياه بسرعة”.

ويتابع التميمي أن “خزن كميات من المياه يكون ممكنا عندما تأتي سييول من إيران وتركيا عن طريق ديالى ونينوى، وما عدا ذلك لا توجد فائدة ملموسة”.

يذكر أن إيران قطعت المياه المتدفقة إلى سد دربندخان بالكامل، مطلع أيار مايو الماضي، ما أدى لأزمة كبيرة في حوض نهر ديالى الذي انخفضت مناسيبه بنسبة 75 بالمئة، وذلك بحسب تصريحات مسؤولين في المحافظة.

كما غيرت إيران مجرى نهر الكارون في العام 2018، حين أعلن معاون وزير الزراعة الإيراني آنذاك، علي مراد أكبري، عن قطع حوالي 7 مليارات متر مكعب صوب الحدود العراقية، وتخصيص مبلغ 8 مليارات دولار لوزارات الطاقة والزراعة للتحكم بحركة المياه، وأن هذه الكميات من المياه ستستخدم في 3 مشاريع رئيسية في البلاد، منها مشروع على مساحة 550 ألف هكتار في خوزستان، و220 ألف هكتار في خوزستان أيضا وإيلام، في غرب إيران، الأمر الذي أثر على مياه شط العرب وزاد من ملوحتها، وأضر بالأراضي الزراعية في محافظة البصرة.

جدير بالذكر، أن تركيا تحاول منذ سنوات، استخدام مياه نهري دجلة والفرات، لتوليد الطاقة الكهربائية، فأعلنت عن تشييد عدد من السدود، بدءا من العام 2006، منها سد إليسو الذي دخل حيز التشغيل عام 2018، ما حد من تدفق المياه إلى العراق، وأدى ذلك إلى تفاقم الخوف من النقص الحاد وعدم القدرة على تلبية الاحتياجات اليومية للزراعة والسكان.

إقرأ أيضا