اختبار جديد.. هل يوقف السوداني القصف الإيراني أم يستجيب لداعميه؟

اختبار جديد أمام رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، يتمثل بطبيعة رده على القصف الإيراني للأراضي…

اختبار جديد أمام رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، يتمثل بطبيعة رده على القصف الإيراني للأراضي العراقي، ففيما رأى محللون سياسيون أن هناك ضرورة لفعل عراقي يوقف القصف، تساءلوا عن إمكانية اتخاذه، خاصة وأن داعمي السوداني هم من حلفاء إيران، في ظل محاولات من قبلها لتبرير القصف بوجود جهات معادية لإيران في العراق الذي يتحمل مسؤولية التخلص منها.

ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العلاقات بين العراق وإيران لن تتأثر بالقصف الإيراني على كردستان، وهذا القصف وانتهاك السيادة ليس الأول من إيران، بل أصبح تراكميا من دون رد فعل من الحكومات السابقة يوازي حجم الانتهاك، بل أن الحكومات السابقة تغاضت عنه وتعاطت معه استنادا إلى مراعاة المصلحة الإيرانية أكثر من المصلحة العراقية”.

ويضيف الشمري أن “حكومة السوداني الآن أمام لحظة اختبار جديدة في القصف، خاصة وأن داعميه هم حلفاء لإيران، ولا بد أن يكون هناك فعل يمكن من خلاله إنهاء الانتهاكات”.

ويلفت إلى أن “القضية مركبة، ولاسيما أن الاتهامات الإيرانية بوجود عناصر معادية لها في كردستان تتطلب حلا داخليا قبل الانطلاق نحو التفاهمات مع إيران لوقف هذه الانتهاكات ووضع استراتيجية إزاءها تبدأ ببعض الملفات وتنتهي باللجوء إلى مجلس الأمن الدولي”.

يشار إلى أن ثلاث طائرات مسيرة قصفت صباح يوم أمس الإثنين، مقار حزب “كوملة” الإيراني المعارض في قضاء عربت التابع لمحافظة السليمانية، فيما استهدف مقرا للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني بصاروخين إيرانيين في قضاء كويسنجق فضلا عن ناحية سيدكان في إدارة سوران التابعة لأربيل.

وكان وزير صحة إقليم كردستان سامان برزنجي، أعلن أن القصف الإيراني تسبب بمقتل شخص وإصابة 8 آخرين نُقلو إلى المستشفى.

وقد دانت وزارة الخارجية العراقية القصف، كما دانته رئاسة إقليم كردستان والسفارة الأمريكية وبعثة الأمم المتحدة والجهات الرسمية والسياسية الأخرى، فيما لم يصدر أي بيان أو موقف عن رئيس الحكومة القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني.

من جهته، يفيد المحلل السياسي غالب الدعمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “إيران وتركيا لا تشعران بالحرج أمام أي حكومة عراقية بغض النظر عن نوعها وشكلها وولائها، لذلك هم يقصفون بحسب مصالحهم، لأنهم على علم بأن العراق لا يستطيع أن يفعل شيئا أو يعترض”.

ويتابع الدعمي أن “الحكومتين الإيرانية أو التركية تقولان إن هناك جهات إرهابية في العراق تشكل خطرا عليهما، وإذا كانت هذه الجهات موجودة فيجب على الحكومة العراقية أن تتدخل وفقا للقانون لمعالجتها ومنع جعل العراق منطلقا للاعتداء على أي بلد آخر، وفي الوقت نفسه فإن هذا القصف يحتاج إلى وقفة ورفض”.

ويتوقع المحلل السياسي أن “لن يؤثر القصف على العلاقات مع إيران، حيث أن أجزاء مهمة في الحكومة العراقية تؤيد قصف المعارضة الإيرانية في العراق، وبالنسبة لاستمراره وتحوله لقصف مشابه للتركي فإن ذلك سيكون بحسب الحاجة له، والآن إيران لديها مشاكل داخلية تريد تصديرها عبر هكذا هجمات”.

جدير بالذكر أن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، أعلن أن “إيران لن تتهاون بشأن أمننا الحدودي وسنرد على تهديدات الجماعات الانفصالية في كردستان العراق وسندافع عن أمننا القومي.. لذا فإن القصف الصاروخي الذي طال المناطق الشمالية من العراق يأتي في هذا الإطار.. وأن حكومة إقليم كردستان تعهدت لنا ولأكثر من مرة بضبط حدودها لكنها لم تنجح في ذلك.. وأن الحكومة العراقية تتحمل مسؤولية منع زعزعة أمننا من داخل أراضيها”.

يذكر أن الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني المعارض، أعلن عن مقتل 2 من عناصره جراء القصف الذي استهدف مقاره شمال أربيل.

وتعرض إقليم كردستان نهاية شهر أيلول سبتمبر الماضي، إلى قصف بـ73 صاروخا، بالإضافة إلى طائرات مسيرة، استهدف مقار الأحزاب الإيرانية المعارضة في الإقليم، وقد تسبب القصف بمقتل 13 شخصا وإصابة 58 آخرين، كما سقطت بعض الصواريخ قرب المدارس ما تسبب بحالة من الهلع لدى الأطفال.

إلى ذلك، يوضح المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي عباس العرداوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قضية القصف الإيراني في شمال العراق هي قضية مرحلة من حكومات سابقة، وهناك زيارات رسمية بهذا الشأن تم خلالها إبلاغ الجانب العراقي بوجود أكثر من 67 موقعا إرهابيا أو مقرا تستخدم لإمداد العمليات الإرهابية داخل إيران”.

ويشير العرداوي إلى أن “الجانب الإيراني طلب من العراق أن تكون هناك مدة للتخلص من هذا الموضوع أو الحد منه، إلا أن هذه المدة انقضت ولم تستطع السلطات العراقية التخلص من هذه المقرات، وبالتالي فإن هذا القصف جزء من الدفاع عن الأمن القومي الإيراني كما يصرح الإيرانيون بشكل رسمي”.

ويردف أن “الموضوع أكبر من إحراج الحكومة العراقية، بل هو للحد من العمليات الإرهابية كما هو الحال في الجانب التركي، وعليه يجب أن يكون هناك تفاهم بين الحكومة العراقية والإقليم للحد من العناصر الموجودة في كردستان التي تدفع الآخرين إلى قصف المناطق العراقية والاعتداء عليها”.

وكانت وسائل إعلام إيرانية، ذكرت في شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي، أن الحرس الثوري الإيراني أعلن عن توقف هجماته بعد تدمير الأهداف المحددة، وأن استمرارها سيكون منوطا بالسلوك المستقبلي لسلطات إقليم كردستان العراق، مضيفا “إذا اتخذ الإقليم قرارا معقولا وأوقف شرور الجماعات الانفصالية والمناهضة لإيران، فإن وقف إطلاق النار هذا سيستمر، وإذا لم يحدث ذلك فإن الحرس الثوري سيستأنف عملياته”.

وأكد خبراء بالقانون والأمن لـ”العالم الجديد” في وقت سابق، أن للعراق الحق في مطالبة المجتمع الدولي بإدراج إيران تحت طائلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، فضلا عن حقه في الرد العسكري على قصفها المتواصل لمناطق بإقليم كردستان.

ويتعرض إقليم كردستان لعمليات عسكرية متعددة، منها العمليات التركية التي انطلقت داخل مدن الإقليم، بهدف مطاردة حزب العمال الكردستاني، وشملت هذه العمليات طلعات جوية وتوغلا بريا وإنشاء قواعد عسكرية جديدة، واستهدافا مستمرا للقرى والغابات.

إقرأ أيضا