منع العمالة الأجنبية.. هل ينقذ العامل العراقي؟

على الرغم من تأكيد وزارة العمل وخبراء في الاقتصاد على أن العامل العراقي لا يفعل…

على الرغم من تأكيد وزارة العمل وخبراء في الاقتصاد على وجود فوارق بين العامل العراقي ونظيره الأجنبي، إلا أنهم أجمعوا على الإشادة بخطوة الحد من توافد العمالة الأجنبية ومنع ترويج طلبات الشركات المستقدمة لها، لأن من شأنها إتاحة فرصة عمل للعراقيين، وسط تنامي عدد العاطلين داخل البلاد وبلوغهم أكثر من 4 ملايين عاطل.

ويقول المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية نجم العقابي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “العمالة الأجنبية زاحمت العمالة الوطنية، وعليه فإن الوزير وجه بعدم منح أي موافقات جديدة بالنسبة للمكاتب المستقدمة للعمالة الأجنبية”.

ويبين العقابي أن “العمالة الأجنبية تعمل بنسبة كبيرة في قطاعات الخدمات، والعامل العراقي لا يعمل بمثل هكذا مجالات ولا يتقبلها، ولكننا مع ذلك نريد إعطاء فرصة أكثر للعمالة الوطنية”، مشيرا إلى أن “هناك الآلاف من العمال الأجانب يعملون في العراق”.

ويتابع أن “عدد العراقيين العاطلين أو الباحثين عن العمل أكثر من مليون، من حملة شهادة الدكتوراه ونزولا”، لافتا إلى أنه “بالنسبة للخبرات الأجنبية فهي تستطيع تدريب العمالة الوطنية عبر مراكز مخصصة لهذا الشأن”.

وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، وجه يوم أمس الثلاثاء، دائرة العمل والتدريب المهني بعدم ترويج طلبات جديدة خاصة بالشركات المرخصة بتشغيل العمالة الأجنبية، فيما بين أن الوزارة بصدد وضع آليات دقيقة وفقا للقانون، تضمن تشغيل العاطلين عن العمل من العراقيين قبل منح أي فرصة للعمالة الأجنبية.

ومنذ سنوات عديدة، برزت ظاهرة العمالة الوافدة في العراق، وشملت كافة القطاعات، ولاسيما أن أغلب العمالة كانت من بنغلادش، فيما أصبحت مؤخرا من سوريا ولبنان، في ظل الأزمات الاقتصادية التي طالت البلدين، وتركزت هذه العمالة في المطاعم والفنادق والنوادي الليلية أيضا.

من جهته، يوضح المحلل الاقتصادي جليل اللامي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك ثلاثة ملايين عامل أجنبي في العراق، دخل عدد كبير منهم عبر الشركات الأجنبية النفطية، فيما يتوافد آخرون إلى بغداد أو عبر إقليم كردستان الذي أصبح ممرا للوصول إلى بغداد والمحافظات الأخرى من دون حسيب أو رقيب”، مبينا أن “العمال الأجانب أصبحوا ينافسون العراقيين على وظائفهم، لأنهم يعملون في الغالب في مهن يرفض معظم العراقيين العمل فيها كالتنظيف أو متابعة المرضى أو مدبرات منازل، بالإضافة إلى أنهم يقبلون بأجور أقل بكثير من الحد الأدنى الذي يقبل به كثير من العراقيين”.

ويشير اللامي إلى أن “هذا الأمر شجع أصحاب الورش والمصانع والمحال التجارية وحتى المؤسسات الصحية التي تعود للقطاعين العام والخاص، على التعاقد مع العمال الأجانب، فلا توجد حدود قانونية لأجورهم يخشون الهبوط عنها، بإلاضافة إلى ضمان استمرارهم بالعمل لساعات إضافية من دون إجازة أو عطلة ومن دون تذمر”.

ويردف المحلل الاقتصادي “في المقابل نذكر الحكومة بحقوق الشاب العراقي من خلال القانون رقم 137 لسنة 2016 الذي أقر بضمان العمل للشاب العراقي بموجب المادة الرابعة من الفصل الثاني. للعمل باعتباره حقا لكل مواطن قادر عليه. وتعمل الدولة على توفيره على أساس تكافؤ الفرص دون تمييز”، معتبرا أن “قرار وزارة العمل بشأن عدم ترويج أي طلبات جديدة للشركات المرخصة بتشغيل العمالة الأجنبية، خطوة إيجابية من أجل وضع آلية جديدة لتطبيق القانون رقم 137 لسنة 2016”.

وتتضارب الأرقام الرسمية بشأن عدد العمال الأجانب، ففيما أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في كانون الثاني يناير الماضي، أن عددهم 4 آلاف عامل فقط، كشف وزير العمل السابق باسم عبد الزمان في عام 2019 أن عدد العمال الأجانب بلغ 750 ألفا، لكن بحسب لجنة العمل والشؤون الاجتماعية السابقة في البرلمان فإن هناك نحو 1.5 مليون عامل أجنبي في العراق.

يذكر أن نحو 95 بالمئة من هذه العمالة الأجنبية تدخل البلد بطرق غير شرعية، لتجنب السياقات القانونية في العراق وتجديد الإقامة، بحسب المتحدث باسم وزارة الداخلية خالد المحنا.

وشهدت العديد من المنازل العراقية التي تستعين بالعمالة الآسيوية أو الأفريقية، حوادث سرقات وعمليات قتل، وكان آخرها محاولة عاملة أفريقية ذبح طفل في منطقة المنصور غربي العاصمة بغداد الأسبوع الماضي، وقد نجا الطفل بعد التدخل، وما زالت آثار النحر على رقبته.

إلى ذلك، يفيد المتخصص بالاقتصاد ضياء المحسن خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “الموضوع لا يتعلق بثقة أصحاب الأعمال بالعمل الأجانب أو قلة أجورهم، بل أن وزارة العمل أقدمت على هذا القرار لأن الكثير من المكاتب التي تستورد العمالة تأتي بهم تحت عنوان السياحة، وهذا خطأً ترتكبه هذه المكاتب”.

ويواصل المحسن أن “موضوع العمالة الأجنبية أثر سلبا على العمالة المحلية، لأن عدد العاطلين عن العمل يزيد أو يقترب من 4 ملايين عاطل، وهؤلاء يعدون قنبلة موقوتة بوجه الحكومة العراقية، لذلك نحن ليس بالضد من استيراد العمالة، لكنهم يجب أن يكونوا ضمن الشروط الموضوعة، ومنها أن يكون هناك عقد مع المستقدم أو العامل من أجل استحصال الضرائب”.

ويضيف أن “أغلب الذين يعملون في الخدمات أو رعاية الأطفال جاؤوا بتأشيرة سياحية وليس تأشيرة عمل، وبالتالي فإن هناك عمالا أجانب يتسلمون شهريا 400 دولار وهم غير داخلين ضمن الحصيلة الضريبية، وحتى أموالهم يخرجونها بطرق ملتوية، وعليه يصبح هذا تخريبا متعمدا للاقتصاد العراقي”.

يشار الى أن وزير العمل السابق عادل الركابي، أعلن العام الماضي، عن ترحيل آلاف العمال الأجانب المنتهية إقامتهم، فضلا عن إحالة 400 شركة في القطاع الخاص إلى محكمة العمال خلال 2021، لعدم التزامها بنسبة تشغيل العمالة العراقية، وعدم تطبيقها الدقيق لقانون التقاعد والضمان الاجتماعي.

وقد كشفت الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي، أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، مبينا أن نسبة الفقر في العراق شهدت أيضا ارتفاعا خلال العام الماضي لتصل إلى 31.7، لكنها انخفضت قليلا هذا العام لتصل إلى 30 في المئة.

إقرأ أيضا