الدولة العميقة.. اتهامات للسوداني بتعزيزها ودولة القانون: “شائعات”

يتجدد الحديث عن “الدولة العميقة” في العراق، وخاصة بعد تسنم أربع شخصيات من ائتلاف دولة…

يتجدد الحديث عن “الدولة العميقة” في العراق، وخاصة بعد تسنم أربع شخصيات من ائتلاف دولة القانون مناصب مهمة وحساسة في مكتب رئيس الحكومة، وفيما أكد محللون سياسيون وجود الدولة العميقة واستمرارها منذ سنوات، تمظهرت في النفوذ السياسي وظهور المافيات وشبكات السرقات، نفى ائتلاف دولة القانون أي سيطرة له على مكتب رئيس الحكومة، وعدّه هذه الأخبار “شائعات”، وأنه منح رئيس الوزراء الحرية التامة باختيار المسؤولين.

ويقول المحلل السياسي علي البيدر “العالم الجديد”، إن “ما يحصل من سيطرة لائتلاف دولة القانون على بعض المناصب المهمة في حكومة محمد شياع السوداني أمر طبيعي ونتيجة حتمية، خصوصا أن جناح المالكي تحديدا لن يغيب عن المشهد الحكومي والسياسي طيلة الفترة الماضية بل كان حاضرا وبقوة”.

ويشدد البيدر على “ضرورة وجود توزان بتقاسم المناصب المهمة داخل الدولة العراقية وعدم السيطرة والاستحواذ عليها من قبل طرف سياسي معين، خصوصا أن هناك تهميشا وإقصاء للمكون السني وكذلك الأقليات، وحتى داخل المكون الشيعي هناك جهات هي فقط تهمين وتسيطر على المناصب عكس باقي الكتل والأحزاب الشيعية الأخرى”.

ويضيف أن “هناك مخاطر كبيرة من الدولة العميقة على الدولة الفعلية، فعمل هذه الدولة العميقة استغلال الدولة لمصالح سياسية وحزبية على حساب كل المصالح الوطنية، وهذا الأمر له تداعيات كبيرة وخطيرة على الدولة الفعلية من حيث القرارات الداخلية أو الخارجية”.

يشار إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، كلف بعض الشخصيات بمهام في مكتبه، ووفقا لمصدر مطلع تحدث لـ”العالم الحديد”، فإن “الشخصيات التي كلفها السوداني هي من ائتلاف دولة القانون، باستثناء مسؤول واحد فقط”.

يشار إلى أن السوداني كلف إحسان العوادي مديرا لمكتب رئيس الوزراء وعلي شمران مديرا لقسم المراسم في رئاسة الوزراء وعبد الكريم السوداني سكرتيرا عسكريا وعلي الأميري سكرتيرا لرئيس الوزراء، فضلا عن تسميته ربيع نادر مديرا للمكتب الإعلامي.

من جانبه، يفيد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل “العالم الجديد”، بأن “الدولة العميقة في الأساس هي موجودة ولها ثقلها ونفوذها، وهي تضم أيضا مافيات الجريمة المنظمة ومافيات الجريمة الاقتصادية ومافيات المليشيات المسلحة ومافيات الشبكات المالية من المصارف الوهمية وغيرها، وهذه الدولة العميقة تفرض الكثير من القرارات على مؤسسات الدولة الشرعية”.

ويشير فيصل إلى أن “الدولة العميقة خلال حكومة السوداني سوف يتعمق وجودها وتكون هناك قوى لهذه الدولة، وهناك مخاوف من أن يكون للدولة العميقة تواجد قوي وكبير في الأجهزة الأمنية والاستخباراتية وباقي مؤسسات الدولة المهمة والحساسة”.

ويتابع أن “ائتلاف الدولة القانون وغيره من الكتل والأحزاب سوف تعمل على تقوية الدولة العميقة التابعة لها داخل الدولة العراقية من خلال فرض نفوذها بحكومة السوداني، وهذا الأمر لا يخفى على أحد، وقد تكون له تبعات خطيرة على الكثير من الأصعدة حاليا وحتى خلال المستقبل البعيد، بعد تغلغل هذه الدولة العميقة بكافة مؤسسات الدولة الشرعية”.

يشار إلى أن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، وكان السوداني عضوا فيه قبل استقالته منه عام 2019، فرض سيطرته سابقا على أغلب مفاصل الدولة عندما كان المالكي رئيسا للوزراء لدورتين متتاليتين.

يذكر أن المالكي، خاض في السنوات السابقة، بعد خروجه من رئاسة الوزراء، صراعا سياسيا من أجل الحصول على مناصب الدرجات الخاصة، ولاسيما وزارة الداخلية، التي كان يستأثر بها بسبب صلاحياته الواسعة ونفوذه السابق، الأمر الذي شجع الكتل السياسية الأخرى على تقاسم تركته من تلك الدرجات، خصوصا في الدورة البرلمانية الماضية التي تصدرتها كتل أخرى.

إلى ذلك، يبين القيادي في ائتلاف دولة القانون فاضل موات “العالم الجديد”، أن “الحديث عن سيطرة ائتلاف دولة القانون على المناصب المهمة في حكومة السوداني غير صحيح إطلاقا، والائتلاف منح حرية الاختيار لرئيس الوزراء لأي منصب، وهو لا يتدخل في قضية تسمية أي شخصية لأي منصب في الدولة”.

ويلفت موات إلى أن “هناك من يريد بث الشائعات للتشويش على الرأي العام وإظهار حكومة السوداني على أنها تابعة لائتلاف دولة القانون، وهذا غير صحيح، فالحكومة الحالية هي حكومة كل الكتل والأحزاب السياسية والكل مشارك فيها ولديه ممثلون في مجلس الوزراء”.

ويضيف أن “ائتلاف دولة القانون قدم الكثير من التضحيات في التنازل عن المناصب من أجل الإسراع في الحكومة على الرغم من أن استحقاقه الانتخابي كان أكثر وأكبر من الذي حصل عليه، لكنه يريد الدفع نحو حكومة قوية ولا يفكر بالمناصب أو بناء ما تسمى الدولة العميقة كما يريد البعض أن يروج لذلك لأهداف سياسية”.

جدير بالذكر أن رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، وبعد تسنمه منصبه، قرب منه شخصيات تربطها به صلات سابقا، ومنحهم مناصب رفيعة في الدولة، كما سارع بالتزامن مع الانتخابات إلى منح المقربين منه العديد من المناصب في الدولة لضمان بقائهم فيها بعد تغييره.

يذكر أنه خلال الأشهر القليلة الماضية، أثيرت ملفات فساد كبيرة، أشرت إلى تورط المقربين من الكاظمي فيها، وتسببت بهدر المال العام، ومنها ما بات يعرف بـ”سرقة القرن”.

وتخضع المناصب الرفيعة لنظام المحاصصة منذ أول حكومة عراقية بعد 2003، ومن ثم تطور الأمر وبات مرهونا بعدد المقاعد والثقل السياسي الذي تمثله كل كتلة.

إقرأ أيضا