الخزانة الأمريكية تلاحق مصارف عراقية متورطة بالتهريب.. ما علاقتها بعودة غلام؟

لأكثر من سبب، ستطول حزمة عقوبات أمريكية عددا من المصارف الأهلية في العراق، الأمر الذي…

لأكثر من سبب، ستطول حزمة عقوبات أمريكية عددا من المصارف الأهلية في العراق وفقا لمصدر مطلع، الأمر الذي اختلف متخصصون بشأن مدى تأثيره على الوضع الاقتصادي في البلاد، لكنهم اتفقوا على وجود مشاكل عدة في القطاع المصرفي داخل العراق، بينما أوضح خبير قانوني سبب عدم تحرك الادعاء العام بمجلس القضاء الأعلى، تجاه المصارف التي ترتكب مخالفات.

ويقول المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، خلال حديث لـ”العالم الحديد”، إن “الخزانة الأمريكية تتجه إلى فرض عقوبات على 15 مصرفا أهليا في العراق خلال الساعات المقبلة”.

ويضيف أن “العقوبات تأتي بسبب التلاعب في مزاد العملة وعمليات غسل الأموال”، مبينا أن “جزءا كبيرا من هذه المصارف، فيها نسبة لرجل الأعمال ومالك مصرف الشرق الأوسط علي غلام”.

ويتابع أن “عودة غلام إلى العراق، هي عودة مدروسة وهدفها حماية نفسه من الملاحقة الدولية وسحب ما يستطيع من أمواله قبل فرض العقوبات الأمريكية”، مؤكدا أن “غلام بدأ سلسلة مفاوضات لإطلاق أمواله وترتيب مشاريعه داخل البلد”.

وكانت 4 مصارف أهلية، تعرضت لعقوبات خلال الفترة الماضية، من أبرزها مصرف الشرق الأوسط المملوك لرجل الأعمال علي غلام، الذي وصل إلى العراق يوم أمس الأول الجمعة، واعتقل في مطار بغداد الدولي، بناء على مذكرة إلقاء قبض صادرة بحقه وفق المادة 456، ومن ثم أطلق سراحه بكفالة.

من جهته، يقول الخبير في الشأن الاقتصادي العراقي عبد الرحمن المشهداني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “أي توجه للخزانة الأمريكية بفرض عقوبات على مصارف أهلية عراقية، ربما يتعلق بقضية سرقة القرن، أو أن تكون له علاقة بقضية جهود الحكومة العراقية الجديدة لمكافحة الفساد المالي”.

ويشير المشهداني إلى أن “العقوبات الأمريكية المرتقبة ربما تكون لها علاقة بموضوع نظام التحويل، فكل دولار يخرج من العراق أو أي دولة أخرى، يكون متابعا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وكان هناك تغيير في نظام التحويل المالي، وتمت إضافة مجموعة من التعقيدات والإجراءات المشددة، والتي على المصارف العراقية أن تكون على دراية بها من أجل التعامل مع النظام الجديد، فالجانب الأمريكي يريد معلومات أكثر عن الحوالات التي تجري بين الطرف المرسل والطرف المستلم، وأغلب المصارف العراقية غير مدربة على الطريقة الجديدة في التعامل المصرفي”.

ويبين أن “المصارف التي تنوي الخزانة الأمريكية فرض عقوبات عليها هي أكبر المصارف العراقية التي تتعامل بمزاد العملة لدى البنك المركزي العراقي، وهذا الأمر لا يخلو من العلاقة بقضية سرقة القرن وغيرها من عمليات الفساد المالي وتهريب العملة، خصوصا أن هذه المصارف تابعة لجهات وشخصيات سياسية كثيرة”.

ويتابع أن “أغلب هذه المصارف نشاطها الائتماني هو صفر، وليس لها أي عمل مصرفي حقيقي مع المواطنين، والبنك المركزي العراقي في الآونة الأخيرة وجد لها غطاء جديدا للتعامل مع المواطنين من خلال توطين الرواتب”.

ويلفت المشهداني إلى أن “هناك شخصيات مصرفية عليها الكثير من الشبهات لكن الغطاء السياسي هو من يحمي هذه الشخصيات من أي محاسبة، والجهات السياسية هي من تحمي المصارف التابعة لهذه الشخصيات التي تحوم حولها الكثير من الشبهات”.

ويردف “في حال طبقت الخزانة الأمريكية العقوبات على عدد من المصارف العراقية، فهذا الأمر لن يؤثر كثيرا على الوضع الاقتصادي العراقي، فهذه المصارف سوف تبقى تعمل بالنشاط الداخلي وتترك فقط التعامل بالدولار ولا يبيع لها البنك المركزي الدولار لكن نشاطها سيبقى في التعاملات المحلية العراقية، فالقرار الأمريكي سيخص فقط التعامل بالدولار”.

ويستطرد الخبير الاقتصادي بالقول، إن “من الممكن جدا أن تكون هناك عقوبات أمريكية جديدة على مصارف عراقية أهلية غير الـ15 مصرفا خلال المرحلة المقبلة، إذا لم تلتزم هذه المصارف بما تريده الخزانة من معلومات بشأن التعامل المالي والحوالات التي تخص الدولار”.

يشار إلى أن ممثل الخزانة الأمريكية، اجتمع الخميس الماضي، مع ممثلي 35 مصرفا أهليا عراقيا، لتحذيرهم من قضايا تهريب الدولار من العراق والالتزام بالتعليمات في ما يخص حوالات العملة الصعبة لغرض الاستيراد، متوعدا إياه بصدور عقوبات في حال عدم الالتزام.

جدير بالذكر، أن الاجتماع عقد بغياب البنك المركزي العراقي، واستمر لساعتين، حسب ما تم تسريبه من معلومات.

بدوره، يرجح الباحث في الشأن الاقتصادي، نبيل جبار التميمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “من المرجح أن يكون توجه الخزانة الأمريكية لفرض عقوبات على بعض المصارف العراقية خلال الفترة المقبلة، مرتبطا بالأحداث الجارية في إيران، التي تخص المفاوضات الأمريكية- الإيرانية، فالكثير من هذه المصارف متورطة ومتهمة بتمرير عملة الدولار من العراق إلى إيران، وهذا يعد تجاوزا على العقوبات الأمريكية ضد إيران والشركات الإيرانية”.

وينوه التميمي، إلى أن “فرض العقوبات الأمريكية على بعض المصارف العراقية سوف يزيد من تضييق الحصار الاقتصادي على طهران عبر منع وصول الدولار إلى إيران، فهذه الخطوة هي سياسية لها علاقة بالخلافات والصراعات الأمريكية- الإيرانية التي دائما ما يكون العراق جزءا منها”.

ويشير إلى أن “العقوبات الأمريكية التي تصدر عن الخزانة، تمر بعدة إجراءات، وهي لا تصدر من دون وجود ادلة تدين بشكل حقيقي وواقعي الأشخاص أو الجهات أو المصارف والشركات بوجود تعامل يخالف توجهات الخزانة، فهذه العقوبات لا تصدر وفق الأهواء السياسية فقط، ولا وفق ما تريده الإدارة الأمريكية، فهي قرارات تكون مبنية على معلومات دقيقة ووثائق تؤكد إدانة أي جهة وشخص تفرض عليه أي عقوبة من الخزانة”.

ويعتبر الباحث الاقتصادي، أن “فرض عقوبات من الخزانة الأمريكية على عدد من المصارف العراقية الأهلية سيكون له انعكاس بكل تأكيد على الوضع الاقتصادي العراقي، خصوصا أن هذه العقوبات تنوي استهداف عدد كبير من المصارف يصل عددها إلى نصف عدد جميع المصارف الأهلية في العراق البالغ نحو 35 مصرفا، ولهذا ستكون لها تبعات بما لا يقبل الشك، خصوصا في ما يخص التعاملات التجارية الداخلية”.

يشار إلى أن القطاع المصرفي العراقي، مهمل أيضا من قبل المواطنين الذين فقدوا الثقة به، وبحسب أرقام البنك الدولي الصادرة العام الماضي، فأن 23 بالمئة فقط من الأسر العراقية لديها حساب في مؤسسة مالية، وهي نسبة من بين الأدنى في العالم العربي، ولاسيما أن أصحاب تلك الحسابات هم من موظفي الدولة الذين توزع رواتبهم على المصارف العامة نهاية كل شهر، لكن هذه الرواتب أيضا لا تبقى طويلا في الحسابات، إذ سرعان ما تتشكل طوابير أمام المصارف من الموظفين الذين يسحبون رواتبهم نقدا ويفضلون إبقاءها في بيوتهم.

وتعليقا على عدم تحرك الادعاء العام تجاه المصارف المتهمة بارتكاب مخالفات تضعها تحت طائلة عقوبات خارجية، يوضح الخبير القانوني جمال الأسدي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الادعاء العام له قانون خاص، وهذا القانون يحدد مهام وصلاحيات الادعاء، والادعاء العام يتحرك بطابعه الخاص ويتحرك من خلال وصول معلومة له من جهات قضائية أو جهات تنفيذية أو تشريعية، فهو يعمل وفق القانون الخاص به”.

ويضيف الأسدي أن “الادعاء العام لا يتحرك على جميع القضايا، فمن الناحية العملية هو لا يستطيع ذلك، بحسب أعداد الادعاء العام وعلى عدد القضايا التي تذكر وتثار، وتحرك الادعاء العام على كافة ما يذكر ربما يسبب له مشاكل، خصوصا أن الادعاء العام لا يملك السلطة التحقيقية، بل هو يملك سلطة مراجعة القضايا وإحالتها إلى قاضي التحقيق إذا كانت هناك جنبة تحقيقية، فهو صلاحياته محدودة وفق قانونه الخاص”.

ويضم العراق، بحسب الموقع الإلكتروني للبنك المركزي العراقي، 80 مصرفا عاملا، منها 62 محليا و18 مصرفا هي فروع لمصارف أجنبية.
 

إقرأ أيضا