قانون جرائم المعلوماتية.. الإطار يعده “ضرورة” وناشطون يهددون بـ”ثورة شعبية”

يعود مجلس النواب من جديد إلى محاولة إقرار مشروع قانون جرائم المعلوماتية، وسط تلويح ناشطين…

يعود مجلس النواب من جديد إلى محاولة إقرار مشروع قانون جرائم المعلوماتية، وسط تلويح ناشطين بالخروج بتظاهرات شعبية كبيرة في حال إقراره بمواد تحد من حرية التعبير، على الرغم من تأكيدهم على بعض الإيجابيات فيه من شأنها الحد من الابتزاز والتحريض، وفيما أشار نائب مستقل إلى أن القانون سيخضع لتدقيق شامل يمنع تمرير أي مادة تصادر حرية التعبير، دافع الإطار التنسيقي عن مسودة القانون وعده ضروريا لمواجهة الجرائم الإلكترونية، نافيا مساسه بحرية التعبير.

ويقول النائب المستقل سجاد سالم خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قانون الجرائم المعلوماتية سيخضع لدراسة ومراجعة بشكل دقيق، لمنع وجود أي فقرات قد تقيد من حرية التعبير، فلن نسمح بتشريع قانون يقيد الحريات”.

ويبين سالم أن “مجلس النواب بعد القراءة الأولى للقانون، سيعمل على مناقشته مناقشة مفصلة بمشاركة كل النواب واللجان البرلمانية المتخصصة، وسوف نعمل من خلال هذه المناقشة على رفع أي فقرة يراد منها مصادرة حرية التعبير ومحاولة تكميم الأفواه”.

ويضيف أن “بعض الجهات السياسية المتنفذة تريد من هذا القانون قمع الحريات وتكميم الأفواه لمنع كشف الكثير من القضايا والخفايا التي تتعلق بقضايا فساد أو فشل في إدارة الدولة وغيرها، ولهذا سنعمل على منع جعل هذا القانون مصادرا لحرية التعبير”.

يذكر أن مجلس النواب أدرج على جدول أعمال جلسته اليوم الإثنين، القراءة الأولى لمشروع قانون جرائم المعلوماتية، المقدم من قبل لجان عدة منها لجنة الأمن والدفاع والنقل والاتصالات والقانونية.

وكان مجلس النواب قرأ في تشرين الثاني نوفمبر 2021، مشروع قانون جرائم المعلوماتية القراءة الثانية، مجددا اللغط حول القانون الذي طرح في النسخة التي قدمت من مجلس الوزراء عام 2011، وتم رفضه من قبل الشارع العراقي ومنظمات دولية، لما تضمنه من عقوبات تحد من حرية التعبير عن الرأي التي كفلها الدستور.

أما ما يخص النسخة التي أخذت لجنة الأمن والدفاع النيابية تقديمها، فيعود تاريخها إلى العام 2006، حيث كان العراق بمواجهة تنظيم القاعدة آنذاك، وكان هدفها الحد من نشاط التنظيم في ذلك الوقت، لكنه لم يمرر أيضا.

من جانب آخر، يوضح النائب عن ائتلاف دولة القانون محمد الصيهود خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الهدف من تشريع قانون الجرائم المعلوماتية، هو الحد من هذه الجرائم، التي بدأت ترتفع بشكل كبير وخطير في المجتمع العراقي، وليس الهدف منه مصادرة حرية التعبير كما يروج البعض لذلك”.

ويشير الصيهود إلى أن “جرائم الابتزاز والتسقيط وغيرها من التصرفات المخالفة للقانون، تحتاج إلى قانون خاص بها، حتى يكون هناك رادع لها ومحاسبة شديدة لكل من يرتكب هذه الجرائم التي بدأت تهدد المجتمع، خصوصا أن المؤشرات الرسمية لهذه الجرائم مرتفعة بشكل كبير خلال الفترة الماضية، وأكثر الضحايا من النساء”.

ويتابع أن “لجميع النواب ولكافة اللجان البرلمانية الصلاحية في مناقشة هذا القانون وتقديم ما لديهم من ملاحظات بشأن بعض فقراته، كما أن مجلس النواب سيعمل على مشاركة منظمات المجتمع المدني بإبداء ما لديها من ملاحظات ومقترحات بشأن القانون، لكن بصورة عامة تشريع هذا القانون ضرورة ملحة”.

يذكر أن جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، عدت في بيان سابق لها، تصرف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وتعاطيه مع القانون “تصرفا دكتاتوريا”، و”محاولة للتضييق على حرية التعبير والحريات المكفولة دستوريا”.

وتضمن مشروع قانون جرائم المعلوماتية أكثر من 20 مادة أدرجت تحتها فقرات عدّة، نصت جميعها على عقوبات متفاوتة تصل للحبس 30 عاما، وغرامات مالية تصل إلى 100 مليون دينار عراقي، وركزت تلك الفقرات على المعلومات الإلكترونية، وجعلتها في دائرة الخطر والمساس بأمن الدولة.

وفي هذا الصدد، يفيد الناشط المدني البارز علي الدهامات، رئيس منظمة تشرين لحقوق الإنسان، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “هناك معاناة من الانفلات الكبير والواضح على بعض المنصات الإعلامية والسوشيال ميديا، والذي دائما ما كنا ضحاياه وضحايا الجيوش الإلكترونية التي لا تكف عن التحريض علينا وتشويه سمعتنا، وسبق أن هيأت لتصفية بعض رفاقنا”.

ويشدد الدهامات على “وجود حاجة ماسّة لتجريم عمليات الابتزاز والتحريض والتشويه المستمرة، ولكن أيضا نراقب بحذر شديد حتى لا يكون ذلك مدعاة للاستغلال ومن خلاله نعود بمستوى حرية التعبير عن الرأي وتقييم الأداء السياسي أو الحكومي إلى مرحلة الدكتاتورية وجعل انتقاد السياسيين سببا للتعرض إلى المساءلة القانونية”.

ويلفت إلى أن “الأمر معقد، إذ نحتاج حدا للانفلات وفي الوقت ذاته عدم المساس بحرية التعبير أو السعي للتضييق عليها، لأن ذلك سيدفعنا إلى الخروج في احتجاجات حاشدة”.

ومن أبرز المؤاخذات على القانون المطروح هو منح السلطات إمكانية محاكمة المدونين على قضايا مثل إنشاء حسابات إلكترونية بأسماء غير الأسماء الحقيقية لأصحابها، وعدم التفريق بين الانتقاد والسب للشخصيات العامة والمؤسسات، وكذلك تقييد الوصول للمعلومات وحق نشرها، خاصة فيما يتعلق بقضايا الفساد.

وفي كل دورة نيابية، يتم طرح مشروع هذا القانون ويثير لغطا كبيرا وتدخلا من المنظمات المعنية بحرية التعبير عن الرأي، وقد أجرت بعض المنظمات لقاءات سابقة مع رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، وبحثت معه فقرات مشروع القانون التي تحد من الحريات.

إقرأ أيضا