عملية عسكرية تركية وقصف إيراني.. ما سر الموقف العراقي “المتفرج”؟

عملية عسكرية جديدة أطلقتها تركيا في شمال العراق وسوريا، ردا على التفجير الذي استهدف مدينة…

عملية عسكرية جديدة أطلقتها تركيا في شمال العراق وسوريا، ردا على التفجير الذي استهدف مدينة إسطنبول، لتكمل هذه العملية العشرات من سابقاتها طيلة السنوات الماضية، في ظل قصف إيراني تتعرض له مناطق في شمال البلاد، ووفقا لمحللين سياسيين وأمنيين، فإن استمرار تركيا وإيران بهذا النهج يعود إلى ضعف الدولة العراقية والخلافات الداخلية، لاسيما في إقليم كردستان، بالمقابل رأى مقرب من الإطار التنسيقي أن تركيا تستهدف الأراضي العراقية من دون مبررات على عكس إيران التي قدمت أدلة على وجود معارضين مسلحين لها داخل الحدود.

ويقول الكاتب والمحلل السياسي فلاح المشعل خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “التدخلات العسكرية الخارجية في العراق تأتي بسبب ضعف الدولة العراقية عسكريا وسياسيا، فتركيا تقصف الداخل العراقي بينما العراق لا يمتلك القوة العسكرية للرد، كما أنه لا يمتلك الموقف السيادي الوطني القادر على أن يفعّل إجراءات أخرى غير الرد العسكري، مثل الرد التجاري”.

ويضيف المشعل أن “اقتصاد إيران وتركيا يعتمد كثيرا على العراق لوجود التبادلات التجارية، فالعراق يستورد من إيران ما قيمته أكثر من 10 مليارات دولار سنويا، ويفترض أن تتوقف هذه الاستيرادات لتكون عامل ضبط على إيران أو على تركيا التي يستورد منها ما قيمته أكثر من 15 مليار دولار سنويا”.

ويشدد على ضرورة “بلورة موقف سياسي أو تحريضي أو إعلامي، ولكن الحكومة العراقية تكتفي ببيانات ضعيفة هزيلة باهتة كأنها مكتوبة ليس من قبل حكومة وإنما من قبل مراقب صحفي محايد”، لافتا إلى أنه “في الحالات الطبيعية تدافع تركيا عن حدودها إذا تعرضت لاعتداءات، أما أن تتجاوز حدود دولة مجاورة لوجود أعداء لها داخل هذه الدولة فهذا غير مقبول في العلاقات الدولية على الإطلاق”.

وكان الجيش التركي بدأ عملية عسكرية جوية فجر أمس الأحد، في شمال العراق وسوريا تحت اسم “وقت الحساب”، استخدم فيها الطائرات الحربية والتوغل البري، وبحسب وسائل إعلام تركية، فإن العملية انطلقت من مطار دياربكر العسكري التركي.

وقد أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في تعقيبه على العملية “سنواصل محاسبة الذين استهدفوا أمن بلادنا وأمتنا مثلما حاسبناهم من قبل”.

يذكر أن وزارة الدفاع التركية، أعلنت عبر حسابها الرسمي في تويتر أن “العملية تستند إلى المادة الـ51 من ميثاق الأمم المتحدة، الذي ينص على الحق المشروع في الدفاع عن النفس”.

من جهته، يوضح الخبير العسكري جليل خلف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “العراق سياسيا وعسكريا ولا يستطيع الرد على إيران أو تركيا، وعندما قدم شكاوى إلى الأمم المتحدة لم تفعل شيئا يذكر”.

ويشير خلف إلى أن “هناك وضعا معقدا في العراق، لأن القوات العراقية وحتى الطيران العراقي لا يستطيع الدخول إلى إقليم كردستان، فهناك خط أحمر أمام دخول الجيش العراقي للإقليم، وبالتالي لا يمكن ردع التجاوزات على الحدود المحاذية للإقليم”.

ويشكك في “ضعف انتماء السياسيين (الفاعلين) للوطن، لذا نرى إيران وتركيا تحتلان أراضينا وتصرحان كيفما تشاءان، ولا أحد يرد عليهما، وهذا حال مؤسف بعد أن كان العراق خامس قوة في العالم”.

جدير بالذكر أن شارع الاستقلال في إسطنبول تعرض إلى تفجير في 13 من تشرين الثاني الحالي، خلف 6 قتلى وعشرات الجرحى، وقد أعلنت السلطات التركية القبض على منفذة التفجير وهي أحلام البشير، وقالت إنها اعترفت أثناء التحقيق بانتمائها إلى حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية في سوريا، وأن التعليمات جاءت من مدينة عين العرب (كوباني) السورية.

يشار إلى أن المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي دعا قبل أيام، في مقابلة صحفية إلى إجراء تحقيق دولي باستخدام تركيا أسلحة كيمياوية خلال عملياتها العسكرية في العراق.

يأتي ذلك، في ظل قصف إيراني جديد استهدف مجموعات من المعارضة الكردية الإيرانية تتمركز في إقليم كردستان العراق، بعد أقل من أسبوع على ضربات مماثلة.

وكانت وكالة “أسوشييتد برس” الأمريكية قد كشفت في تقرير لها، أن قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال إسماعيل قاآني، هدد خلال زيارته الإثنين الماضي لبغداد بأن بلاده ستشن عملية عسكرية برية شمالي البلاد، في حال لم تقم القوات العراقية بتعزيز أمن الحدود البرية واتخاذ اللازم ضد الجماعات الكردية المعارضة.

إلى ذلك، يفيد المحلل السياسي المقرب من الإطار التنسيقي علي فضل الله خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “أي اعتداء على العراق من أي طرف دولي مدان، وفي الوقت ذاته على الحكومة العراقية أن لا تجعل أراضيها منطلقا لمهاجمة دول الجوار”.

وفي معرض الفرق بين “الاعتداءين”، يشير فضل الله إلى أن “الجمهورية الإسلامية (الإيرانية) قدمت دلائل وحتى مواقع الجهات الإرهابية التي تستوطن الإقليم والتي من خلالها يتم استهداف الأراضي الإيرانية، على العكس من الجانب التركي الذي يتعامل بازدواجية، على الرغم من أن قوات الـPKK جاءت وفق اتفاقية بين إقليم كردستان وتركيا، وعليه لا حجة للجانب التركي”.

ويردف أن “هناك ضعفا لدى الجانب العراقي في ممارسة الضغوط الدبلوماسية والسياسية والأمنية باتجاه الجانب التركي، لذا بدأت القوات التركية تتوغل بحجة محاربة البككه”، مضيفا أن “على الحكومة العراقية إيقاف هذه الاعتداءات من خلال إجراءات حقيقية”.

ومنذ مطلع العام الماضي، صعدت تركيا من عملياتها في العراق بشكل كبير، ونفذت العديد من عمليات الإنزال الجوي، فضلا عن إنشاء نقاط بعد دخول قواتها البرية لمناطق مختلفة من دهوك ونينوى، إضافة إلى الإعلان عن إنشاء قاعدة عسكرية جديدة في الأراضي العراقية، وذلك بهدف ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، وخاصة في قضاء سنجار بنينوى.

وفي تموز يوليو الماضي، قصفت القوات التركية مصيفا سياحيا في قرية برخ التابعة لقضاء زاخو بمحافظة دهوك، ما تسبب بإصابة ومقتل 31 مدنيا أغلبهم من النساء والأطفال، وسط تأكيدات شهود عيان في المنطقة بأن هذا المصيف يقع عند حدود زاخو وتحيط به نقاط القوات التركية، ولا يشهد أي نشاط إرهابي من قبل أي جماعة.

وتقدم العراق بشكوى لدى مجلس الأمن الدولي بشأن القصف التركي، وعقد المجلس جلسة في 26 تموز يوليو الماضي، وفيها أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن الأدلة من موقع الاعتداء على مصيف دهوك، تضمنت شظايا مقذوفات مدفعية ثقيلة، هي ذاتها التي يستخدمها الجيش التركي، وأن هناك حالة من الغضب الشعبي العارم الذي يجتاح العراق من الجنوب إلى الشمال بسبب الاعتداء التركي.

وغالبا ما يكون قضاء سنجار هو الهدف التركي المعلن، حيث يعتبر معقلا لعناصر حزب العمال الكردستاني، وهو ما دفع بالفصائل المسلحة العراقية لإرسال ألوية عسكرية إلى القضاء، وتمركزت فيه لصد أي عملية تركية محتملة داخل القضاء الذي يقع جنوب غربي نينوى، ويعد موطنا لتواجد أبناء المكون الإيزيدي في العراق.

إقرأ أيضا