“حجر الزاوية”.. السوداني يتمسك بالأردن وسط انتقادات لموقف “الإطار”

زيارة سريعة نفذها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى الأردن، وهي أول محطة خارجية له،…

زيارة سريعة نفذها رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى الأردن، في أول محطة خارجية له، ما دفع محللين سياسيين إلى التأكيد على ثقل الجارة الغربية واصفين إياها بـ”حجر الزاوية” في السياسة الدولية والإقليمية، خاصة وأن هذه الزيارة جاءت قبل واشطن وطهران، فيما انتقدوا طريقة تعاطي الإطار التنسيقي الذي هاجمت بعض قواه الحكومة السابقة نتيجة علاقتها بعمان، في حين لم يعترض على ما تقوم به حكومة السوداني المدعومة من قبله، لكن الإطار رد وأكد أن هناك مصالح مشتركة تجعل من الزيارة “طبيعية”.

ويقول المحلل السياسي غالب الدعمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “البرنامج الدعائي للأحزاب السياسية في الإطار التنسيقي اختلف تماما بعد تشكيل الحكومة، وهذا واضح للجميع، خصوصا أن هذه الأحزاب لم تعترض على أي زيارة للسوداني سواء للأردن أو مصر أو باقي دول الخليج، فهي تدرك أن هذه الدول هي عامل أساس في استقرار هذه الحكومة”.

ويستطرد الدعمي أن “قوى الإطار التنسيقي أدركت جيدا أن عدم التعامل مع هذه الدول، قد يؤدي بهذه الحكومة (حكومة السوداني) إلى مواجهة عراقيل كثيرة، والمعروف أن أي رئيس وزراء عراقي جديد يأتي توجه له دعوة لزيارة واشنطن وطهران، لكن السوداني حتى الآن لم توجه له هكذا دعوة وهذا بسبب المشاكل الإيرانية الداخلية وكذلك بسبب الانتخابات الأمريكية”.

ويضيف أن “ذهاب السوداني إلى الأردن برفقة محافظ الأنبار، يؤكد ويدل على أن هذه الزيارة لها علاقة بالربط الكهربائي، والجانب الآخر يتعلق بالبضائع والإعفاءات الضريبية واستمرار العراق بتزويد الأردن بنفط مدعوم السعر”.

وكان السوداني، وصل ظهر يوم أمس الإثنين، إلى الأردن وكان في استقباله العاهل الأردني عبد الله الثاني، في زيارة استغرقت نحو 3 ساعات فقط، جرى خلالها عقد لقاء ثنائي بين الطرفين.

وبحسب بيان رسمي، فإن السوداني والعاهل الأردني أكدا على ضرورة مواصلة التنسيق والتشاور بين العراق والأردن، كما شدد السوداني على حرص العراق على إدامة العلاقة المتميزة مع الأردن.

وهذه هي أول زيارة خارجية للسوداني، وجرت العادة أن يزور رؤساء الحكومات السابقة واشنطن أو طهران في أول زيارة خارجية لهم بعد تسنمهم مناصبهم، لما تمثله العاصمتان من ثقل سياسي وأمني.

وكان السوداني، استقبل مطلع الشهر الحالي، المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فيما أكد المبعوث مشاركة بلاده في “قمّة بغداد” المزمع عقدها في الأردن نهاية العام الحالي.

من جهته، يبين الباحث في الشأن السياسي العراقي نزار حيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “لا يختلف اثنان على أن الأردن هو حجر الزاوية في السياسة الدولية والإقليمية في المنطقة، ولذلك حرصت كل الحكومات التي تعاقبت على السلطة في بغداد على الاحتفاظ بعلاقة متميزة مع الأردن حتى في فترة دعمها للإرهاب بشكل واضح وعلني”.

ويشير حيدر إلى أن “هذا الحرص يتجلى بالاستمرار في بيع البترول للأردن بالأسعار التفضيلية المعروفة، وهي الدولة الوحيدة التي تحصل على هذا النوع من دعم الطاقة، كما يتجلى في غض الطرف عن تواجد أيتام نظام صدام حسين على أراضيها على الرغم مما يشكلونه من خطر أمني وسياسي وإعلامي على العراق”.

ويردف أن “الإطار كان قد تهجم قبل تشكيل حكومته كثيرا على مساعي حكومة مصطفى الكاظمي للحفاظ على العلاقة المتميزة بين بغداد وعمان، فقد اعتبرها مهينة للعراق ولا تساهم في النهوض والتنمية، كما اعتبر تلك الجهود دليلا على خيانة وعمالة الحكومة للأجنبي، لكن حكومته اليوم تستمر في الالتزام بنفس السياسات تجاه الأردن والتي أكدها السوداني في عمان بقوله (حريصون على علاقات متينة مع الأردن)”.

ويواصل الباحث السياسي أنه “برأيي إذا فكر العراق في تغيير سياساته الخارجية مع أي دولة من دول الجوار والإقليمية والدولية سيظل يستثني الأردن من هذا التغيير، وهو مؤشر واضح على أنها بالنسبة للعراق بمثابة جواز العبور للمجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وحليفاتها في المنطقة”.

ويلفت إلى أن “هذه أول زيارة للسوداني منذ توليه رئاسة مجلس الوزراء، ربما لطمأنة دول مجموعة (الثلاثي) الذي بدأ يتشكل منذ عهد حكومة عادل عبد المهدي، بعد أن أشاع بعض قادة وقوى الإطار التنسيقي أنهم سيغادرون (الثلاثي) وإلى الأبد”.

يشار إلى أن العراق احتضن في حزيران يونيو 2021، آخر جولة من القمة الثلاثية بين بغداد وعمان والقاهرة، بعد أن بدأت جولتها الأولى في آب أغسطس 2020.

وكان الإطار التنسيقي من أشد المعارضين لعقد هذه القمة، ووصفها بأنها خطوات للتطبيع، منتقدا دور الأدرن ومستغربا من عقد اتفاقيات مع بلد غير صناعي، كما طالب قادته ونوابه آنذاك، بالتوجه للصين بدلا من الأردن، وهذا وفقا للعديد من التقارير التي أعدتها “العالم الجديد” حول هذه القمم وجدواها.

إلى ذلك، يبين النائب عن الإطار التنسيقي عارف الحمامي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وكل القوى السياسية، وخصوصا الاطار، يريدون علاقات جيدة وقوية مع كافة دول المنطقة والعالم، وتكون هذه العلاقات وفق المصالح المشتركة وتقديم مصالح العراق العليا على أي مصالح أخرى وعدم الوقوف مع محور ضد آخر”.

ويضيف الحمامي أن “زيارة السوداني إلى الأردن أمر طبيعي كونها دولة جارة للعراق، وللعراق مصالح مختلفة معها اقتصادية وأمنية وغيرها، والمرحلة المقبلة ربما تشهد زيارات لدول أخرى، فالسوداني منفتح على كافة الدول من دون أي استثناء، خصوصا أن حكومته لاقت دعما وترحيبا من كل دول المنطقة والعالم”.

ويتابع أن “السوداني خلال جولاته الخارجية، سوف يرسل رسائل إلى كافة هذه الأطراف الدولية بأن العراق مع إقامة علاقات متوازنة مع كافة دول العالم وعدم وقوف بغداد مع أي محور إقليمي أو دولي ضد أي محور، وهو راغب بتوقيع عدد من الاتفاقيات التي من شأنها دعم الاقتصاد والاستثمار في العراق، وهذا الأمر يتطلب علاقات دولية وإقليمية مع الجميع”.

وشارك العراق في عهد الحكومة السابقة، بقمة إلى جانب مصر والأدرن والإمارات عقدت في مصر، كما شارك بالقمة العربية الأمريكية في السعودية، التي حضرها الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهذه الأخيرة شهدت هجوما حادا من الإطار التنسيقي ورفضوا مشاركة رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي فيها، لكنه شارك بعد سلسلة مفاوضات مع الإطار التنسيقي.

وبحسب القمة الثلاثية السابقة، فإنه سيتم مد أنبوب نفط البصرة-العقبة في الأردن، وصولا الى الموانئ المصرية، حيث سيتم استخراج المشتقات النفطية فيها وإعادتها للعراق، ولاسيما أن وزير البترول المصري طارق الملا، زار بغداد في تشرين الأول أكتوبر الماضي، بعد أيام من توقف إمداد شركة أرامكو السعودية لمصر بنحو 700 ألف طن من المواد البترولية، في إطار اتفاق طويل الأجل بين الرياض والقاهرة، التي تشهد العلاقات بينهما توترا منذ شهور على خلفية قضايا ثنائية وإقليمية.

إقرأ أيضا