التربية تصوب نحو معاهد “التدريس الخصوصي”.. ما الأسباب؟

تتجه وزارة التربية إلى شن حملة على مراكز ومعاهد “التدريس الخصوصي”، لأسباب عدة من أبرزها…

تتجه وزارة التربية إلى شن حملة على مراكز ومعاهد “التدريس الخصوصي”، لأسباب عدة من أبرزها عدم التزام تلك المعاهد بالضوابط والشروط، واستعانة بعضها بأساتذة غير حاصلين على الشهادات الجامعية، بحسب مصدر في الوزارة كشف أيضا عن أن غالبية المعاهد تعود لمدرسين ومدراء بعض المدارس الحكومية، وهي خطوة حظيت بدعم لجنة التربية النيابية، التي أشرت بدورها المبالغ الكبيرة التي تفرضها تلك المعاهد على الطلبة.

ويقول مصدر مسؤول في وزارة التربية خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك الكثير من الشكاوى تصل إلى مقر الوزارة وكذلك مديريات التربية، بشأن معاهد التعليم الأهلية، التي يعود غالبها إلى مدراء بعض المدراس وكذلك المدرسين، وبعض الشكاوى تتضمن إجبار بعض الطلبة على التسجيل في هذه المعاهد من قبل بعض الكوادر التدريسية”.

ويضيف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “غالبية هذه المعاهد، وخصوصا في العاصمة بغداد، غير مسجلة بشكل رسمي وغير مجازة من قبل وزارة التربية، وحتى بعض كوادر هذه المعاهد ليسوا من أصحاب الاختصاص، بل أن بعض الكوادر لا يحملون حتى شهادات جامعية، وكل ذلك مسجل لدينا بالأدلة”.

ويلفت إلى أن “الأيام القليلة المقبلة ستشهد إغلاق هذه المعاهد وبالتعاون مع الجهات الأمنية المتخصصة، وفتح أي معهد لن يتم إلا بعد موافقة وزارة التربية ووفق شروط وضوابط، خصوصا أن هذه المعاهد انتشرت بشكل كبير بين الأحياء السكنية خشية من أي ملاحقة لها، لكن ستكون جميعها تحت مرمى الرقابة والإشراف الرسمي”.

وانتشرت ظاهرة التدريس “الخصوصي” في العراق بشكل كبير بعد العام 2003، نظرا لتحسن الوضع الاقتصادي لأغلب العوائل، حيث باتت قادرة على دفع مستحقات المدرس، والتي كانت بأسعار مقبولة آنذاك، لكن سرعان ما تحول الأمر إلى شبه إلزامي لطلبة الصف الثالث المتوسط والسادس الإعدادي، نظرا لكون طلبة المرحلتين يؤدون امتحانات وزارية “بكالوريا”.

وفي السنوات الأخيرة، انتشرت ظاهرة معاهد التطوير والدورات، حيث يشترك في كل معهد عدد من المدرسين ويجمعون الطلبة في قاعات مخصصة للدراسة، وتبدأ أغلب هذه الدورات في العطلة الصيفية التي تسبق بدء العام الدراسي، وذلك بهدف تهيئة الطالب للمرحلة الوزارية المقبل عليها.

وفي هذا الصدد، يؤكد عضو لجنة التربية النيابية جواد الغزالي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “غالبية المعاهد الأهلية غير مجازة من قبل الجهات ذات العلاقة، وهذه المعاهد أثقلت بشكل كبير على أهالي الطلبة من خلال فرض أجور مالية عالية على الدروس التي تعطى لهم، ولهذا تحركت وزارة التربية على هذا الملف”.

ويتابع الغزالي أن “لجنة التربية في البرلمان العراقي داعمة وبقوة لخطوة وزارة التربية لوضع ضوابط وشروط صارمة لفتح معاهد التعليم الأهلية، فلا يمكن ترك هذا الملف يدار بشكل فوضي من دون رقابة أو محاسبة”.

ويشير إلى أن “لجنة التربية البرلمانية ستعمل على عقد اجتماعات مع الجهات المتخصصة في وزارة التربية لمناقشة هذا الملف وتقديم بعض الملاحظات والتوصيات بشأن عمل وفتح معاهد التعليم الأهلية، خصوصا أن الوزارة عازمة على اتخاذ قرارات حازمة بشأن هذا الملف لما شهدته الفترة الماضية من شكاوى كثيرة على المعاهد من قبل الأهالي”.

يشار إلى أن التعليم في العراق، شهد تراجعا كبيرا في السنوات الماضية، نتيجة للإهمال الحكومي وشبهات الفساد التي تحوم حول مشاريع تطويره، وخاصة بناء مدارس جديدة بعد ارتفاع عدد الطلبة والزيادة السكانية، حيث وصل عدد الطلبة في كل صف دراسي لأكثر من 50 طالبا، في مدارس أغلبها متهالكة.

وبالتزامن مع عدم تطوير قطاع التعليم في العراق، برزت المدارس الأهلية كبديل عن المدارس الحكومية، وباتت أعدادها كبيرة جدا ومنتشرة في أغلب الأحياء السكنية في جميع المحافظات.

ومن المشاكل التي تواجهها المدارس الحكومية في العراق، هي الاكتظاظ وعدم وجود مبان كافية وقلة التجهيزات الأساسية مثل مقاعد الجلوس، وقد انتشرت مؤخرا في مواقع التواصل الاجتماعي، فيديوهات كثيرة من داخل بعض المدارس في الوسط والجنوب، تكشف عن عدد الطلاب الكبير في القاعة الدراسية الواحدة وخاصة الأول الابتدائي، مع عدم وجود مقاعد الجلوس وافتراش الطلبة للأرض.

وقدرت الوزارة في العام 2018 حاجة التعليم إلى أكثر من 20 ألف مدرسة في عموم البلاد، وسط انتشار صور نظام التعليم الثنائي والثلاثي وحتى الرباعي في المدرسة الواحدة، ومدارس الطين التي بلغت بحسب إحصائية سابقة لوزارة التخطيط ما يقرب من 11 ألف مدرسة، الأمر الذي يظهر حجم المأساة والفساد الذي تسبب بأمية تجاوزت الـ20 بالمئة، ونحو 3 ملايين طفل متسرب من المدارس.

كما أن ملف طباعة الكتب في العراق، دائما ما يثير اللغط، وقد كشفت مصادر صحفية في الأعوام الماضية، عن بلوغ كلفة طباعة الكتب ما يقرب من 200 مليار دينار (نحو 160 مليون دولار في حينها)، تحال لمطابع أجنبية وبأسعار مرتفعة جدا، من دون وجود أي رقابة أو متابعة.

إقرأ أيضا