ماذا وراء لقاءات بارزاني في بغداد؟

تأتي زيارة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني إلى بغداد، وفقا لأعضاء في الحزب الديمقراطي الكردستاني…

تأتي زيارة رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني إلى بغداد، وفقا لأعضاء في الحزب الديمقراطي الكردستاني ومحللين سياسيين، لتفعيل النقاط التي جرى الاتفاق عليها خلال تشكيل الحكومة، فيما أشاروا إلى أن قضية القصف التركي والإيراني على الإقليم أخذت حيزا من المباحثات للخروج بموقف عراقي موحد تجاهها. 

وتقول القيادية في الحزب الديمقراطي الكردستاني أشواق الجاف خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك برنامجا حكوميا، وكل الكتل التي شاركت بتشكيل الحكومة وافقت عليه، والشعب بأكمله يتطلع إلى تطبيق ما ورد في البرنامج الحكومي،وعليه فإن هذه النقاط يجب أن ترى النور على أرض الواقع وفق الأطر الدستورية، وهذه واحدة من أهم أهداف زيارة بارزاني إلى بغداد بحسب معلوماتي”. 

وتضيف الجاف أن “رئيس الإقليم ذهب إلى بغداد لتهيئة الأرضية المناسبة للخطوات اللاحقة، بمعنى أن هذه النقاط ثبتت داخل البرنامج الحكومي ويفترض أن تطبق على أرض الواقع”.

وتلفت إلى أن “الزيارة تتناول أيضا مسألة سيادة العراق والحفاظ عليها، ونحن في الإقليم نؤكد دائما أننا ضد استخدام الأراضي العراقية منطلقا للعدوان على دول الجوار، كما نرفض أيضا انتهاك سيادة العراق بين فترة وأخرى”.

وكان بارزاني، قد وصل بغداد صباح يوم أمس الثلاثاء، والتقى برئيس الحكومة محمد شياع السوداني، حيث أكد الأخير بحسب بيان مكتبه الإعلامي التزام الحكومة الاتحادية بالدستور العراقي لمعالجة الملفات العالقة مع حكومة الإقليم بما يضمن حقوق جميع المكونات، فيما بحث اللقاء ملف الأمن بالمناطق العراقية الحدودية، حيث جرى التأكيد على التعاون لحفظ سيادة العراق ورفض الانتهاكات المتكررة، والعمل على منع استخدام الأراضي العراقية منطلقا للاعتداء على أية دولة من دول الجوار.

كما زار بارزاني رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد، ورئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان، ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ورئيس تحالف النصر حيدر العبادي، ورئيس حركة عطاء في الإطار التنسيقي فالح الفياض، ورئيس تحالف الفتح هادي العامري، وبحث معهم مجمل القضايا العالقة بين المركز والإقليم، وقضية القصف الإيراني والتركي للإقليم، وفقا للبيانات التي صدرت عقب اللقاءات.

جدير بالذكر، أن حكومة السوداني مرت بعد أزمة امتدت لأكثر من عام، وانتهت بتوافق جميع القوى الكردية والسنية والشيعية، وفق شروط حددت خلال المفاوضات لتمريرها، وقد سربت في حينها بعض الشروط التي من المفترض أن الإطار التنسيقي وقع عليها من أجل تصويت الكرد على الحكومة، لكن لم يجر تأكيدها رسميا حتى الآن، ومما ورد فيها عودة البيشمركة لكركوك ورفع حصة الإقليم في الموازنة، وحل قضية تصديره النفط بمعزل عن بغداد.

من جهته، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “القصف الإيراني على كردستان جزء من أجندات أو ملفات زيارة بارزاني إلى بغداد، إضافة لمواضيع أخرى منها حصة الإقليم من الموازنة وقضية تصدير النفط وإدارة المنافذ الحدودية”.

ويشير البيدر إلى أن “القصف الإيراني سيكون حاضرا بقوة في هذه الزيارة، وإدارة الإقليم اختارت بارزاني لهذه الزيارة كونه يتمتع بعلاقة فوق الجيدة مع الأطراف السياسية العراقية، ويمكن أن يؤثر وجوده في بغداد على صعيد توضيح وجهات النظر المتعلقة بالرؤية الخاطئة إزاء الإقليم لدى بعض القوى السياسية، والتي تعمل على إضعاف دوره بين الحين والآخر عبر استخدام حجج معينة”.

ويتابع المحلل السياسي أن “بارزاني أراد أن يطلع الحكومة الجديدة على نوايا كردستان ويحاول التقرب منها أكثر في هذه المرحلة من أجل الوصول إلى نقاط مشتركة ممكن أن تكون مرتكزا لحوارات جديدة، خاصة أن الأزمة بين الطرفين لا رابح فيها ولا خاسر، والجميع أدرك أن لغة الحوار هي الأفضل”.

وبالتزامن مع وجود بارزاني في بغداد، تعرضت منطقة ألتون كوبري في كركوك إلى قصف إيراني، استهدف مقار حزب إيراني معارض، ويأتي هذا القصف امتدادا للقصف الإيراني المستمر منذ أيام، وبجانب العملية العسكرية التركية الجديدة، التي انطلقت قبل يومين واستهدفت أيضا مقار حزب العمال الكردستاني في الإقليم.

ومنذ سنوات لم تحسم النقاط الخلافية بين بغداد وأربيل، وقد جرى تبادل مئات الوفود بين الطرفين لغرض حلها من دون جدوى، وبقيت معلقة وترحل من حكومة لأخرى، وأبرزها قضية المناطق المتنازع عليها وتطبيق المادة 140، التي يصر الإقليم على تفعيلها، وقضية حصة الإقليم من الموازنة، التي تثار سنويا مع تقديم كل موازنة وهو ما يسبب بتأخير إقرارها عادة،، إلى جانب قضية تصدير الإقليم النفط ودفعه مستحقات بغداد، وهذا تنص عليه أغلب الموازنات لكن لم يطبق، وفي موازنة 2021 تم الاتفاق على ترحيل تصفية الحسابات بين بغداد وأربيل إلى أجل غير مسمى.

إلى ذلك، يفيد الباحث في الشأن السياسي والمقرب من الإطار التنسيقي كاظم الحاج خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “ملامح العلاقة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان لم تتضح حتى الآن، خصوصا في ما يتعلق بالاتفاقات التي تمت والالتزامات المتبادلة بين الطرفين”.

ويواصل الحاج أنه “بالتأكيد ستكون مسألة وجود أحزاب معارضة لتركيا وإيران في كردستان محل نقاش، إضافة إلى قصف الإقليم”، موضحا أن “الظرف الذي طرأ على الإقليم خلال الأيام القليلة الماضية كان سببا رئيسا للزيارة من أجل الخروج بموقف موحد تجاه ما يحدث شمال العراق”.

ويضيف أن “الجانب السياسي سيكون حاضرا كذلك، حيث كما ذكرنا أن العلاقة بين بغداد وأربيل لم تتضح بعد، حيث أن ائتلاف إدارة الدولة بني على اتفاقات متبادلة بين الأطراف، خاصة بين الإطار التنسيقي الذي يمثله السوداني وبين كردستان، إضافة إلى السقف الزمني لقانون النفط والغاز ونسبة الإقليم من الموازنة”.

يذكر أن المحكمة الاتحادية أصدرت، منتصف شباط فبراير الماضي، قرارا يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، ومنعته من تصدير النفط لصالحه، على أن يكون التصدير عن طريق بغداد حصرا، بناء على دعوى رفعتها وزارة النفط الاتحادية، ومن ضمن قرارات المحكمة الاتحادية، هو استقطاع مبالغ تصدير النفط من نسبته بالموازنة في حال عدم التزام إقليم كردستان بتطبيق القرار.

إقرأ أيضا