بعد حزمة قرارات حكومية.. ماذا سيحل بامتيازات المسؤولين؟

أثارت قرارات مجلس الوزراء بتقييد إنفاق المسؤولين خلال السفر والإقامة والتنقل، وإلغاء امتيازاتهم، أسئلة عديدة…

أثارت قرارات مجلس الوزراء بتقييد إنفاق المسؤولين خلال السفر والإقامة والتنقل، وإلغاء امتيازاتهم، أسئلة عديدة حول إمكانية تطبيقها وجدواها في ظل استشراء حالات استغلال المال العام، ففيما عزا مستشار حكومي أهداف تلك القرارات إلى السعي لإرساء مبادئ احترام المال العام، شكك مراقبون في التطبيق الحرفي لها، وسط افتقارها إلى “تعليمات” تصدرها وزارة المالية حول آلية التنفيذ.

ويقول المستشار الاقتصادي الحكومي مظهر محمد صالح خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الهدف من اتخاذ هذه القرارات وتفعيل قانون إلغاء امتيازات المسؤولين هو للتصدي لمنافذ الإنفاق التبذيري وغلق أبوابه، وهو جزء من عملية مستمرة لفرض الانضباط المالي وتقييد التوسع في الصرف غير المبرر أو المسوغ الذي يخضع لميول تبذيرية بالأساس”.

ويوضح صالح أن “آثار مثل هذه الإجراءات ليست مالية ظرفية فحسب، بل هي مستقبلية أيضا تؤسس لمبادئ احترام المال العام وإعادة ضبط التخصيصات المالية على وفق الأولويات الاجتماعية والاقتصادية التي تستهدفها الموازنة العامة في رسم سبل رفاهية البلاد وتنميتها، وذلك بغض النظر عما توفره الإجراءات الانضباطية الراهنة من أموال”.

وكان مجلس الوزراء قرر في جلسته أمس الأول الثلاثاء، الموافقة على إصدار التعليمات الخاصة بتسهيل تنفيذ قانون إلغاء الامتيازات المالية للمسؤولين في الدولة رقم 28 لسنة 2019.

كما قرر المجلس خلال مناقشته موضوع الإيفادات للمسؤولين الحكوميين، منع إجراء المناقلة من أي حساب إلى حساب السفر والإيفاد، وأن لا يجري دفع مصاريف الجيب بشأن الإيفادات التي تتحمل الجهة الداعية فيها نفقات الإقامة وتذاكر السفر لعدم توافر التخصيصات المالية، عدا أيام السفر، يوم واحد للذهاب ويوم واحد للإياب، باستثناء الإيفاد إلى دول الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، وأستراليا وكندا وشرق آسيا، فتعد أيام السفر بما لا يزيد عن يومين للذهاب والإياب.

وقرر أيضا أن يحسب للموفد أجور الفندق بما لا يتجاوز 150 بالمئة من المخصصات الليلية لصنفه في دول المجموعتين الخاصة واليورو، وبما لا يتجاوز 100 بالمئة من المخصصات الليلية المقررة لصنفه في دول المجموعات: الأولى والثانية والثالثة، بحسب تصنيف وزارة الخارجية للدول، وللوزير ومن بدرجته حصرا فأعلى، الحق في استخدام مقاعد الدرجة الأولى في الطائرة ويحق لوكلاء الوزارات وأصحاب الدرجات الخاصة والمحافظين والمديرين العامين ومن بدرجتهم حق استخدام مقاعد رجال الأعمال لرحلة واحدة في رحلة الذهاب، ولرحلة واحدة في رحلة الإياب، في حال تطلبت الرحلة السفر على أكثر من طائرة.

كما ألزمت القررات بتقديم الوزير ورؤساء الجهات غير المرتبطة بوزارة والمحافظين إلى رئيس مجلس الوزراء تقريرا مفصلا عن كل إيفاد يتضمن (مدة الإيفاد أو السفر، غرض الإيفاد أو السفر، جهة الإيفاد أو السفر، الجهة التي تحملت نفقات الإيفاد أو السفر، تكلفة الإيفاد أو السفر، عدد المرافقين، المقترحات والتوصيات الناتجة عن الإيفاد أو السفر)، كما ألزمتهم باستخدام الخطوط الجوية العراقية حصرا، وخاصة في البلدان التي تصلها الخطوط العراقية.

وفي هذا الصدد، تفيد المحللة السياسية نوال الموسوي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “القرارات التي تتخذ الآن ستبقى قيد التصريحات الإعلامية”.

وتشير الموسوي إلى أن “تطبيق القرارات قد يستغرق شهرين أو أكثر من تاريخ اتخاذها، لأن العديد من القرارات اتخذت من الحكومة الحالية وهي بحاجة للمتابعة والتدقيق في آليات التطبيق المنتظرة”.

وكانت خفايا كثيرة حول الوفود العراقية تسربت في السابق، وخاصة وفد أحد الوزراء إلى فرنسا، الذي كلف أكثر من مليون دولار، صرفت على الإقامة الفاخرة والسيارات المرافقة له، على الرغم من قصر فترتها.

يشار إلى أن “العالم الجديد” كشفت منتصف العام الماضي، عن خفايا تتعلق بوفد رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي إلى بروكسل وروما، حيث ضم نحو 50 شخصا، تنوعت مناصبهم بين الوزراء والمستشارين والحماية، فيما بينت أن معظمهم لم يحضر أي اجتماع وقضوا أوقاتهم في “المقاهي والتسوق”.

بدوره، يبين الخبير القانوني عدنان الشريفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “كل قانون يحتاج إلى تعليمات، فمثلا عند تخفيض 10 بالمئة من رواتب المسؤولين ستتساءل الدوائر هل أن هذا التخفيض يشمل الراتب الاسمي أم المخصصات أم كليهما”.

ويتابع الشريفي أن “أغلب القوانين ترد فيها كلمة تسهيل تنفيذ أحكام القانون، أي بمعنى إصدار التعليمات حتى تعمل عليها الجهات المتخصصة”.

ويردف أن “كل قانون نافذ ينفذ من تاريخ صدوره، لكن وزارة المالية لم تصدر تعليمات لدوائر الدولة للعمل بقانون إلغاء امتيازات المسؤولين وشرح طرق تنفيذه على الرغم من أنه صدر عام 2019”.

جدير بالذكر، أن القاضي وائل عبد اللطيف، أكد في وقت سابق لـ”العالم الجديد” أن مسألة الوفود الكبيرة تعود لعامي 2003 و2004، حيث كان الوفد يذهب بشكل غريب، إذ يحجز له فنادق وليس فندقا واحدا وطائرات وسيارات كثيرة، وهذا يفسر بأن الوفد يفتقد لأبسط مقومات اللياقة الدبلوماسية، وهذا الأمر تكرر في الحكومات السابقة أيضا بدءا من إبراهيم الجعفري إلى نوري المالكي وحيدر العبادي.

يذكر أن للخطوط الجوية العراقية، مبالغ ضخمة بذمة الرئاسات في العراق، وقد كشفت “العالم الجديد” في عام 2020، عن قيمة هذه الديون، حيث بلغت الأموال التي بذمة رئاسة الجمهورية للطائر الأخضر 138 مليونا و29 ألفا و829 دينارا، بالإضافة إلى 677 ألفا و86 دولارا، عن تسيير رحلات عارضة ومواد تموينية وتزويد وقود وعبور أجواء، فيما بلغت ديون رئاسة البرلمان 164 ألفا و431 دولارا، إضافة إلى مبلغ 67 مليونا و836 ألف دينار.

إقرأ أيضا