مليارات الضرائب في جيوب شركات الاتصالات.. حكومات عاجزة وهيئة صامتة

قرار إلغاء الضرائب عن كارتات الشحن والتي كان المواطن يتحملها طوال 7 أعوام فائتة، فتح…

قرار إلغاء الضرائب عن كارتات الشحن والتي تحمل المواطن كلفتها طوال 7 أعوام فائتة، فتح الحديث عن تفريط الحكومات السابقة بما لا يقل عن 500 مليون دولار (نحو 700 مليار دينار)، لصالح شركات الهاتف النقال، وسط افتقار وزارة المالية لأي معايير أو مجسات تكشف حجم المبيعات الحقيقي، وفي ظل غموض آليات التحاسب الضريبي مع تلك الشركات خصوصا في العامين الأخيرين.

وتقول رئيسة لجنة الاتصالات النيابية، زهرة البجاري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “ضريبة الـ20 بالمئة التي فرضت على كارتات الهاتف النقال، كان الهدف منها هو تعظيم موارد الدولة المالية من خلال دفع المواطن هذه الضريبة وتتم جبايتها من قبل شركات الاتصال، كونها هي من تبيع هذه الكارتات، وتسلمها في نهاية كل سنة وفق قوائم إلى وزارة المالية”.

وتكشف البجاري عن “عدم قيام شركات الاتصالات بدفع ما بذمتها من أموال منذ نحو عامين، إذ كانت آخر ما دفعته من ضرائب لوزارة المالية في العام 2020، فيما لم تدفع حتى الآن ضرائب 2021 و2022″، لافتة إلى “وجود مشكلة أخرى وهي أن شركات الاتصال هي من تقوم بتقييم حجم المبيعات من الكارتات، وعلى هذا الأثر ترسل مبالغ الضرائب إلى وزارة المالية، دون أن يكون للحكومة أي مجسات لمعرفة حجم تلك المبيعات”.

وتنوه إلى أن “فرض تلك الضرائب منذ البداية يصب في مصلحة الشركات أولا، وكان المتضرر هو المواطن، فهذه الضرائب تستقطع منه، والفائدة ليست 100 بالمئة لوزارة المالية، مع وجود شبهات عمليات تلاعب من بعض الشركات في قوائم مبيعات كارتات الهاتف النقال”، مؤكدة أن “هذه الضريبة لم تساهم بتعظيم إيرادات الدولة بشكل حقيقي، خصوصا وأنها كانت على حساب المواطن”.

يذكر أن الحكومة الحالية ألغت ضريبة الـ20 بالمئة المفروضة على بطاقات شحن الهواتف النقالة، والتي كانت حكومة حيدر العبادي قد فرضتها في العام 2015، بسبب الأزمة المالية عقب هبوط أسعار النفط، وحرب تحرير الموصل من تنظيم داعش.

وبشأن حجم أموال تلك الضرائب المتعلقة بذمة الشركات، يحصي الباحث في الشأن الاقتصادي نبيل جبار التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، حجم تلك الاموال خلال عامين بـ500 مليون دولار (نحو نحو 7 مليارات دينار)، موضحا أن “ضريبة الـ20 بالمئة التي فرضت على كارتات الهاتف النقال، تبلغ وفق التقديرات، نحو 250 مليون دولار سنويا، تقوم شركات الاتصالات بإرسالها إلى خزينة الدولة، وهو ما تخلت عنه الحكومة الآن بعد الارتفاع في أسعار النفط”.

ويظهر التميمي خشيته من “وجود تلاعب في قضية المبيعات من قبل الشركات، من خلال تسليمها أرقام مبيعات تختلف عن الحقيقية، واحتفاظها (الشركات) بضرائب الكارتات غير المسجلة”، لافتا إلى أن “دور ديوان الرقابة المالية، يجب أن يظهر هنا، كونه الجهة المتخصصة بمتابعة عمل الشركات وله الصلاحيات كافة بذلك”.

ويتوافق مع البجاري، في أن “المتضرر الوحيد من ضريبة الـ20 بالمئة التي فرضت على كارتات الهاتف النقال هو المواطن”، ويذهب إلى أن “المستفيد الأول منها هي شركات الاتصالات”، مطالبا الحكومة بـ”الكشف عن مصير أموال تلك الضرائب خلال السنوات الماضية، التي استقطعت من المواطن كضريبة كارتات”.

وحاولت “العالم الجديد” الحصول على تعليق من هيئة الإعلام والاتصالات، كونها الجهة التنظيمية والرقابية على عمل شركات الهاتف النقال، فما كان من مصدر مسؤول فيها إلا تأكيد ما جاء في كلام رئيسة لجنة الاتصالات النيابية من عدم قيام الشركات بدفع ما بذمتها خلال العامين الأخيرين، دون أن يؤكد حجم المبلغ الذي كشف عنه التميمي.

ويؤكد المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “هناك شبهات في احتساب القوائم والفواتير المقدمة من قبل شركات الاتصال إلى وزارة المالية، كون الحكومة لا تملك أي رقم لأعداد الكارتات التي تباع سنويا، باعتبار أن الشركات هي التي تسلم قوائم المبيعات الى وزارة المالية مع مبالغ الضرائب وفق سجلاتها”.

جدير بالذكر، أن العامين السابقين تزامنا مع حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، الذي نال ثقة البرلمان في أيار مايو 2020، والذي قام بعد أسابيع من توليه المنصب، بإصدار قراره المثير للجدل، والقاضي بالتجديد لشركات الهاتف النقال العاملة في العراق مدة 5 سنوات دون أن تستوفي تلك الشركات ما بذمتها لخزينة الدولة.

وفي آذار مارس 2021، جرى تحرك نيابي لاستجواب رئيس هيئة الإعلام والاتصالات في حينها علي الخويلدي، وقد قرر البرلمان عدم القناعة بأجوبته ما استدعى إقالته من منصبه، وفي الشهر ذاته، أصدر الكاظمي قرارا بتكليف عادل سلمان رئيسا للهيئة، المقرب من رجل الأعمال وأحد أقطاب شركة زين للاتصالات محمد الجرجفجي، وسط رفض أعضاء مجلس أمنائها.

لكن سلمان لم يستمر في منصبه طويلا، فقد أنهي تكليفه في أيار مايو من عام 2021، وكلف الكاظمي بديلا عنه علي المؤيد، الذي دخل بصراع مع أعضاء مجلس الأمناء في الهيئة وأصدروا قرارا بإقالته في نيسان أبريل الماضي، لكنه عاد مؤخرا بقرار من رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بالإضافة إلى قرار من محكمة القضاء الإداري التي أعادته لمنصبه وأبطلت قرار مجلس الأمناء.

أقرأ أيضا