ماذا وراء لقاءات بارزاني المتكررة في بغداد؟

أجرى رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني زيارتين إلى بغداد خلال أسبوع، ما أثار عدة تساؤلات،…

أجرى رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني زيارتين إلى بغداد خلال أسبوع، ما أثار عدة تساؤلات، لاسيما أنه التقى ذات الشخصيات ومنهم رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، وفيما أرجعها محلل سياسي إلى أن بارزاني يريد إرسالة رسالة لطهران عبر السوداني بشأن القصف المستمر، عزاها الإطار التنسيقي إلى قضية الموازنة وحصة الإقليم فيها.

ويقول القيادي في تحالف الفتح المنضوي في الإطار التنسيقي محمد البياتي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك ملفات عديدة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، وعشرات المسائل والمشاكل، ومن ضمنها تضمين تخصيصات البيشمركة في موازنة 2023، وكذلك العلاقة بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني ومشاكل الحدود بيننا وبين إقليم كردستان وغير ذلك”.

ويضيف البياتي أن “الزيارات مفيدة في جميع الأحوال، كما أن الضغط على الحكومة الاتحادية لتضمين موازنة كردستان مهم أيضا، لكن هذه المرة ربما الحكومة الاتحادية تضغط في اتجاه معين، لأن الإخوة في القاطع الجنوبي من السليمانية وكلار وحلبجة من ضمن إقليم كردستان يعانون مشاكل عديدة تتعلق بالموازنة”، مشيرا إلى أن “جميع هذه المشاكل تطرح في هذه اللقاءات، وهي لقاءات مفيدة جدا، لأن بقاء الإقليم متقوقعا على ذاته وعدم الانفتاح على الحكومة الاتحادية غير صحيح”.

ويلفت إلى أن “هناك مشكلة مهمة أيضا، وهي وجود مسلحين من جنسيات إيرانية وتركية يشكلون مصدر قلق بالنسبة لدول الجوار وللحكومة الاتحادية أيضا، والقانون العراقي لا يسمح بهذا التواجد سواء من إيران أو تركيا”.

وكان بارزاني، وصل إلى بغداد يوم أمس الأحد، والتقى السوداني، وبحسب بيان المكتب الإعلامي للأخير، فإن اللقاء شهد بحث أطر العمل بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، ضمن أهداف المنهاج الوزاري، إضافة إلى تشديد الطرفين على أهمية معالجة الملفات الأمنية، وتدعيم الاستقرار والأمن في المناطق الحدودية مع دول الجوار.

يذكر أن بارزاني زار بغداد في 22 من الشهر الحالي، والتقى أيضا بالسوداني، وأكد الأخير في حينها أن التزام الحكومة الاتحادية بالدستور العراقي لمعالجة الملفات العالقة مع حكومة الإقليم بما يضمن حقوق جميع المكونات، فيما بحث اللقاء ملف الأمن بالمناطق العراقية الحدودية.

وتأتي هذه الزيارات في ظل استمرار القصف الإيراني والتركي على مناطق الإقليم، وكل دولة تستهدف مقار الأحزاب المعارضة لها المتواجدة في الأراضي العراقية، وغالبا ما تكون قريبة من بعض القرى والأحياء السكنية، ما يتسبب بوقوع ضحايا مدنيين أو يثير هلع السكان المحليين.

ومن المفترض أن يجري السوداني زيارة يوم غد الثلاثاء إلى إيران، وهي ثالث زيارة خارجية له بعد الأردن والكويت، لبحث ملفات عديدة من أهمها قصف الأراضي العراقية.

وفي هذا الصدد، يبين المحلل السياسي علي البيدر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذه الزيارة تأتي في إطار محاولة إقليم كردستان بدء صفحة جديدة من العلاقة مع حكومة جديدة وبرلمان اتحادي جديد، حيث دائما ما تكون البدايات صعبة وتتطلب حضورا مكثفا وتواصلا حقيقيا ومباشرا، وبارزاني تحديدا يتمتع بعلاقة جيدة مع الأطراف الاتحادية أو التيارات السياسية أو الزعامات”.

ويوضح البيدر أن “حسن علاقة بارزاني بالأطراف السياسية في بغداد جعل قيادة كردستان تختاره ليكون ممثلها في هكذا حوارات نوعية قد تكون بداية لتصفير الأزمات، ولاسيما أن الطرفين وجدا نفسيهما أمام واقع يحتم عليهما إجراء مزيد من الحوارات لتكون عناوين المرحلة المقبلة والحالية”، مضيفا أن “هذه الزيارة تهدف لمعالجة أزمات وليس لإدامة علاقات سابقة، ونتحدث هنا عن القصف الإيراني أو عن التهديد بالاجتياح، فهذه عناوين رئيسة وكبيرة، أما بقية الأمور فيمكن معالجتها بالخطابات الرسمية ووجود ممثلين، ولكن هذه المواضيع لا تحتمل التهاون”.

ويشير إلى أن “إقليم كردستان بدأ يستشعر الخطر الإيراني، وقد تكون زيارة بارزاني التي تأتي قبيل زيارة السوداني إلى إيران هي من أجل إيصال رسائل عن طريق الحكومة الاتحادية، فرسائل الإقليم تكون بطابع الدولة، وهذه نقطة مهمة تدفعه لزيارة بغداد”، منوها إلى أن “هناك تخوفا من اجتياح الجانب الإيراني لبعض مناطق الإقليم، وهذا واضح جدا من خلال اهتمام الإقليم بهذا الموضوع، والأمر لا يتعلق بالاجتياح فقط، وإنما إيقاف القصف يحظى أيضا باهتمام بالغ، ويحاول الإقليم تجنبه بهذه الخطوة”.

وبالتزامن مع زيارة بارزاني، وصل إلى بغداد وفد من الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة رئيس الحزب بافل طالباني وأجرى لقاءات أيضا مع المسؤولين، وأبرزهم رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد.

ومنذ سنوات لم تحسم النقاط الخلافية بين بغداد وأربيل، وقد جرى تبادل مئات الوفود بين الطرفين لغرض حلها من دون جدوى، وبقيت معلقة وترحل من حكومة لأخرى، وأبرزها قضية المناطق المتنازع عليها وتطبيق المادة 140، التي يصر الإقليم على تفعيلها، وقضية حصة الإقليم من الموازنة، التي تثار سنويا مع تقديم كل موازنة وهو ما يسبب بتأخير إقرارها عادة،، إلى جانب قضية تصدير الإقليم النفط ودفعه مستحقات بغداد، وهذا تنص عليه أغلب الموازنات لكن لم يطبق، وفي موازنة 2021 تم الاتفاق على ترحيل تصفية الحسابات بين بغداد وأربيل إلى أجل غير مسمى.

إقرأ أيضا