استرداد أموال سرقة القرن.. حقيقة أم استعراض إعلامي؟

أشّر مراقبون وجود مبالغة صاحبت إعلان رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، عن استرداد نحو 120…

أشّر مراقبون وجود مبالغة صاحبت إعلان رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، عن استرداد نحو 120 مليون دولار من مجموع أموال “سرقة القرن” المعلنة والبالغة 2.5 مليار دولار، كونها لا تصل إلى أكثر من 5 بالمئة، الأمر الذي حمل بعضهم على وصفها بـ“الاستعراض الإعلامي”، هدفها “تبرئة النظام”، بسبب تجاهل الحديث عن الجهات والشركات التي نفذت السرقة، في ظل كشف مصدر مطلع عن مصير بعض تلك الأموال داخل البلاد، والتي حاول المتهم المعتقل نور زهير، توظيفها لشراء عقارات وسط بغداد.

ويقول الخبير الاقتصادي عبد الرحمن المشهداني خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الرقم المعلن لا يشكل سوى نزر يسير، لا يعني شيئا أمام حجم الأموال المسروقة”.

وحول آلية استرداد الأموال، يوضح المشهداني أن “استرداد أموال الداخل تتم بقرار من محكمة التحقيق، وبعد ذلك يخاطب البنك المركزي الجهات المعنية بحجز الأموال والعقارات، أما استردادها من الخارج فيكون بعد اكتمال التحقيق، وفي حال لم يفصح المدان عن مكان الأموال فإن القضية ستبقى مبنية على الشبهات ويجري البحث عن الأموال في دول الخارج”.

ويبين أنه “بعد اكتمال التحقيق يتم تكليف فريق الاسترداد الموجود ضمن هيئة النزاهة بالذهاب مع ممثلين عن الادعاء العام ووزارة الخارجية إلى الدول التي يتم التأكد من وجود الأموال المسروقة فيها”.

وكان السوداني، قد ظهر مساء أمس الأحد، في مؤتمر صحفي، تم الترويج له قبل عقده بساعات، وهو يتوسط 182 مليار دينار (نحو 120 مليون دولار)، معلنا عن استردادها من خارج البلاد، ضمن ما بات يعرف بـ”سرقة القرن”.

وبشأن الوصول إلى أموال المتهم المعتقل نور زهير، يكشف مصدر مطلع في حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الأموال التي كانت بحوزة نور، داخل العراق تبلغ أكثر من 55 مليون دولار، اشترى بها عقارات في بغداد، لكن بما أنه لم يكمل إجراءات تحويلها باسمه قبل عملية القبض عليه، قام بفتح بيانات بها في التسجيل العقاري مع البائعين فقط، ولم تصل عملية البيع إلى مرحلة التقرير النهائي”.

ويوضح المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن “بائعي العقارات للمتهم عندما علموا بالقضية سارعوا إلى إلغاء البيانات وإيقاف عملية البيع، خوفا من عملية الحجز على عقاراتهم أو الأموال التي تسلموها من المتهم كدفعة أولى، وبالتالي فإن من كشف مصير هذه الأموال هم البائعون وليس الجهات الحكومية”.

وقد أعلن السوداني في مؤتمره أيضا أن اللجنة التحقيقية المشكلة، أشرت المخالفات والمقصرين بتسهيل الاستيلاء على أموال الأمانات الضريبية، وهناك جهات داخل هيئة الضرائب وأخرى رقابية ومسؤولة سهلت عملية سرقة الأمانات، مؤكدا أنه سيتم الإعلان عن الجهات التي سهلت سرقة الأمانات بعد إكمال التحقيقات ولن يتم استثناء أي جهة متورطة بالعملية.

كما سرد رئيس الوزراء ما توصلت إليه اللجان التحقيقية، وهي صرف 114 صكا للمتهم نور زهير، بمبلغ إجمالي أكثر من ترليون دينار، صرف 37 صكا بمبلغ إجمالي قدره 624 مليار دينار لشركة بادية المساء، وصرف 66 صكا بمبلغ إجمالي 982 مليار دينار لشركة الحوت الأحدب لمديرها المفوض الهارب عبد المهدي توفيق ومالكها المتهم قاسم محمد، وصرف 45 صكا بمبلغ إجمالي 607 مليارات دينار لشركة رياح بغداد لمديرها المفوض عبد المهدي توفيق ومالكها الملقى القبض عليه حسين كاوة.

وكشف السوداني عن الاتفاق بين محكمة تحقيق الكرخ الثانية مع نور زهير، على جدولة لاسترداد كامل المبلغ في حوزة المتهم، وأن القاضي المختص سيصدر أمرا بإطلاق سراح نور زهير بكفالة لتسليم كامل المبلغ خلال أسبوعين، وأشار إلى أن القسم الأكبر من المبلغ لدى نور زهير هي عقارات.

في السياق ذاته، يوضح الخبير القانوني عدنان الشريفي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هناك قاعدة ضمن قانون أصول المحاكمات الجزائية تنص على أن كل الجرائم التي لم يُعاقب عليها بالإعدام يجوز إطلاق السراح فيها بكفالة، وعليه لا توجد مخالفة قانونية في إطلاق سراح المتهم نور زهير، بكفالة”.

ويشير الشريفي إلى أنه “يجوز أيضا ضمن القانون نفسه أن تقوم المحكمة بعرض العفو على المتهم إذا كان مشاركا في جريمة غامضة غير معروفة الأطراف، مقابل قيام المتهم بكشف خيوط الجريمة وبقية أطرافها”.

يشار إلى أن الكشف عن سرقة القرن، يعود إلى عهد وزير النفط السابق إحسان عبد الجبار، حيث كشف خلال إعلانه استقالته من منصب وزير المالية وكالة، عن سرقة 2.5 مليار دولار (3.7 ترليون دينار) من أموال الضريبة في مصرف الرافدين الحكومي.

بدوره، يرى المحلل السياسي صلاح الموسوي أن “القضية أعقد من أن تنحصر بهذه الأسماء التي ذكرها السوداني، حيث أن العملية اشتركت فيها جهات متنفذة ومعروفة، والاتهامات موجهة الآن إلى أجهزة الدولة”.

ويتابع الموسوي أنه “لغاية الآن ما زالت المبالغ المسروقة غير مضمونة الاسترداد، وخاصة أن الشركات المتهمة غير معروفة وعرفت فقط من خلال هذه السرقة، وبالتالي فإنها واجهات لجهات كبيرة، أما السوداني فإنه يحاول أن ينزه النظام”.

ويعتبر المحلل السياسي أن “ما قام به السوداني هو استعراض إعلامي ليس إلا، إذ أنه لم يفضح كبار الرؤوس المعروفة لدى الشارع”.

وكانت القوات الأمنية اعتقلت المتهم الأبرز بسرقة القرن، نور زهير، في 24 تشرين الأول أكتوبر الماضي، قبيل فراره لخارج العراق بطائرة خاصة من مطار بغداد الدولي، حيث جرى منع الطائرة من الإقلاع بعد صعوده على متنها واعتقاله.

وتحرك العراق أيضا، دوليا لإصدار مذكرة إلقاء قبض من الشرطة الدولية الإنتربول، بحق المسؤول السابق في جهاز المخابرات الوطني ضياء الموسوي، بعد هروبه لخارج العراق، وذلك لاشتراكه بسرقات عديدة منها سرقة القرن وتهريب النفط.

 

إقرأ أيضا