الحد الأدنى لأجور العمال.. هل يملك العراق أدوات تطبيقه؟

أثار إعلان وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي بشأن تحديد الحد الأدنى للأجور ضمن قانون…

أثار إعلان وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي بشأن تحديد الحد الأدنى للأجور ضمن قانون الضمان الاجتماعي المزمع إقراره في البرلمان، الحديث عن حقوق العمال في العراق، وفيما عد نواب ومتخصصون أن من شأن تلك الخطوة تطبيق العدالة الاجتماعية والمساهمة برفع المستوى الاقتصادي للعمال، تساءلوا عن آليات تطبيقه، إذ بينت الوزارة أنها ستعتمد على الجولات التفتيشية للمحال والمطاعم وغيرها وتتجه للتوعية بالتسجيل من أجل ضمان حدود الأجور.

ويقول المحلل الاقتصادي جليل اللامي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الحد الأدنى من الأجور هو أدنى مبلغ يتقاضاه العامل في الساعة أو اليوم أو الشهر بحكم القانون، وتم اعتماد الحد الأدنى من الأجور كجزء من الحماية الاجتماعية التي تتبعها أغلب دول العالم، كون الأسواق الاقتصادية الحرة قد تعجز في بعض الأحيان عن تحقيق العدالة الاجتماعية، لذلك فإن المقررات ستساهم في دعم العاملين في القطاعات غير الحكومية ومنها سياسة الحد الأدنى للأجور”.

ويضيف اللامي أن “خطوة الحكومة العراقية بجعل الحد الأدنى للأجور 450 ألف دينار ستساهم في دعم عدد كبير من العمال المعنيين في جميع أنحاء العراق الذين سيشملهم هذا القانون”، لافتا إلى أنه “بسبب مخاطر سوء الإدارة وتطبيق القوانين، تساهم سياسات الحد الأدنى للأجور الدقيقة التصميم في تعزيز العدالة الاجتماعية بين شرائح المجتمع، بحيث يجب أن يكون الحد الأدنى للأجور أكثر ارتفاعا من الأجر المعيشي الأدنى، وكذلك ينبغي أن يستهدف دائما الموظفين وأصحاب الأجور المنخفضة، ويجب أن تكون الرقابة هي الكفيلة بكيفية تطبيق نظام الحد الأدنى للأجور والقائم على الدلائل”.

ويشير إلى أنه “في هذا النوع من الأنظمة، تعد الرقابة المفتاح الأساسي لنجاح التطبيق، لأن الحد الأدنى للأجور قد يترافق مع عوامل تتأثر بالأوضاع والظروف وعدم الامتثال”.

وكان وزير العمل والشؤون الاجتماعية احمد الأسدي، أعلن أمس الأول، أن الحد الأدنى لرواتب العمال سيكون 450 ألف دينار بدلا من 350 ألف دينار، وذلك مع إقرار قانون الضمان الاجتماعي.

يشار إلى أن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي، ما يزال في أروقة مجلس النواب منذ سنوات، ومن المفترض في حال إقراره أن ينصف طبقة العمال، حيث يشمل العاملين في المهن وجميع النشاطات الاقتصادية مثل سائقي سيارات الأجرة والنقل الخاص وأصحاب المحال التجارية والورش الصناعية وغيرها من النشاطات.

وتعد شريحة العمال في العراق، من أكثر الشرائح التي تتعرض للظلم، فغالبا ما يتعرض العامل لإنهاء خدمة مفاجئ، ولاسيما أن القطاع الخاص ما يزال لغاية الآن من دون ضوابط ومحددات على عكس الدول الأخرى التي ألزمت القطاع الخاص بقوانين محددة، منها الحد الأدنى للأجور والضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى العنصر الأهم وهو توقيع عقد مع العامل.

وبشأن آليات الوزارة في تطبيق آليات القانون يؤكد المتحدث باسم وزارة العمل نجم العقابي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الوزارة تكلّف فرق تفتيش وتجري إحصاءات للشركات الاستثمارية والعاملين في القطاع الخاص والشركات الأجنبية من أجل شمولهم في الضمان الاجتماعي”، مؤكدا أن “عدد العمال المضمونين سابقا كان 250 ألف عامل، بينما الآن تجاوز المليون عامل تم شمولهم بالضمان”.

ويضيف العقابي أن “فرقنا مستمرة في مراقبة المطاعم أو محطات تعبئة الوقود، حيث نشهد في بعض الأحيان تهديدا أو ضغطا على العامل بعد التسجيل في الضمان، ولكن هذه الحالات جميعها ستختفي بعد تشريع القانون بشكل نهائي، وستنطلق حملة تثقيفية مع حملات التفتيش للحث على تسجيل العمال بشفافية ومنحهم حقوقهم”.

ويتابع أن “امتيازات كبيرة يتضمنها القانون كما انه سيخدم القطاع الخاص ويخفف الضغط على القطاع الحكومي، لأن تطبيقه سيجعل النظرة إلى القطاع الخاص مختلفة”.

يذكر أن اللجنة المالية النيابية، أكدت سابقا أن قانون التقاعد والضمان الاجتماعي ليس لتحديد رواتب تقاعد العمال لأن سقف الرواتب له قوانينه الخاصة، مبينة أن القانون ينظم آلية إدارة ملف الضمان الاجتماعي للعمال وإدارة مواردها واشتراكاتها.

وفي هذا السياق، يذكر النائب جواد الغزالي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “هذا القانون من القوانين المهمة في ظل ارتفاع الأسعار الذي سبب مشكلة كبيرة للطبقات الفقيرة، وهذا ما يجعل تشريع القانون بشكل سريع أمرا ضروريا على الرغم من أن المبلغ المذكور (أكثر من 450 الفا) أيضا لا يسد حاجة المواطن”.

ويعتقد الغزالي أن “البرلمان سيناقش القانون ويصوت عليه بعد العطلة التشريعية”، لكنه يفيد بأن “هناك أعدادا كبيرة من العمال لم تسجل، وعلى وزارة العمل اتباع آلية لإحصاء الجميع وليس الاعتماد على العدد المسجل لديها والذي لا يمثل سوى شيء بسيط من أعداد العاملين الكلية في العراق”.

ويردف أن “هناك تخوفا من أن بعض أصحاب العمل يضغطون على العاملين من أجل عدم التسجيل ضمن قاعدة بيانات الوزارة لكي تبقى رواتبهم منخفضة، وهذا يتطلب دراسة دقيقة من متخصصين ومستشارين لتجنب جميع الإشكاليات التي قد تواجه هذا القانون”.

وقد كشفت الإحصاءات الصادرة عن البنك الدولي، أن مستوى البطالة في العراق بلغ 13.7 في المئة، وهو المعدل الأعلى منذ عام 1991، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، مبينا أن نسبة الفقر في العراق شهدت أيضا ارتفاعا خلال العام الماضي لتصل إلى 31.7، لكنها انخفضت قليلا هذا العام لتصل إلى 30 في المئة. الحد الأدنى للأجور.. هل يملك العراق أدوات تطبيقه على أرض الواقع.

إقرأ أيضا