اتفاقية “مذلة” للملاحة.. ما سر احتجاج الكويت على العراق؟

أثارت خطوات الكويت بمنع القطع البحرية العراقية من الوصول للعلامة 117 في خورعبدالله، وتسليم العراق…

أثارت خطوات الكويت بمنع القطع البحرية العراقية من الوصول للعلامة 117 في خورعبدالله، وتسليم العراق مذكرات احتجاج، التساؤل عن عائدية هذه العلامة، ووفقا لمتخصصين فإن هذه النقطة خضعت للاتفاقية المبرمة بين الجانبين، وتستدعي حصول تصاريح من الدولتين للمرور والعمل فيها، لكنهم في الوقت ذاته وصفوا الاتفاقية بـ”المذلة” محملين الحكومات السابقة مسؤولية العمل بها، في ظل دعوات لإلغاء العمل بها.

ويقول استاذ القانون الدولي للبحار حسن العبادي خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “الجانب العراقي بادر بعمليات حفر وتأثيث بهذه القناة من دون موافقة الجانب الكويتي، ما يعتبر خرقا لاتفاقية تنظيم الملاحة مابين العراق والكويت التي عقدت عام 2012 ودخلت حيز التنفيذ في عام 2014”.

وأكد العبادي أن “من حق الكويت أن تطالب العراقيين بتصريح دخول إذا اجتازوا الدعامة 162″، لافتا إلى أن “هذه الإجراءات هي سياقات دولية معمول بها، فالاتفاقية تتضمن أن يكون الدخول للقناة الملاحية والعمل بها بموافقة الطرفين”.

ويرى أن “عدم التنسيق شاب عمل الجانبين، فبالإضافة إلى تقصير العراقيين في عدم الالتزام بأخذ موافقة الكويت، كذلك لم تقم الكويت عندما بدأت العمل في ميناء مبارك بأخذ موافقة العراق، لأن هناك اتفاقية مبرمة بين البلدين تقضي بتنسيق الجانبين معاً عند حصول أي عملية تأثيث للقناة أو دخول سفن للسواحل من خلال برج ملاحة يدعى الشويخ، وهو موجود في الكويت بالإضافة إلى برج جديد تم تشييده في جزيرة فشت العيج”.

وبشأن السياقات الدولية المعتمدة لمثل هذه الحالات، يؤكد الخبير بترسيم الحدود البحرية، أن “المادة 15 لاتفاقية الأمم المتحدة في قانون البحار، تؤكد على ضرورة الاتفاق بين الدول الساحلية المتقابلة مثل العراق والكويت لتنظيم الملاحة”.

وعن الحدود التي رسمتها الاتفاقية يوضح أنها “ركزت على التنسيق بين الطرفين عند حصول أي عمليات تأثيث، ابتداءً من الدعامة 157حتى الدعامة 162، أما بعدهما فلا يوجد أي اتفاق أو ترسيم دولي ينظم ذلك، أي أن الترسيم يشمل قناة خور عبدالله لغاية الدعامة 162”.

يشار إلى أن وزارة الخارجية الكويتية، أعلنت أمس الأول تسليم السفير الكويتي في بغداد طارق الفرج، وزارة الخارجية العراقية، مذكرة احتجاج بشأن قيام ثلاث قطع بحرية عراقية بتجاوز المياه الإقليمية لدولة الكويت، ومطالبتها بسحب هذه القطع فورا خارج المياه الإقليمية.

ويأتي التحرك الكويتي، بعد أن كشف  وزير النقل الأسبق عامر عبد الحبار قبل أيام، عن تجاوز خفر السواحل الكويتي على الحفارة العراقية “ذي قار” داخل خور عبدالله.

وكانت “العالم الجديد”، سلطت الضوء عبر تقرير مفصل عن العلامات البحرية في خور عبدالله وكيف حددت بين العراق والكويت، ووفقا لما جاء فيه فإن القرار 833 لسنة 1993، الصادر عن مجلس الأمن الدولي، قام بتقسيم خور عبد الله مناصفة بين العراق والكويت، فالحدود تبدأ من العلامة 107 إلى 110 وتمثل خط الساحل بين الجانبين، أي تكون المياه للعراق واليابسة للكويت، ومن النقطة 111 إلى 134 هو خور شيطانة، وتمثل خط التالوك لمجرى الينابيع العذبة، وبالتالي أصبح المجال البحري للعراق أكبر من مجال الجانب الكويتي، ومن النقطة 134 إلى 162 هو خور عبد الله، ويكون مناصفة بين العراق والكويت، أي الجزء الشمالي للعراق والجنوبي للكويت.

لكن عضو مجموعة الضغط لإنشاء ميناء الفاو الكبير وائل عبد اللطيف لا يرى “ضرورة” في الالتزام بهذه الاتفاقية التي أسماها “مذلة”، ويعتقد خلال حديث  لـ”العالم الجديد” أن “الترسيم كان خاطئا، إذ أن خور عبدالله مياه إقليمية عراقية صرفة، ولكن وزير الخارجية الأسبق هوشيار زيباري منح الكويت من خلال الترسيم المياه العميقة وترك لنا المياه الضحلة”.

ويتساءل عبد اللطيف عن وجود “ضرورة للالتزام بهذه الاتفاقية المذلة التي جعلتنا نتوقع أن يطلبوا في الأيام القادمة رفع العلم العراقي أو أن يفرضوا رسوما على الملاحة”، وفيما وصف هذا الاتفاق بـ”الخيانة”، أكد أن “الكويت أعطيت حقا لم تستحقه بسبب أشخاص غير مؤهلين أعادوا ترسيم الحدود البحرية”.

ويتابع عبد اللطيف أن “إقدام الجانب الكويتي على طلب تصريح دخول من سفينة عراقية تأتي بعد أيام من زيارة السوداني الذي نصحناه بعدم الذهاب للكويت، وكانت هذه النتيجة”، لافتا إلى أن “إطلاق القيادة البحرية الكويتية نداءات بإيقاف عمليات الحفر، أمر مخالف للقانون ولا يحق لهم وفقا لقانون البحار، ولكن العراق لا يمتلك القوة على الصعيد السياسي ليتخذ إجراءات رادعة”.

يشار إلى أنه بين عامي 2008- 2010، أعدت وزارة النقل خطة “المبادلة” مع الكويت لغرض ترسيم الحدود البخرية، وبموجب هذه الاتفاقية، فإن العراق منح الكويت السيطرة التامة على أغلب المياه، كما جاء في التقرير السابق للصحيفة.

ومؤخرا أثيرت قضية إنشاء الكويت لجزر اصطناعية بغية تقريب حدودها والسيطرة على مدخل خور عبدالله، وهو ما لم يتحرك بشأنه العراق دوليا، بل قدمت الكويت حدودها الجديدة للأمم المتحدة لغرض إقرارها.

ومن جانبه، يفيد خبير الحدود الدكتور غازي الربيعي في حديث لـ”العالم الجديد” بأن “الاتفاقية بين العراق والكويت تنظم الملاحة من العلامة 162 في وسط خور عبدالله رجوعا إلى خور الزبير”.

ويلفت الربيعي إلى أن “هذه المنطقة جرى ترسيمها وحركة السفن فيها يفترض أن تكون منظمة بموجب تلك الاتفاقية وهي محددة بالقرار 833 لمجلس الأمن، لكن المنطقة التي تلي العلامة 162 باتجاه الخليج العربي الذي يطل على قطر والكويت والسعودية ومضيق هرمز هو اتجاه عمق البحر وهو غير مرسم ولم تعمل عليه أي فرق فنية”.

ويؤكد أن “المياه بعد العلامة 162 تعتبر بحرا عاما ومن حق الكويت والعراق أن يتحركا فيه”، مشيرا إلى أن “الكويت بعثت ترسيم الحدود البحرية خاصتها إلى الأمم المتحدة بموجب أمر الأمير 317″، وهو إجراء عده الربيعي “حركة استفزازية ووسيلة ضغط على العراق لإكمال ترسيم حدوده البحرية”.

يذكر أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، زار الكويت الأسبوع الماضي، وبحث هناك خلال زيارته التي استمرت لساعت عدة، التعاون بين البلدين وسبل تطوير العلاقات، وكانت الكويت ثاني وجهة دولية له بعد الأردن.

إقرأ أيضا