ما مصير مشاريع الأمن الغذائي في الموازنة المقبلة؟

مع اقتراب العام الحالي من نهايته وقرب وصول موازنة العام المقبل للبرلمان، تُثار مجددا مسألة…

مع اقتراب العام الحالي من نهايته وقرب وصول موازنة العام المقبل للبرلمان، تُثار مجددا مسألة المشاريع الممولة بقانون الأمن الغذائي، بسبب إطلاق أموال المرحلة الثانية من القانون مؤخرا، واقترانها بأموال موازنة العام الجديد، وهو أمر وصف بالعادي من قبل خبراء، كون القانون نافذا لغاية تنفيذه ولا ينتهي بنهاية العام، وفيما وضعت اللجنة المالية شروطا لآلية تمويل هذه المشاريع، توقع مراقبون سياسيون خضوع الموازنة لسطوة أحزاب السلطة عبر المشاريع.

إذ يقول الخبير الاقتصادي ماجد الصوري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “قانون الأمن الغذائي جارٍ إلى نهاية تنفيذه، ولا ينتهي بنهاية العام، فهو ليس قانوناً للموازنة العامة للبلد، بل هو مشروع تكميلي لموازنة عام 2022”.

وعن مدى صحة تضمين مشاريع قانون الأمن الغذائي في موازنة عام 2023، يوضح الصوري، أن “ذلك قرار إجرائي عائد للحكومة، إلا أن تخصيصاته المالية ينبغي أن يتم أخذها من موازنة عام 2022، أو يمكن إبقاء المشاريع سارية في قانون الأمن الغذائي لعام 2023 بموازاة الموازنة العامة لعام 2023”.

وكانت وزارة التخطيط، أعلنت قبل أيام عن إكمالها المرحلة الأولى من قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، من خلال إدراج 2768 مشروعاً موزعة على 15 محافظة بالإضافة الى وزارة الإعمار وصندوقي إعمار ذي قار والمناطق المحررة، بقيمة أكثر من 4 ترليونات دينار.

يشار إلى أن مجلس النواب مرر قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، في جلسته الـ11 يوم 8 حزيران يونيو 2022، التي حضرها 273 نائبا، وقد تم تمرير هذا القانون بعد تقديمه من قبل اللجنة المالية النيابية، عقب إصدار المحكمة الاتحادية قرارها بإيقاف تمريره بعد وصوله من الحكومة، لأنه ليس من صلاحيات الأخيرة، كونها حكومة تصريف أعمال، ليحل محل الموازنة لهذا العام، حيث تعذر تقديمها بسبب تأخر تشكيل الحكومة الجديدة.

بدوره، يرى عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تكرار المشاريع في الموازنات يتم بشروط، الأول يخص المشاريع المطولة التي تقسم لمراحل، وهو أن يتضمن كل عام تخصيصاً مالياً يتناسب مع حجم الإنجاز الذي وصل إليه المشروع”.

ويضيف كوجر “أما الشرط الثاني فيتعلق بعدم تنفيذ المشروع، ثم اللجوء إلى ما يمكن تسميته بالتدوير المالي، وهو تضمين المشروع في الموازنة القادمة، مع التخصيص المالي المقر في الموازنة أو القانون السابق”.

ويؤشر ظهور مشكلة تشوب عمل المشاريع وتتعلق بالتوقيتات والسقوف الزمنية، لافتا إلى أن “توقيتات الموازنة الحالية لا تتناسب مع قانون الإدارة المالية الذي يقضي بأن الشهر السادس هو التاريخ المحدد لقيام الإدارات والهيئات بإرسال الموازنات إلى الوزارات، فيما ترسل الوزارات موازناتها بتاريخ 15 آب أغسطس إلى وزارتي التخطيط والمالية”.

ويتابع كوجر، أن “وزارتي التخطيط والمالية تقومان بإرسال مسودة الموازنة إلى مجلس الوزراء قبل منتصف الشهر العاشر (تشرين الأول أكتوبر) من كل عام، وبعد التعديلات يقوم الأخير بإرسالها إلى مجلس النواب في 15 تشرين الأول أكتوبر، إلا أن تشكيل الحكومة تم في أواخر الشهر المذكور، لذا لم تعد التوقيتات قائمة في مسارها القانوني”.

جدير بالذكر، أن اللجنة المالية النيابية، أكدت قبل أشهر  حصول الوزارات على التخصيصات المالية الخاصة بها ضمن قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي يعتمد على إجراءاتها وسرعتها في سحب المبالغ المخصصة لها ووضعها في حساباتها، وهذه الأموال ستبقى في الوزارة ويمكن أن تصرف حتى بعد انتهاء السنة المالية.

يذكر أن موازنة العام المقبل، من المفترض أن تصل إلى مجلس النواب خلال الشهر الحالي أو المقبل، بعد إكمالها في مجلس الوزراء. 

وظهرت تسريبات تشير إلى أن بلوغ الموازنة نحو 88 مليار دولار، ولكن لغطا إعلاميا وسياسي رافق تلك التسريبات حول تضمنها إطلاق درجات وظيفية من عدمه.

ويسير البلد حاليا وفق المادة الرابعة في القسم السابع من قانون الإدارة المالية للبلد، المقر من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة عام 2003، على أنه “إذا لم تصادق الجهة ذات السلطة التشريعية الوطنية على الميزانية الفدرالية حتى 31 من شهر كانون الأول ديسمبر، فلوزير المالية أن يصادق، وفقا لأساس المصادقة الشهرية، على أموال وحدات الإنفاق ولغاية نسبة 1 على 12 من المخصصات الفعلية للسنة المالية السابقة إلى حين المصادقة على الميزانية، وتلك الأموال يمكن أن تستخدم فقط لسداد الالتزامات والمرتبات والتقاعد ونفقات الأمن الاجتماعي وخدمات الديون”.

من جهته، يعتقد رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الموازنة القادمة لن تختلف عن مثيلاتها السابقة، إذ ستضع الأحزاب السياسية مصالحها في هذه الموازنة، سواء على مستوى التخصيصات، أو المشاريع الاستثمارية، ما يؤدي لتنمية موارد الأحزاب التقليدية”.

ويضيف الشمري، أن “الموازنة القادمة ستمثل ضماناً لمستقبل بعض الأحزاب السياسية، عبر سياسة استرضائية محاصصية”.

يشار إلى أن العراق حقق فائضا ماليا كبيرا منذ مطلع العام الحالي، نتيجة لارتفاع أسعار النفط العالمية إلى حدود 130 دولارا للبرميل واستقرارها عند حاجز الـ110 دولارات، فضلا عن سداد ديون الكويت، حيث كانت تستقطع ما قيمته 5-7 ملايين دولار يوميا لسداد التعويضات، وذلك إلى جانب قرار منظمة أوبك رفع سقف تصدير البلد من النفط بأكثر من 400 ألف برميل يوميا، ما يضاف إلى الإيرادات الكلية.

إقرأ أيضا