هل تنجح الحكومة بإكمال المشاريع المتلكئة.. أم لـ”فساد” الجديدة كلمة أخرى؟

باتت المشاريع المتلكئة في المحافظات، وجهة الحكومة في المرحلة المقبلة، لاسيما مع وجود أكثر من…

باتت المشاريع المتلكئة في المحافظات، وجهة الحكومة في المرحلة المقبلة، لاسيما مع وجود أكثر من 9 آلاف مشروع متلكئ في عموم البلد، وفقا لمتخصصين ومسؤولين في المحافظات، وفيما يأتي هذا التوجه للحد من “الفساد” الذي يرافق المشاريع الجديدة وإكمال السابقة، كشفت محافظات عن تقديمها مشاريع جديدة للحكومة لغرض تضمينها في الموازنة، رغم عدم علمها لغاية الآن بطبيعة موازناتها وما إذا ستكون على شكل أموال أم ستتحول إلى مشاريع كما جرى سابقا.

ويقول الباحث المختص بالشأن الاقتصادي نبيل جبار التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “1450 مشروعا وعقدا في جميع المحافظات أوقفت قبل 2014، بقرار من مجلس الوزراء خلال حكومة حيدر العبادي آنذاك، بسبب عدم وجود التخصيصات المالية، لكن الحكومات التي جاءت بعد حكومة العبادي لم تعمل على إكمالها، بل ذهبت نحو خلق مشاريع جديدة”.

ويعزو التميمي عدم إكمالها إلى “الرغبة في الحصول على العمولات (الكوميشنات) من المشاريع الجديدة، لأن القديمة قد استنفدت عمولاتها سابقاً”، مُحصياً “عدد المشاريع المتوقفة والمتلكئة في عموم العراق وفي كل السنوات الماضية بـ9000 مشروع وبنسب إنجاز مختلفة، وهي ضمن مشاريع تنمية الأقاليم ومشاريع تابعة للوزارات، وهذا يشمل كل الحكومات المحلية وكل الوزارات”.

ويبين أن “إكمال هذه المشاريع يحتاج إلى أكثر من 200 مليار دولار، وهذا المبلغ لا يمكن توفيره بموازنة سنة واحدة، بل يحتاج إلى تخصيصات لأكثر من خمس سنوات، مع أن يبقى خلال هذه المدة سعر النفط مرتفعاً”، لافتا إلى أن “الحكومة يمكن لها إنجاز ما يقارب 15 بالمئة من هذه المشاريع حالياً إذا توفرت لها التخصيصات المالية ضمن موازنة 2023”.

ويعتقد المختص بالشأن الاقتصادي أن “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني يرغب بإكمال المشاريع المتوقفة والمتلكئة، بدل المشاريع الجديدة، لكن توجه السوداني سيواجه رفضا من قبل بعض القوى السياسية التي تريد مشاريع جديدة من أجل الحصول على عمولات من هذه المشاريع، فالقديمة أخذت حصتها منها”، متوقعا أن “تدفع الضغوطات السياسية السوداني لإطلاق بعض المشاريع الجديدة”.

يشار إلى أن العراق يزخر بآلاف المشاريع التي وضع لها حجر أساس وتم إهمالها بعد ذلك، ولا تزال وسائل التواصل الاجتماعي تتداول صور وضع حجر الأساس لمشاريع في محافظة البصرة قبل نحو أكثر من 8 سنوات، دون تنفيذ المشروع، فضلا عن وجود مشاريع بلغت نسبة الإنجاز فيها أقل من 50 بالمئة وتوقف العمل بها منذ عام 2014، عندما اجتاح تنظيم داعش بعض المحافظات، ومن ثم أهملت لغاية الآن. 

وبحسب الموازنة الاتحادية لعام 2021، فإنها لم تتضمن إنشاء مشاريع جديدة، فيما ركزت على إكمال المشاريع السابقة التي توقفت بسبب الأزمات المالية، كما جرى في تلك الموازنة تحويل موازنات المحافظات إلى إكمال المشاريع بدلا من تسليمها الأموال.

وحتى الآن، يبدو أن المحافظات لا تعرف الآلية المرسومة لموازنة 2023 إن كانت مالية بحتة أم تمويل مشاريع، إذ يبين معاون محافظ نينوى لشؤون التخطيط رعد العباسي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “الحكومة المحلية في نينوى لا تعرف حتى الآن ما هي تخصيصاتها في مشروع قانون موازنة سنة 2023، فالقانون مازال لدى مجلس الوزراء ولم تطلع عليه أي جهة، حتى البرلمان العراقي”.

ويبين العباسي أن “توجه الحكومة المركزية بشأن تخصيصات المحافظات غير واضح المعالم، فهل سيكون عبر تسليم أموال بشكل مباشر كما كان في السنوات السابقة، أو تكون المخصصات موجهة بشكل مباشر نحو المشاريع ومقرة من قبل الحكومة المركزية، دون إرسال الأموال للحكومات المحلية مباشرة”.

ويوضح أن “محافظة نينوى تحتاج إلى إعادة تفعيل المشاريع المتوقفة والمتلكئة لأسباب عديدة، كما تحتاج إلى إحالة مشاريع خدمية جديدة بمختلف المستويات”، لافتا إلى أن “الحكومة المحلية قدمت تقريرا كاملا للحكومة المركزية قبل مدة حول نسبة الإنجاز لبعض المشاريع وكذلك ما تحتاج من مشاريع جديدة”.

جدير بالذكر، أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، شكل فريق الجهد الخدمي والهندسي، بهدف إكمال المشاريع المتلكئة وتوفير الخدمات في عموم المحافظات، وهذا إلى جانب تأكيد السوداني في أكثر من لقاء على أهمية إكمال المشاريع المتلكئة خاصة التي تجاوزت نسبة الإنجاز فيها أكثر من 50 بالمائة.

من جانبه، يؤكد أيضاً المعاون الفني لمحافظ الديوانية أسعد المعموري خلال حديث لـ”لعالم الجديد” أن حكومته المحلية “قدمت شرحا مفصلا لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني خلال زيارته للمحافظة في الأيام الماضية، بشأن المشاريع المتلكئة، والمشاريع الجديدة التي تحتاج المحافظة”.

ويضيف المعموري أن “السوداني وعدنا خيراً بتوفير تخصيصات مالية من أجل إحداث طفرة نوعية في مستوى الخدمات بمحافظة الديوانية، لكن حتى الساعة لا نعرف ما هي التخصيصات التي ستوفر للمحافظة سواء كانت مالية أو مشاريع، فهذا يعتمد على موازنة 2023، والموازنة مازالت قيد الإنشاء لدى مجلس الوزراء”.

ويكشف أن “الحكومات المحلية تعتزم عقد اجتماع مع الحكومة المركزية في بغداد خلال الفترة المقبلة، لمعرفة تخصيصاتها المالية والمشاريع”، لافتا إلى أن “جميع الحكومات المحلية ستقدم تقاريرها كاملة بما تحتاج من أموال ومشاريع خلال المرحلة المقبلة، والاتصال متواصل مع وزارة التخطيط من اجل تحقيق هذا الأمر”.

كما يعد ملف المشاريع الوهمية في العراق، من أبرز ملفات الفساد، وبحسب اللجنة المالية النيابية، فإنها كشفت العام الماضي، عن خسارة البلد أكثر من 200 مليار دولار بسبب المشاريع الوهمية للفترة ما بين عامي 2003 و2013.

من جانبه، يتوقع عضو اللجنة المالية البرلمانية سجاد سالم، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تكون موازنة 2023، مختلفة عن الموازنات السابقة من ناحية التخصيصات المالية للمحافظات وكذلك المشاريع”.

ويضيف سالم أن “المحافظات قد تشهد ثورة خدمية، إضافة إلى فتح فرص عمل كثيرة من خلال هذه المشاريع الخدمية المتوقفة والمتلكئة بسبب الفساد أو عدم توفر التخصيصات المالية خلال السنوات السابقة”.

وأكد “أننا في اللجنة المالية النيابية سنعمل على إنصاف المحافظات كافة من خلال قانون الموازنة”، لافتا إلى أن “البرلمان يمتلك صلاحيات المناقلة بأبواب الصرف، فسنعمل على إعطاء تخصيصات مالية كافية للمحافظات للقيام بثورة خدمية، كما سنعمل على مراقبة صرف تلك الأموال لمنع أي تلاعب فيها أو شبهات كما كان يحدث خلال الحكومات السابقة”.

يذكر أن المستشار السابق في وزارة التخطيط محمد الجبوري، كشف في شباط فبراير 2020، أن المشاريع التي وضع حجر الاساس لها، فإن الاموال التي صرفت لها تكفي لإعادة إعمار المناطق المدمرة، لاسيما وأن هذه المشاريع تنوَّعت ما بين بناء مستشفيات وملاعب رياضية ومحطات توليد الطاقة الكهربائية ومجمعات سكنية وشبكات للمجاري ومشروعات أخرى، مثل المدارس الحديدية الجاهزة.

إقرأ أيضا