سنجار.. هل ينجح السوداني بما أخفق فيه سابقوه؟

تجد حكومة محمد شياع السوداني، نفسها أمام تحدٍ جديد، وهو حل أزمة قضاء سنجار التي…

تجد حكومة محمد شياع السوداني، نفسها أمام تحدٍ جديد، وهو حل أزمة قضاء سنجار التي باتت إحدى معضلات المشهد الأمني والسياسي المحلي والإقليمي، وفيما أكد مسؤول محلي، أن الاتفاق السابق المبرم بين بغداد وأربيل ما زال ساري المفعول، معربا عن أمله بتنفيذه من قبل الحكومة الجديدة، رأى نواب ومراقبون أن السوداني سيتجه لمراجعة الاتفاق، في ظل خلافات بين الأطراف المتنازعة داخل القضاء، والتي عدوها مفتاح الأزمة.

ويقول النائب عن كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني، قائممقام قضاء سنجار السابق، محما خليل، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الاتفاق حول سنجار ما بين بغداد وأربيل حاليا هو عبارة عن حبر على ورق، ولم ينفذ بسبب الضغوط السياسية وبعض الأطراف المسلحة التي لا تريد إعادة الأوضاع إلى وضعها الطبيعي في القضاء”.

يذكر أن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، بحث مع الهيئة الوطنية للتنسيق الاستخباري، يوم أمس، الوضع الحالي في قضاء سنجار، وتم تحديد العوامل المؤثرة على الوضع في القضاء بشكل عام، إقليمياً ومحلياً.

وبشأن نفاذ الاتفاق حتى الوقت الحالي، يبين خليل، أن “الاتفاق مازال ساري المفعول حتى بعد تشكيل الحكومة الجديدة، فهذا الاتفاق تم ما بين مؤسسات دولة دستورية ورسمية وليس شخصيا أو خاصا، ولذا سنعمل على تطبيق فقرات الاتفاق على أرض الواقع خلال المرحلة المقبلة”.

ولكن خليل لم يعدم الأمل في أن “رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني يستطيع تطبيق فقرات اتفاق سنجار ويعمل على إعادة الأوضاع إلى وضعها الطبيعي في القضاء، مع أن هذا الأمر يحتاج إلى تفاهم واتفاق سياسي قبل أي خطوة حكومية”، متوقعا أن “يتمكن السوداني من جمع كافة الأطراف على طاولة الاتفاق والتفاهم”.

ويؤكد أن “العناصر المسلحة ما زالت تنتشر في القضاء وتشكل تهديدا على السلم الأهلي والمجتمعي”، لافتا إلى أن “هذه المظاهر تتطلب موقفا حكوميا حازما لمنع أي مظاهر مسلحة خارج سيطرة الدولة العراقية”.

يشار إلى أن الحكومة الاتحادية أبرمت في التاسع من تشرين الأول أكتوبر 2020، مع حكومة إقليم كردستان اتفاقا وصف بـ”التاريخي” حول سنجار، تضمن إخراج كافة الفصائل المسلحة وعناصر حزب العمال الكردستاني، وإخضاع القضاء لسيطرة القوات الأمنية الاتحادية، لكن هذا الاتفاق لم يطبق على أرض الواقع بسبب فشل بغداد وأربيل في تنفيذه بذريعة التحديات التي واجهتهما على الأرض.

ويشكل قضاء سنجار، الموطن الأصلي للمكون الإيزيدي في العراق، نقطة خلاف كبيرة، بل نقطة صراع داخلي ودولي، بداية من صراع إقليم كردستان والحكومة الاتحادية عليه عقب تحريره من سيطرة تنظيم داعش، إلى اتخاذه من قبل حزب العمال الكردستاني المعارض لتركيا مقرا له، فضلا عن انتشار عدد من الفصائل المسلحة فيه، كما أن سماءه ليست له، إذ باتت ملكا للطائرات الحربية التركية التي تنفذ طلعات مستمرة.

من جهته، يبين النائب عن تحالف الفتح المنضوي في الإطار التنسيقي، كريم عليوي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “حكومة السوداني تنوي مراجعة اتفاق سنجار الذي تم بين الكاظمي وحكومة الإقليم، وستعمل على حل كافة مشاكل القضاء وفق القانون والدستور العراقي لا وفق الأجندة السياسية والحزبية والمصالح الشخصية”.

ويتابع عليوي أن “السوداني عازم وبشكل حقيقي على حل كافة الخلافات والمشاكل العالقة بين بغداد وأربيل، وملف قضاء سنجار أحد أهم هذه الملفات، لاسيما أن سنجار مدينة عراقية تابعة لسيطرة الحكومة الاتحادية”.

ويرجع عدم تطبيق بعض فقرات اتفاق سنجار الذي تم سابقاً إلى “ضعف حكومة الكاظمي وعملها على المجاملة واتخاذ القرارات وفق المصالح الشخصية والحزبية”، لافتا إلى أن “المرحلة المقبلة ستشهد تنفيذا حقيقيا لهذا الاتفاق من قبل حكومة السوداني بعد مراجعة فقرات الاتفاق، وسيكون هناك تنسيق عالي المستوى مع حكومة الإقليم لحسم هذا الملف سريعاً”.

وكشفت “العالم الجديد”، في تقرير سابق، عن منح رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي الضوء الأخضر للرئيس التركي رجب طيب إردوغان، خلال لقائهما في أنقرة، بالدخول إلى سنجار، بسبب عجزه عن تنفيذ اتفاق بغداد-أربيل للسيطرة على القضاء وطرد عناصر حزب العمال الكردستاني منها، بحسب مصادر حضرت اللقاء.

لكن الخبير الاستراتيجي ماهر جودة، يذكر خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “تنفيذ اتفاق سنجار ما بين بغداد وأربيل لا يحتاج إلى اتفاق حكومي، بقدر الحاجة إلى اتفاق سياسي، وعدم وجود هذا الاتفاق خلال الفترة الماضية، كان ابرز أسباب عدم تنفيذه بالشكل الصحيح”.

ويبين جودة أن “خلافات سياسية وأمنية و اقتصادية ما بين عدد من الأطراف السياسية وحتى المسلحة تدور  قضاء سنجار، ولهذا لا يمكن للحكومة الاتحادية أو حكومة الإقليم تحقيق أي انجاز بهذا الملف دون حل الخلافات ما بين الأطراف المتصارعة، ودون ذلك سيبقى اتفاق سنجار حبرا على ورق”.

ويكمل أن “توقيع هكذا اتفاقيات لا تسقط عند تغيير الحكومات، فهذه الاتفاقيات تبقى سارية المفعول، فهي اتفاق ما بين مؤسسات رسمية لا شخوص، ولهذا فإن اتفاق سنجار ما بين بغداد وأربيل واجب التنفيذ من قبل حكومة محمد شياع السوداني، وكذلك حكومة الإقليم، حتى بعد انتهاء حكومة الكاظمي”.

وقد تعرض المكون الإيزيدي في سنجار غربي نينوى، في 3 آب أغسطس 2014 إلى اجتياح من قبل تنظيم داعش الذي قام بتنفيذ إبادة جماعية تمثلت بقتل الآباء والأبناء والنساء، من كبار السن والشباب خلال عمليات إعدام جماعية، فضلا عن سبي (خطف) النساء والفتيات والأطفال.

إقرأ أيضا