ارتفاع سعر الدولار.. بنوك علي غلام وراءه والخزانة الأمريكية أمامه

خفايا عدة تقف خلف الارتفاع السريع لسعر صرف الدولار أمام الدينار في السوق المحلية، ومنها…

خفايا عدة تقف خلف الارتفاع السريع لسعر صرف الدولار أمام الدينار في السوق المحلية، ومنها وفقا لخبير اقتصادي، إيقاف أهم 4 مصارف عن العمل والتي كانت تسحب أكبر كمية من الدولار عبر مزاد العملة، فضلا عن تهديد الخزانة الأمريكية للبنوك الأهلية في العراق، وإخضاعها للرقابة للحد من تمرير معاملات “مشكوك بها”، إلى جانب “تراجع” بعض قوى الإطار التنسيقي النظر عن أبرز شعار رفعه في المرحلة السابقة بضرورة إعادة سعر الصرف، مضافا لها ارتباط البنوك الأهلية بشخصيات سياسية متنفذة، وارتفاع سعره الذي يخدم مصالحها، كما يرى مراقبون، لكن الإطار نفى بالمقابل ذلك، وأكد أنه يسعى لعودة السعر لسابق عهده “بشكل تدريجي”. 

ويقول الخبير في الشأن المالي والاقتصادي نبيل جبار التميمي خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “الدولار المنتشر في السوق العراقية مصدره البنك المركزي، والأخير يبيع الدولار عبر نافدة بيع العملة، وهذه النافذة هي من تغذي السوق بالحوالات او السوق المباشر وهذا التعامل يتم عبر المصارف ومكاتب الصيرفات وهي الموزع الرئيسي للدولار بالسوق وتعامل المواطنين”.

ويضيف التميمي، أن “البنك المركزي أوقف تعامل نافذة بيع العملة مع أربعة مصارف تابعة لـعلي غلام، وعلى اثر هذا الإيقاف شهدت مبيعات البنك المركزي انخفاضا عاليا، وهذا الانخفاض لم تتم تغطيته خلال الشهر الماضي، وهذا كان ابرز أسباب ارتفاع سعر الدولار خلال الأيام الماضية”.

ويوضح أن “الخزانة الأمريكية بدأت بخوض نقاشات مع البنك المركزي والبنوك الأهلية، وأوصلت نوعا من التهديد لهذه المصارف بفرض العقوبات، وهذا ما دفع المصارف إلى اتخاذ آليات جديدة في التعامل مع الدولار من اجل حماية أنفسهم، وضمن هذه الإجراءات تقليل شراء الدولار، إذ أن معاملة مشكوك فيها لا تمررها هذه المصارف، خشية من العقوبات الأمريكية”.

ويؤكد الخبير في الشأن المالي أن “هذين العاملين كانا سببا في انخفاض مبيعات البنك المركزي، وهذا الانخفاض وصل لأكثر من 60 بالمئة، وهذا ما أدى إلى فجوة بالطلب، واتضح هذا النقص في الأيام الأخيرة وأدى لرفع سعر الصرف في السوق المحلي”.

ويلفت التميمي إلى أن “البنك المركزي اصدر تعليمات جديدة من خلال زيادة المبيعات للصيرفات وهي خطوة للسيطرة على السوق من جديد وهذا القرار سيدفع إلى رجوع الدولار إلى وضعه الطبيعي خلال الأسبوع المقبل كحد أقصى”.

وخلال الأيام الماضية ارتفع سعر صرف الدولار أمام الدينار في السوق المحلية، ووصل إلى 152 ألف دينار لكل مائة دولار، ومن ثم انخفض إلى حدود 149.5 ألف دينار لكل مائة دولار، بعد أن كان ثابتا بنحو 145 ألف دينار لكل مائة دولار منذ تغيير سعره في مطلع العام 2021 بقرار حكومي دعمه البنك المركزي العراقي.

وكانت 4 مصارف أهلية، تعرضت الشهر الماضي، لعقوبات من أبرزها مصرف الشرق الأوسط، وهي جميعها مملوكة لرجل الأعمال علي غلام، الذي وصل إلى العراق مؤخرا، واعتقل في مطار بغداد الدولي، بناء على مذكرة إلقاء قبض صادرة بحقه وفق المادة 456، ومن ثم أطلق سراحه بكفالة. 

يشار إلى أن ممثل الخزانة الأمريكية، اجتمع أواخر الشهر الماضي، مع ممثلي 35 مصرفا أهليا عراقيا، لتحذيرهم من قضايا تهريب الدولار من العراق والالتزام بالتعليمات في ما يخص حوالات العملة الصعبة لغرض الاستيراد، متوعدا إياهم بصدور عقوبات في حال عدم الالتزام، وقد عقد الاجتماع بغياب البنك المركزي العراقي، واستمر لساعتين، حسب ما تم تسريبه من معلومات. 

من جهته، لا يبرئ المحلل السياسي أحمد الشريفي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، “ارتفاع سعر صرف الدولار من التدخلات السياسية، خصوصاً مع التصريحات المتواصلة بنية خفض السعر خلال المرحلة المقبلة”.

ويبين الشريفي أن “التصريحات الإعلامية تتحكم عادة بالمشهد الاقتصادي، خصوصاً المتعلقة بقضية سعر الصرف، ولهذا نجد مع كل حملة لتخفيض سعر الصرف عدم استقرار بالسوق، وهذا الأمر لا يخلو بكل تأكيد من الأجندة السياسية”.

ويرى أن “عدم استقرار سعر صرف الدولار يصب بكل تأكيد في صالح البنوك الأهلية ومكاتب الصيرفات التي تسحب العملة من البنك المركزي، وتبيع هذه العملة للمواطنين، خصوصاً أن الكل يعلم ان هذه المصارف والشركات تابعة لجهات وشخصيات متنفذة، ولهذا هي المستفيد من عملية عدم استقرار سعر الصرف”.

الإطار منقسم

إلى ذلك، يبين مصدر مطلع خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “هناك انقساما داخل قوى الإطار التنسيقي بشأن إعادة سعر الدولار كما كان سابقا، فبعضها قررت عدم التدخل بالأمر وتركت الوضع كما هو عليه ، فيما تضغط الأخرى لتحقيق هذا المطلب”.

ويوضح المصدر أن “إعادة سعر صرف الدولار كان من أبرز أوراق الإطار التنسيقي التي استخدتها خلال الحكومة السابقة وضغطت لتحقيقه عبر طرق عدة كما أكدت أن هذا الأمر سيتحقق فيما لو شكلت هي الحكومة الجديدة، والآن تراجعت عن هذا الهدف، لكن بالمقابل فأن بعض القوى تحاول تحقيقه بهدف إظهار أنه جرى تحقيق أحد الوعود التي منحوها”. 

وجاء ارتفاع سعر الصرف في السوق المحلية، بالتزامن مع انخفاض مبيعات البنك المركزي من الدولار، منذ مطلع الأول من الشهر الماضي، حيث كانت تتراوح بين 230 مليون دولار يوميا كمعدل، اصبحت 140 مليون دولار كمعدل، وهذا الأمر مستمر لغاية الآن.

ودفع انخفاض مبيعات البنك المركزي وارتفاع سعر الصرف في السوق، رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى عقد لقاء طارئ مع محافظ البنك المركزي، حيث وجه السوداني باتخاذ الإجراءات اللازمة لتوفير العملة الأجنبية في السوق المحلية.

وعقب اللقاء، أصدر البنك المركزي قرارا بزيادة سقف المبيعات للمسافرين والموظف الموفد إلى خمسة آلاف دولار في الشهر بعد أن كانت 3 آلاف دولار، وأعلن استعداده لتلبية احتياجات المواطنين من العملات الأجنبية.

ورداً على هذا  الأمر، يوضح النائب عن الإطار عارف الحمامي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “قوى الإطار لم تتخل عن هذه القضية وهذه ليست شعارات سياسية أو انتخابية، بل نعمل على ذلك بشكل حقيقي وفق الإجراءات القانونية والدستورية، بالتنسيق والتشاور مع الجهات الحكومية المختصة”.

ويضيف الحمامي “نسعى إلى خفض سعر الدولار بشكل تدريجي خلال الفترة المقبلة، لكن هذا الأمر من صلاحية البنك المركزي العراقي، ولهذا سنعمل على استضافة المسؤولين في البنك في البرلمان خلال الفترة المقبلة لمناقشة هذا الأمر معهم”.

ويفيد بأن “ارتفاع أسعار النفط في السوق العالمي، تغني العراق عن خطوة بقاء سعر صرف الدولار، ولهذا سنعمل على هذا التخفيض، لكن يبقى هذا الأمر بيد البنك المركزي، وسنعمل على الضغط من أجل هذا التخفيض لما فيه من مصلحة للفقراء”.

يذكر أن الإطار التنسيقي، قد حول قضية إعادة سعر صرف الدولار لسعره السابق 118 ألف دينار لكل مائة دولار، لأهم شعاراته خلال المرحلة المقبلة، وكان رئيس الحكومة محمد شياع السوداني قد ظهر قبل تسمنه منصبه وطالب بهذا الأمر أيضا وشدد على ضرورة إعادة الصرف، لكن بعد توليه المنصب ظهر بمؤتمر صحفي وأكد أن الأمر من صلاحيات البنك المركزي وهو يتخذ القرار وفقا لما يراه مناسبا.

يشار إلى أن وزير المالية السابق علي علاوي، أعلن في أيار مايو الماضي، أن خفض قيمة الدينار العراقي أدى إلى الحفاظ على احتياطيات العملة الأجنبية لدى البنك المركزي العراقي بعد المستويات المنخفضة والحرجة التي وصلت إليها في أواخر عام 2020، كما أن التعافي في أسعار النفط والإدارة المالية “الحكيمة”، ساعد على بلوغ الاحتياطي المالي 70 مليار دولار بحلول نيسان أبريل الماضي، ومن المتوقع أن يؤدي التعافي المستمر لأسعار النفط إلى زيادة هذه الاحتياطيات لأكثر من 90 مليار دولار بحلول نهاية العام الحالي.

إقرأ أيضا