لن تختلف عن سابقاتها.. ناشطون: لجنة التحقيق بأحداث الناصرية “ستحمي المسؤولين”

يتجدّد الحديث عما جرى في الناصرية، بعد أن كشف المحافظ أن اللجنة التحقيقية تعمل منذ…

يتجدّد الحديث حول ما جرى في الناصرية مركز محافظة ذي قار، بعد أن كشف المحافظ أن اللجنة التحقيقية تعمل منذ أيام، وأنه سيتم الكشف عن المتورطين الحقيقيين فيها، ما قوبل بهجوم من ناشطين ومراقبين للشأن السياسي، اعتبروا أن اللجان التحقيقية مهمتها إبعاد التهمة عن المسؤولين وحمايتهم وتزييف الحقائق، مؤكدين أن الحكومة الحالية لن تختلف عن سابقاتها بهذا الشأن.

ويقول أمين عام جبهة تشرين واثق لفتة خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “اللجنة المشكلة لكشف ملابسات أحداث تظاهرات الناصرية لا تختلف عن اللجان التي تشكلها كل مؤسسات الدولة يكون غرضها التزييف والمماطلة وإيهام الرأي العام، وإرسال رسائل كاذبة للإعلام، من ثم القضاء على الاحتجاج وسلب حقوق المتظاهرين الذين يطالبون في كل تظاهرة بالكشف عن قتلة زملائهم”.

ويضيف لفتة إلى أن “الأسلوب القمعي لم يتغير حتى في ظل حكومة السوداني”، مبيناً أن “النهج الحكومي بقي ثابتا في التعامل مع ملف التظاهرات، إذ أقدمت القوات الأمنية على قتل ثلاثة شبان، وجرح أكثر من عشرين آخرين”.

ويلفت إلى أن “الحكومات التي يشكلها الإطار لا تتعامل بحسن نية مع حركات الاحتجاج، أو أي رفض شعبي لتوجهاتهم السياسية”.

وكان محافظ ذي قار محمد الغزي، أعلن يوم أمس، أن اللجنة التحقيقية بأحداث الناصرية توصلت على مدار ثلاثة أيام من عملها إلى نتائج أولية عن المقصرين، وأن القضية لن تقيد ضد مجهول، وأن المتورطين سيمثلون أمام القضاء لينالوا جزاءهم، مؤكدا أن الحكومة المحلية في ذي قار، ومن خلفها الحكومة الاتحادية في بغداد، مصممتان على الوصول إلى الحقائق الكاملة عن الأحداث والوقوف على الجهات المقصرة والمتورطة بإطلاق الرصاص.

وانطلقت مساء الأربعاء الماضي، تظاهرات كبيرة في مدينة الناصرية للمطالبة بحقوق ضحايا تظاهرات تشرين وخاصة قطع الأراضي التي وعدوا بها، لكن سرعان ما جوبهت بقمع من قبل القوات الأمنية التي استخدمت الرصاص الحي ومختلف الآليات لإنهاء التظاهرة، ما تسبب بمقتل 3 متظاهرين وإصابة أكثر من 20 آخرين.

واستمرت عمليات الكر والفر في الناصرية بين المتظاهرين والقوات الأمنية، وسط حالة من الهلع بسبب الاستخدام المكثف للرصاص الحي، ما دفع المتظاهرين إلى التوجه لمقار الأحزاب في المدينة وخاصة المرتبطة بالإطار التنسيقي.

من جانبه، يرى رئيس منظمة تشرين لحقوق الإنسان علي الدهامات خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “اللجان لها وظيفة واحدة، هي إبعاد المسؤولين عن واجهة الحدث، وتصدير اللجان كواجهة تنشغل معها المنظمات الحقوقية والمواطنين والإعلام”.

ويتابع أن “الغرض من تشكيل اللجان إيهام المواطنين والمنظمات الدولية والحقوقية بوجود ديمقراطية في عراق ما بعد 2003، وتصدير لمفهوم الشفافية”، مشيراً إلى “عدم قدرة الطبقة السياسية الحالية على بناء جسور الثقة بينها وبين المواطنين من جهة، ومع المنظمات الدولية من جهة أخرى”، مبيناً أن “تقادم الزمن وبروز أحداث جديدة على الساحة كفيل بنسيان الشعب العراقي لحدث جلل كقتل المتظاهرين”.

وفي العراق، تشكلت مئات اللجان التحقيقية، سواء نتيجة لأحداث أمنية او قضايا فساد أو غيرها، لكن أكثرها لم تخرج بنتائج حاسمة ومرضية للرأي العام، ومنها لجان التحقيق بقتل المتظاهرين واللجان الخاصة بالتفجيرات أو بمخالفات إدارية ارتكبت من قبل مسؤولين.

يذكر أن اللجنة التحقيقية بأحداث الناصرية، شكلت بأمر مباشر من السوداني، في ليلة التظاهرات ذاتها، وشدد الناطق العسكري باسمه اللواء يحيى رسول على أنه لن يتم استثناء أي جهة كانت من التحقيقات في حال ثبت تورطها.

بدوره، يشكك المحلل السياسي صلاح الموسوي خلال حديث لـ “العالم الجديد” في “نية أي لجنة تشكل، فقد عاصرت اللجان السابقة، وشهدت على عدم مهنيتها، ففي أقصى الحالات كانت تحاسب ضباطاً، وتتجاوز عن المتورطين الحقيقيين”.

ويضيف أن “الجيش في ظل الحكومة الحالية بدأ ينتهج النهج نفسه إبان حكومة عادل عبد المهدي”، مشيراً إلى أن “الحكومة زجت الجيش في صراعات شعبية، وهذا خطر كبير على مسار الديمقراطية في العراق”.

يذكر أن العديد من اللجان التحقيقية شكلت سابقا بشأن أحداث التظاهرات صرا، بدءا من تظاهرات تشرين الأول أكتوبر 2019 وما تلتها من أحداث في بغداد والناصرية وغيرها من المحافظات، لكن جميعها تم تسويفها ولم تسفر عن نتائج حقيقية أو إجراءات بحق المقصرين.

وشهدت الناصرية ما بات يعرف بـ”مجزرة جسر الزيتون”، حيث عاشت أقسى ليلتين بتاريخ 28– 30 تشرين الثاني نوفمبر 2019، إذ سقط خلالها 32 قتيلا و220 جريحا، وذلك في ذروة “انتفاضة تشرين”، حيث كان المتظاهرون يسيطرون على جسر الزيتون وسط الناصرية، بالإضافة إلى الجسور والدوائر الأخرى، لكن جرى استخدام العنف المفرط بعد تكليف رئيس الوزراء الأسبق عادل عبدالمهدي، الفريق الركن جميل الشمري بترؤس خلية الأزمة في ذي قار، والذي تم اتهامه بتنفيذ المذبحة وفتح النار على المتظاهرين المعتصمين فوق الجسر، بهدف استعادة سيطرة القوات الأمنية عليه.

إقرأ أيضا