معيل العاطلين المذموم.. هل توقف القوانين انتشاره

عاشت “التك تك” عصرها الذهبي في تشرين 2019 وما بعده، فهذه المركبة ذات العجلات الثلاثة…

عاشت “التك تك” عصرها الذهبي في بغداد خلال تشرين الأول أكتوبر 2019، فهذه الدراجة النارية ثلاثية العجلات، سمح لها حجمها الضئيل بالتنقل بين آلاف المتظاهرين في ساحة التحرير وسط العاصمة، إبان فترة حكومة عادل عبد المهدي، لأداء دور الإسعاف الفوري لمئات من المصابين على جسري الجمهورية والسنك، والشوارع المحاذية أثناء التراشق مع قوات مكافحة الشغب.
 

سائقوها وغالبيتهم من المراهقين والشبان العاطلين، في مدينة الصدر والمناطق الشعبية الفقيرة الأخرى، فقدوا تدريجيا نجوميتهم داخل المجتمع بعد ثلاثة أعوام، بسبب الانتشار الكبير لهذه الدراجة وتحولها من إيقونة للثورة تعلوها سارية العلم العراقي أينما تحل، إلى إحدى رموز الفوضى والضوضاء التي يشهدها قلب العاصمة وشوارعها المزدحمة، وتزاحم المارة والعجلات، ما جعلها عرضة للانتقاد والتذمر، في ظل مساع حكومية لشمولها بقوانين المرور العامة التي ستحد من تواجدها وتكاثرها غير الاعتيادي.
 
“الحالة المعيشية الصعبة” هي التي أجبرت حيدر الركابي (18 عاما) على اتخاذ التك تك كمصدر رزق له ولعائلته، والذي يقول خلال حديث لـ”العالم الجديد” إن “الشاب العراقي بلا مستقبل، فلا تعليم ولا حقوق، ولا أي ضمان، بالتأكيد يتجه إلى مصادر رزق متعددة”، مؤكدا أن “التك تك أصبحت متداولة في العراق ومن السهل الحصول عليها”.
 
ويضيف الركابي أن “بعض الناس تحاول تشويه سمعتنا، فنحن مواطنون في النهاية، وهناك من هو جيد او سيئ، واذا كان هناك بعض سائقي التك تك سيئين فلا ينطبق هذا على الجميع، فنحن نلهث وراء أرزاقنا فقط”.
 
ويتابع أن “الحياة شاقة، ومهنتنا لا تخلو من المَخاطر، نحن نعيش تحت مزاجية القرارات، والقوات الأمنية التي تقوم بمضايقتنا”، مطالبا الحكومة بـ”حل ناجع وبديل لتوفير لقمة العيش”.
 
وكانت مديرية المرور العامة، أعلنت في العاشر من كانون الأول ديسمبر الحالي، عن توجيه من وزير الداخلية عبدالأمير الشمري، يقضي بالمحاسبة وفقا لقانون المرور النافذ رقم 8 لسنة 2019 على جميع المخالفات المنصوص عليها في قانون المرور وستكون المحاسبة شديدة، داعية مستخدمي الطريق إلى الالتزام بالقوانين والتعليمات المرورية.
 
وبعد يومين من القرار، أعلنت مديرية المرور عن تسجيل 14 ألف مخالفة مرورية في بغداد والمحافظات الأخرى، استنادا للتوجيهات بتطبيق قرار وزير الداخلية، مؤكدة أنها مستمرة بفرض “هيبة القانون المروري”، لإيجاد أفضل السبل الكفيلة لجعل الشارع أكثر انسيابية حفاظاً على أرواح المواطنين.
 
لكن مصطفى بسام الذي يسكن مدينة الصدر، ينتقد أصحاب التك تك، يقول لـ”العالم الجديد” إن “التك تك نقمة حلت على العراق، وبعيدا عن كونها ظاهرة لا تليق بهذا البلد، مظهرة إياه وكأنه دولة فقيرة غارقة في الفوضى، فإنها في الوقت ذاته تتسبب بأذى كبير لبعض السائقين”.
 
ويضيف بسام، أن “غالبية سائقيها من الأعمار الصغيرة، وبالتالي لا يلتزمون بقواعد السير أو المرور، بل يتسببون بحوادث كثيرة”.
 
ويتابع أن “بعضا منهم يستخدمونها في تمرير المخدرات، ويتسببون بالأذى لأصحاب السيارات، وعلى الرغم من كونها مصدر رزق لكثير من العائلات الفقيرة، إلا أنه يجب تشديد الإجراءات بحق المخالفين منهم لكي نستطيع منع هذه التجاوزات”، مطالبا في الوقت ذاته بـ”إيقاف استيرادها فهي ظاهرة غير حضارية”.
 
وكانت المديرية قد أعلنت في شهر تشرين الثاني نوفمبر الماضي، عن تسجيل 6 آلاف و678 حادثاً مرورياً خلال الأشهر العشرة الماضية من العام الحالي، وأن 70 بالمئة منها بسبب عدم التزام السائقين بالتعليمات المرورية.
 
وانتشرت خلال السنوات الماضية، ظاهرة الدراجات النارية ذات العجلات الثلاثة “التك تك” و”الستوتة”، حيث تعمل كعربات نقل أشخاص وبضائع بسيطة، وفي البداية كان ظهورها مقتصرا داخل الأسواق الشعبية المغلقة التي لا تدخلها السيارات، وبعد ذلك تطور ليشمل كافة المناطق، وبدأت بالعمل بشكل طبيعي على نقل الركاب بين منطقة وأخرى.
 
وغالبا ما يكون ثمن تلك الدراجات معقولا لأي شاب يود البدء بمشروع صغير، ويبلغ نحو 2500 دولار كمعدل لسعرها، ما يدفع العديد ممن لا يملكون فرص عمل أو أدنى مؤهلات إلى العمل فيها، فتجد هناك تهافتا واضحا نحوها، على الرغم من افتقار تلك الدراجات إلى شروط السلامة، ودائما ما تؤدي حوادثها الى إصابات بليغة لصاحبها.
 
وتعليقا على ما ورد، يبين مدير إعلام مديرية المرور العميد زياد القيسي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أنه “لدينا خطة بخصوص أصحاب التك تك”، مؤكدا أن “مدير المرور العامة منحهم مهلة حتى نهاية كانون الأول ديسمبر الحالي، وبعدها يتم اتخاذ الإجراءات القانونية لمحاسبتهم وفق القانون”.
 
ويبين القيسي أن “القانون يقضي بوجوب تسجيل هذه المركبة، وإذا لم يسجلها أصحابها نتعامل معهم وفقا للقانون، وخلافه فإنها تحال بدعوى قضائية على الجمارك أي تصادر”، لافتا إلى أن “تعليمات ستصدر بشأن تنظيم قيادة هذه العجلة”.
 
وكانت مديرية المرور العامة، أصدرت قرارا في 10 آب أغسطس 2021، يقضي بمنع قيادة الدراجات ذات العجلتين والثلاث عجلات التك تك والستوتة بأنواعها المسجلة وغير المسجلة في دوائر المرور على الطرقات السريعة والرئيسية في بغداد والمحافظات لمخاطرها واستغلالها في العمليات الإرهابية والجنائية، وان يكون تجوالها داخل حدود المناطق السكنية فقط.
 
ودائما ما تنشر صور في وسائل التواصل الاجتماعي، بشأن العدد الكبير للتك تك في شوارع بغداد، وترفق بسؤال “هل نحن في العراق أم الهند”، وذلك نظرا لانتشار التك تك في الهند منذ سنوات طويلة، وأصبحت وسيلة النقل الأساسية فيها.

إقرأ أيضا