بعد شعار “التحرير”.. لماذا تراجع “الإطار” عن حماسه ضد القوات الأمريكية؟

بعد أن كان ملف إخراج القوات الأجنبية من العراق، من أبرز ما نادى به الإطار…

بعد أن كان ملف إخراج القوات الأجنبية من العراق، من أبرز ما نادى به الإطار التنسيقي خلال الحكومة السابقة، واستخدمه ضدها، اتخذت الحكومة الحالية المشكلة من قوى الإطار، الصمت تجاه هذا الملف، وهو ما ربطه محللون سياسيون بهدنة أمريكية إيرانية، بالإضافة إلى عدم التأثير على حكومة السوداني، كما كان يستخدم الملف كـ”ورقة ضغط” ضد خصومه، فيما نفى الإطار ذلك، مبررا تأجيل الحديث عنه لأولويات تتعلق بتوجه الحكومة نحو الملفات الخدمية.
 
ويقول رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، إن “بعض الأطراف السياسية وكذلك الفصائل المسلحة، استخدمت ملف إخراج القوات الأمريكية من العراق كجزء من أوراق الضغط التي تمارس على واشنطن أو الحكومة العراقية، كما أن الإطار التنسيقي بجناحه العسكري والسياسي، وجد في هذا الملف هدفه لتوجيه الاتهامات نحو حكومة الكاظمي السابقة والكثير من الشخصيات”.
 
ويضيف الشمري، أن “الإطار التنسيقي استغل ملف التواجد الأمريكي من أجل الضغوط بشأن التحالفات السياسية، ومحاولة إبعاد الولايات المتحدة الأمريكية عن التدخل في بعض المسارات المتعلقة بتشكيل الحكومة وما قبل ذلك”.
 
ويتابع أن “الأمر أصبح مختلفا الآن، فالحكومة الحالية تابعة للإطار التنسيقي والإطار يدرك جيداً أن قضية تواجد القوات الأمريكية لا بد أن يخضع لمعايير دولية ومعايير العلاقات، وليس معايير السلوك السياسي أو الضغوط السياسية، ولهذا هو يتجنب في الخوض أو الدخول بهذا الملف”.
 
ويعتقد الشمري أن “الإطار التنسيقي قد يبرر هذا الصمت عن التواجد الأمريكي في العراق، بأن حكومة السوداني وضعت في برنامجها الحكومي إعادة تقييم تواجد تلك القوات، وهذا يرفع الحرج عنهم لحد كبير، كما أن رئيس الوزراء يدرك أن هناك حاجة ماسة لاستمرار التعاون مع التحالف الدولي والولايات المتحدة الأمريكية، على مستوى الجهد والدعم الاستخباراتي واللوجستي والضربات الجوية، رغم أن هذا الأمر يتقاطع مع متبنيات الإطار التنسيقي، لكن الإطار في النهاية سوف يخضع لرؤية القائد العام للقوات المسلحة”.
 
ويجد رئيس مركز التفكير السياسي أيضا أن “الأمر مرتبط بالهدنة غير المعلنة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، ولا يوجد تصعيد بين الدولتين، وهذا الأمر انعكس على المطالبة بإخراج القوات الأمريكية من العراق، ولهذا لم يعد هذا الملف ملحاً بالنسبة لإيران”.
 
ومنذ عامين، صعدت الفصائل المسلحة وقوى الإطار التنسيقي من مطالباتها بإخراج القوات الأمريكية من العراق، وضغطت بكل السبل لتحقيق هذا الأمر، وهذا إلى جانب ظهور فصائل بأسماء وهمية، تبنت كافة عمليات استهداف المصالح الأمريكية في العراق.
 
يشار إلى أن رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي، أعلن مطلع العالم الحالي، عن انتهاء الدور القتالي للقوات الأمريكية وقوات التحالف الدولي في العراق، وتم استلام كل المعسكرات من قبل القوات العراقية، وأكد أنه “يتواجد حاليا عدد من  المستشارين يعملون إلى جانب قواتنا الأمنية”.
 
 يذكر أن الحديث عن انسحاب القوات الأمريكية، بدأ يتصاعد منذ تموز يوليو 2021، وذلك عقب زيارة الكاظمي إلى العاصمة الأمريكية واشنطن، ولقائه الرئيس الأمريكي جو بايدن، بالتزامن مع مفاوضات الجولة الرابعة والأخيرة من الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن، التي كان ملف انسحاب القوات الأمريكية القتالية من العراق في مقدمتها.
 
إلى ذلك، يبين المحلل السياسي غالب الدعمي، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، أن “من الواضح إن الإطار التنسيقي يتبع سياسة براغماتية، فهو لا يريد فتح الملفات التي تثير له المشاكل، إذ يرغب بأن يسير في حكومة محمد شياع السوداني لحين إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، وثم يبدأ بحكومته الحقيقية، فحكومة السوداني ليست ملكا حقيقيا للإطار، إنما حكومة مرحلية يريد من خلالها تشكيل حكومة أكثر قوة وسيطرة على كل مفاصل الدولة في العراق”.
 
ويشير إلى أن “فتح ملف إخراج القوات الأمريكية حالياً من قبل الإطار التنسيقي وحكومة السوداني، سيبعث القلق في الحكومة الحالية ويجعل موقف الحكومة الأمريكية وقوات التحالف الدولي بالضد من هذه الحكومة، وهذا ما قد يقوّض وجودها وقلب الرأي الدولي ضدها”.
 
ويؤكد الدعمي أن “حديث إخراج القوات الأمريكية من العراق سيبقى مجرد شعار من الماضي، ولن يتم تفعيل هذا الملف بشكل حقيقي خلال حكومة السوداني، ولهذا نرى أن هناك صمتا على هذا الملف من قبل مًن كانوا ينادون بإخراج تلك القوات سابقاً”.
 
جدير بالذكر، أن استهداف المصالح الأمريكية عبر الطائرات المسيرة والصواريخ، كان حاضرا في ذروة الأزمة السياسية التي استمرت لأكثر من عام، حيث جرت استهدافات عدة ومن أبرزها ضد القاعدة العسكرية الأمريكية قرب مطار بغداد الدولي، وذلك في أيار مايو الماضي.
 
يذكر أن السفيرة الأمريكية لدى العراق إلينا رومانوسكي، عقدت مع رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، لقاءات كثيرة، وكانت من أكثر الشخصيات الدولية التي التقت به، بداية من تكليفه بتشكيل الحكومة وبعد منحه الثقة من البرلمان.
 
بالمقابل، يفيد القيادي في الإطار التنسيقي فاضل موات، خلال حديث لـ”العالم الجديد”، بأن “حكومة السوداني لديها أولويات في الملفات وقد وضعت الأولوية لملف محاربة الفساد وكذلك الخدمات، وهي تبذل جهدا كبيرا بهذه الملفات وحققت نجاحات كبيرة في وقت قياسي جداً”.
 
ويبين موات، أن “ملف إخراج القوات الأمريكية يحظى بأولوية أيضا، وسيتم فتحه خلال المرحلة المقبلة من قبل حكومة السوداني، العازمة على تحقيق تقدم فيه”، مشيرا إلى أن “السكوت حاليا لا يعني ترك الملف، لكن هناك أولويات للحكومة تعمل عليها وفق مخطط زمني”.
 
وفيما إذا كان تشكيل الحكومة من قبل الإطار أدى لإهمال هذا الملف، يجيب بالقول “على العكس، هذا الأمر سيدفع الإطار وقادته، وكذلك مرشحهم لرئاسة الحكومة للعمل على حسم هذا الملف من أجل حفظ سيادة العراق ومنع أي تحركات أجنبية تهدده أمنه القومي”.
 
وكانت واشنطن أكدت دعمها لحكومة السوداني، بأكثر من مناسبة، وعبر مسؤولين رسميين في وزارة الخارجية الأمريكية وغيرهم.
 
ويوم أمس، استقبل السوداني، قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا، وبحثا أوجه التعاون والتنسيق العسكري بين العراق والولايات المتحدة.

إقرأ أيضا