ليست كل شجرة في مهب الريح

أكره هذه الشجرة، تلك التي لا لون لها، لا بالقصيرة، لا بالطويلة، ليست بأقصر الاشجار، ليست بأطول الاشجار، تختفي تحتها السحالي والعقارب، وفي ظل أوراقها تخفي عني الدود الأسود -الذي يقضم ما تبقى من اللحم وينخر العظام، أكره رغبتي في الكره لها، وأكره القرويات اللواتي يقتطعنها عند أول الفجر، لا تستطيل كالعذاب، لا تتمدد كالأنهار، يابسة في لهيب أشعة الشمس، يانعة، كالعلقم، في الشتاء الأحدب، على السفح كأنها بصقة أدمية، بصقة من فم الارض، الريح تقلعها في أي لحظة، أكره أي شجرة في أول هبة ريح تخونها جذورها، وتخون أوراقها الشاحبة ماء الطبيعة، يا أيها الظل المتشقلب على الارض في يوم ريح، لأنك لا تثبت كما أنا، لأنك لا تشبهني في الميلاد والموت، هلا أخذت من صبري هذا الانتماء، ومن صمتي المطبق الأنين الجارف، وهذا الجفاء لكل صنوف الارتياح- كالليالي المقمرة ،أنت لم تكوني في الليالي المقمرة جافة على الدوام …. مثلي، أنت، حتى في الربيع حين ترتوي أوراقك، في الليل يخذلك الأصدقاء الثلاثة، يا أيها الدود المتطاير، لا تأتي في لحظة النجاة، كن وفيا على حد سواء، كن بلا أعداء، بلا أصدقاء، كامرأة ساحلية، ان العمر أقصر من أن نعيد لهذه الارض الصورة الأولى، نحن.. يا أيها الشجر المكروه، أنما نحن قبائل رحل، مثلك يكرهنا الاخر، نقتل جيادنا في الصيف، في الشتاء نركب ظهور الدواب، نرقب الشجر الطويل، يأتي ألينا، نذهب إليه، يحتطب الضيف الدافئ سعادتنا، يتوعد أشجارنا القصيرة بنار لا تنطفئ، ويحب فينا جذور الانتشار.

إقرأ أيضا